خلص تقييم للاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، الثلاثاء، إلى أن الهجمات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، أخرت برنامج طهران النووي "ولم تدمره"، فيما اعتبر البيت الأبيض، أن هذا التقييم الأولي الأميركي "خاطئ تماماً"، وقد تم تصنيفه على أنه "سري للغاية".
والتقييم الأولي الأميركي أعدته وكالة استخبارات الدفاع، ذراع الاستخبارات الرئيسية لوزارة الدفاع "البنتاجون" وواحدة من 18 وكالة استخبارات أميركية، بحسب ما ذكره مصدران لوكالة "رويترز".
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن نتائج التقرير تشير إلى أن تصريح الرئيس دونالد ترمب بأن القوات الأميركية "قد دمرت" خلال ضربات نهاية الأسبوع الماضي، المنشآت النووية الإيرانية كان "مبالغاً فيه"، على الأقل بناء على التقييم الأولي للأضرار.
كما يتعارض التقرير مع تصريحات مسؤولين أميركيين كبار، منهم وزير الدفاع بيت هيجسيث، إذ قالوا إن هجمات نهاية الأسبوع الماضي، التي استخدمت مزيجاً من القنابل الخارقة للتحصينات والأسلحة التقليدية، قضت على أساس البرنامج النووي الإيراني.
وأشارت 3 مصادر لشبكة CNN الأميركية، إلى أن التقرير استند على تقييم الأضرار الميداني الذي أجراه الجيش الأميركي بعد الضربات، عبر القيادة المركزية الأميركية CENTCOM.
ووفقاً للشبكة، لا يزال التحليل الشامل للأضرار الناتجة عن الضربات وتأثيرها على الطموحات النووية الإيرانية جارياً، وقد تتغير نتائجه مع توفّر مزيد من المعلومات الاستخباراتية.
"أشهر أو سنوات"
وذكر مصدران، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم يُدمّر، بينما أشار أحد المصادر، إلى أن أجهزة الطرد المركزي ما تزال "سليمة إلى حد كبير".
وأضاف المصدر: "تقييم وكالة استخبارات الدفاع يشير إلى أن الضربة الأميركية أخرت البرنامج الإيراني لأشهر معدودة، في أفضل الأحوال"، فيما ذكر مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تقدّر أن الضربات الأميركية والإسرائيلية أخّرت برنامج طهران النووي "عدة سنوات"، ولكنها "لم تدمره بالكامل".
وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية كانت قد ذكرت قبل هجوم ليلة السبت على المواقع النووية الإيرانية، إنه إذا حاولت طهران الإسراع في صنع قنبلة نووية، فسيستغرق الأمر قرابة 3 أشهر.
ولفتت إلى أنه بعد القصف الأميركي والهجمات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي، فإن تقرير الاستخبارات العسكرية يشير إلى أن البرنامج الإيراني تأخر بأقل من 6 أشهر.
"تقييم مزعوم وخاطئ"
من جانبه، اعترف البيت الأبيض بوجود هذا التقييم الاستخباراتي الأميركي، لكنه رفض نتائجه. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان لشبكة CNN، إن "هذا التقييم المزعوم خاطئ تماماً، وقد تم تصنيفه على أنه سري للغاية".
وأشارت إلى أن "شخصاً مجهولاً ومنخفض المستوى في مجتمع الاستخبارات سرب هذا التقييم"، معتبرةً أنها "محاولة واضحة للتقليل من شأن الرئيس ترمب، والإساءة إلى الطيارين الشجعان الذين نفذوا مهمة مثالية لتدمير البرنامج النووي الإيراني".
وأردفت: "الجميع يعلم ما الذي يحدث عندما تُسقط 14 قنبلة، كل واحدة تزن 30 ألف رطل، على أهدافها بدقة: دمار كامل".
ومن المتوقع أن يكون تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية في فوردو وأصفهان ونطنز مهمة صعبة، ووكالة المخابرات الدفاعية ليست الوكالة الوحيدة المكلفة بهذه المهمة. وقال أحد المصادر لـ"رويترز"، إن "التقييم لم يكن مقبولاً بشكل عام، وأثار خلافاً كبيراً".
وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "الولايات المتحدة لا تعرف مدى الضرر حتى الآن". ومع ذلك، أشار التقييم الأولي، إلى أن الهجمات ربما لم تكن ناجحة بالقدر الذي تتحدث عنه إدارة ترمب.
وقال أحد المصادر لـ"رويترز"، إنه "لم يتم القضاء على مخزونات اليورانيوم المخصب في إيران، وفي الواقع ربما يكون البرنامج النووي الإيراني قد تراجع شهراً أو شهرين فحسب".
لكن من المبكر، بحسب ما ذكره مسؤولان لـCNN، أن تمتلك الولايات المتحدة صورة شاملة عن حجم تأثير الضربات، إذ لم يوضّح أي من المصادر كيف يتوافق تقييم وكالة استخبارات الدفاع مع تقييمات وكالات الاستخبارات الأميركية الأخرى.
ولا تزال الولايات المتحدة تجمع معلومات استخباراتية، بما في ذلك من داخل إيران، لتقدير حجم الأضرار.
وكانت إسرائيل نفذت ضربات على منشآت نووية إيرانية على مدى أيام قبل بدء العملية الأميركية، لكنها أشارت إلى حاجتها إلى القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات، التي يبلغ وزنها 30 ألف رطل، لإتمام المهمة.
وألقت قاذفات B-2 الأميركية، 14 قنبلة على منشأتين نوويتين، هما منشأة "فوردو" لتخصيب الوقود، ومجمع "نطنز" للتخصيب.
إلا أن هذه الضربات لم تؤد إلى القضاء الكامل على أجهزة الطرد المركزي، ولا على مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، بحسب مصادر مطلعة على التقييم.
وبدلاً من ذلك، تركزت الأضرار في المواقع الثلاثة، فوردو ونطنز وأصفهان، على البُنى التحتية فوق الأرض، والتي تعرضت لأضرار جسيمة، بحسب المصادر.
وشملت تلك الأضرار منشآت توليد الطاقة، وبعض البُنى العلوية المستخدمة في تحويل اليورانيوم إلى معدن يُستخدم في صناعة القنابل.
وكانت تقارير أميركية سابقة أثارت تساؤلات بشأن مدى فعالية القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات في تدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة بعمق، وخصوصاً منشأتي فوردو وأصفهان، وهما من أكبر المراكز النووية في البلاد.
وأفاد مصدران مطلعان، بأن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن إيران لا تزال تحتفظ بمرافق نووية سرية لم تُستهدف خلال الضربات، وما تزال تعمل حتى الآن.