توماس فريدمان يحذر: الحكومة الإسرائيلية خطر على اليهود في كل مكان

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الثاني من اليمين) خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء والتي قال خلالها  إن إسرائيل تخوض حربا متعددة الجبهات مع إيران ووكلائها وإنها ستكبد من يُقدم على أي اعتداء عليها ثمنا باهظا (المصدر: الحكومة الإسرائيلية - التاريخ (4 أغسطس آب 2024) - Arab World Press (AWP)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الثاني من اليمين) خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء والتي قال خلالها إن إسرائيل تخوض حربا متعددة الجبهات مع إيران ووكلائها وإنها ستكبد من يُقدم على أي اعتداء عليها ثمنا باهظا (المصدر: الحكومة الإسرائيلية - التاريخ (4 أغسطس آب 2024) - Arab World Press (AWP)
دبي-الشرق

حذّر الصحافي الأميركي توماس فريدمان في مقال رأي كتبه لصحيفة "نيويورك تايمز"، من "خطورة" حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على يهود العالم، ودورها في دفعهم نحو الهجرة إلى الخارج، مشيراً إلى أن الطريقة التي تخوض بها الحرب على غزة تمهد الطريق لإعادة صياغة جوهرية لكيفية النظر إلى الدولة الإسرائيلية واليهود.

واعتبر فريدمان أن الأمر "لن يكون جيداً"، فبدلاً من أن ينظر اليهود إلى إسرائيل كملاذ آمن من "معاداة السامية"، سينظر إليها كمحرك يدفع العقلاء من اليهود للهجرة إلى أستراليا وأميركا، بدلاً من دعوتهم إلى إسرائيل.

وقال: "هذا المستقبل البائس لم يأتِ بعد، ولكن خطوطه العريضة بدأت تتجمع"، مضيفاً أن الطيارين المتقاعدين وجنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، وكذلك ضباط الجيش والأمن المتقاعدين، يرون هذه العاصفة ويهددون بعدم التواطؤ مع سياسة نتنياهو العدمية في غزة.

وأردف: "لقد بدأوا يحثون اليهود في أميركا وغيرها على رفع صوتهم، قبل أن تصبح وصمة العار الأخلاقية المتزايدة للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة غير قابلة للإصلاح".

أهداف نتنياهو من غزة

ولفت فريدمان إلى أن إسرائيل دمّرت قبل أشهر حركة "حماس" باعتبارها "تهديداً عسكريا ووجودياً"، وبالنظر إلى ذلك، يجب على حكومة نتنياهو أن تخبر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والوسطاء العرب أنها "مستعدة للانسحاب من غزة على مراحل لتحل محلها قوة حفظ سلام دولية- عربية ومن السلطة الفلسطينية، شريطة أن يوافق قادة حماس على إعادة جميع الرهائن الأحياء والقتلى المتبقين ومغادرة القطاع".

وتابع: "لكن، حال مضي إسرائيل بدلاً من ذلك في تنفيذ تعهد نتنياهو بإدامة هذه الحرب إلى أجل غير مسمى، في محاولة لتحقيق النصر الكامل على كل من تبقى من حماس، إلى جانب خيال اليمين المتطرف بتخليص غزة من الفلسطينيين وإعادة توطين الإسرائيليين فيها، فمن الأفضل لليهود في جميع أنحاء العالم أن يعدوا أنفسهم وأبناءهم وأحفادهم لواقع لم يعرفوه من قبل: أن يكونوا يهوداً في عالم تكون فيه الدولة اليهودية منبوذة وأن تكون مصدر عار وليس فخر".

وقال فريدمان: "في يوم من الأيام، سيسمح للمصورين والمراسلين الأجانب بالدخول إلى غزة دون حراسة من الجيش الإسرائيلي. وعندما يفعلون ذلك، ويتضح للجميع مدى هول الدمار الذي حدث هناك، فإن رد الفعل العنيف ضد إسرائيل واليهود في كل مكان قد يكون عميقاً".

وأشار الصحافي الأميركي إلى أن "حماس استدعت الرد الإسرائيلي وتستحق القضاء عليها"، واصفاً الحركة بأنها "سرطاناً على الشعب الفلسطيني والإسرائيليين".

واستدرك قائلاً: "كيهودي يؤمن بحق الشعب اليهودي في العيش داخل دولة آمنة في وطنه التوراتي إلى جانب دولة فلسطينية آمنة، فإنني أركز الآن على قبيلتي. وإذا لم تقاوم قبيلتي اللامبالاة المطلقة للحكومة الإسرائيلية تجاه عدد المدنيين الذين يُقتلون في غزة اليوم وكذلك محاولتها للجنوح بإسرائيل نحو الاستبداد في الداخل من خلال التحرك لإقالة النائب العام المستقل، فإن اليهود في كل مكان سيدفعون الثمن غالياً".

وتابع: "لا تأخذوا هذا التحذير مني فقط"، موضحاً تلقيه خلال الأسبوع الماضي رسالة نشرها اثنان من الطيارين السابقين في سلاح الجو الإسرائيلي، وهما العميد أساف أغمون والعقيد أوري أراد (كان ضابطاً في سلاح الجو الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر 1973)، رسالة مفتوحة باللغة العبرية نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، موجهة إلى زملائهم الذين ما زالوا يخدمون في سلاح الجو.

وقال فريدمان: "الرجلان عضوان في منتدى 555 الوطنيين، وهي مجموعة مثيرة للإعجاب تضم حوالي 1700 طيار في سلاح الجو الإسرائيلي، بعضهم متقاعدون وبعضهم لا يزال يخدم كجنود احتياط، والتي تشكلت في الأصل لمقاومة جهود نتنياهو لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية بانقلاب قضائي، إذ أرسل لي أحد قادة المنتدى، وهو طيار متقاعد يدعى جاي بوران، رسالة أغمون وأراد، لأرى إن كان بإمكاني نشرها كمقال في الصحيفة،وأخبرتهم أنني أريد نشر مقتطفات منها بنفسي".

"حرب انتقامية" تخدم مصالح الحكومة

واستعرض فريدمان مقتطفات من الرسالة، التي جاء فيها: "نحن لا نسعى للتقليل من الطبيعة الوحشية للمجزرة التي ارتكبتها حماس في ذلك السبت الملعون (7 أكتوبر 2023)، لكننا نعتقد أن الحرب كانت مبررة تماماً، ولكن، مع استمرار الحرب في غزة، أصبح من الواضح أنها فقدت أغراضها الاستراتيجية والأمنية وأصبحت تخدم في المقام الأول المصالح السياسية والشخصية للحكومة".

وتابعت الرسالة: "لقد أصبح سلاح الجو أداة في يد أولئك الذين يدّعون في الحكومة وحتى في الجيش، أنه لا يوجد أبرياء في غزة.... حتى أن أحد أعضاء الكنيست تباهى مؤخراً بأن أحد إنجازات الحكومة هو القدرة على قتل 100 شخص يومياً في غزة دون أن يصاب أحد بالصدمة، ورداً على مثل هذه التصريحات، نقول بقدر ما كانت مجزرة 7 أكتوبر مروعة، فإنها لا تبرر التجاهل التام للاعتبارات الأخلاقية أو الاستخدام غير المتناسب للقوة المميتة".

وأضافت: "الذروة في ليلة 18 مارس الماضي، مع استئناف الحرب، بعد أن اختارت الحكومة الإسرائيلية عن علم أن تنتهك اتفاق عودة الرهائن، ففي غارة جوية مميتة استهدفت قتل عدد من قادة حماس (تختلف التقارير حول ما إذا كان عددهم بالعشرات أو أقل)، تم تسجيل رقم قياسي جديد، حيث أدت الذخائر التي ألقاها سلاح الجو على الهدف إلى مقتل 300 شخص، بينهم العديد من الأطفال. ولم يتم تقديم أي تفسير مقنع حتى الآن للنتيجة المروعة التي أسفر عنها الهجوم".

وأوضحت الرسالة أنه منذ ذلك الحين "واصلت القوات الجوية غاراتها التي لا هوادة فيها على غزة، إذ يتم قصف مبانٍ بأكملها تضم أطفالاً ونساءً ومدنيين، بزعم القضاء على الإرهابيين أو تدمير البنية التحتية للإرهاب"، مشيرة إلى أنه حتى لو كانت بعض الأهداف مشروعة "فلا يمكن إنكار الضرر غير المتناسب الذي يلحق بالمدنيين غير المتورطين".

وقالت الرسالة: "لم يفت الأوان بعد، نحن ندعو زملاءنا الطيارين في الخدمة الفعلية إلى أن لا يستمروا في تجنب طرح الأسئلة، لأنه سيتعين عليكم تحمل العواقب الأخلاقية لأفعالكم لبقية حياتكم، كما سيتعين عليكم مواجهة أبنائكم وأحفادكم وشرح كيف حدث هذا الدمار الذي لا يمكن تصوره في غزة، وكيف هلك الكثير من الأطفال الأبرياء بآلة القتل القاتلة التي قدتموها".

وأوضح فريدمان أنه بعد ساعات قليلة من حصوله على الرسالة، أرسل له نمرود نوفيك، وهو مستشار كبير للسياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، رسالة مفتوحة أخرى بتاريخ 8 يونيو، كانت من منظمة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، إذ حثت أصوات يهود الشتات على "التحدث ضد الجنون في غزة قبل أن يستهلكهم هو أيضاً".

واستعرض الصحافي الأميركي جزء منها، جاء فيه: "بصفتنا حركة قادة من أجل أمن إسرائيل، التي تضم أكثر من 550 من كبار المسؤولين المتقاعدين من أجهزة الدفاع والأمن والدبلوماسية الإسرائيلية، فإن مهمتنا تأمين مستقبل إسرائيل كوطن قوي وديمقراطي للشعب اليهودي".

وأضافت الرسالة: "أدت الأحداث الأخيرة إلى نقاشات عاطفية وأحياناً مؤلمة داخل المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم، لا سيما فيما يتعلق بالوضع في غزة، وقد أعرب الكثيرون في الشتات عن مخاوفهم علناً، ونتيجة لذلك، واجه البعض انتقادات لاذعة، فقد اتُهموا بإضعاف إسرائيل أو خيانة ارتباطهم بالدولة اليهودية... نرفض رفضاً قاطعاً الفكرة القائلة بأن على يهود الشتات أن يلتزموا الصمت في الأمور المتعلقة بإسرائيل، ولأولئك الذين يخشون من أن النقد العلني يقوض إسرائيل، نقول إن الحوار المفتوح والصادق يعزز ديمقراطيتنا وأمننا".

واختتم فريدمان مقاله بالتعليق على الرسالة بـ3 ردود، قال فيها: "أولاً: آمين، ثانياً: هذا ما يبدو عليه التأييد لإسرائيل، فيما ثالثاً: حان الوقت لحركة مماثلة تندد بتجاوزات حماس الدنيئة، إذ لا ينبغي لأحد أن يقبل أن تطيل حماس أمد الحرب لتبقى في السلطة، لا شيء من شأنه أن يضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار أكثر من أن يتم التنديد بها في جميع أنحاء العالم، في الجامعات وفي مظاهرات من أولئك الذين كانوا يمنحون هذه الحركة تصريحاً مجانياً. هذا هو معنى أن تكون مؤيداً للفلسطينيين".

تصنيفات

قصص قد تهمك