تستعد المفوضية الأوروبية ( أعلى سلطة تنفيذية في الاتحاد الأوروبي) لتشديد القيود على دول التكتل التي تنتهك المعايير الديمقراطية، من خلال ربط صرف مليارات اليوروهات من التمويلات، بالامتثال للمعايير الأوروبية.
وذكرت مجلة "بوليتيكو" أن الحكومات، وعلى وجه الخصوص المجر، التي خالفت معايير سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي من خلال قمع استقلال القضاء وحرية الإعلام، أصبحت مهددة بخسارة جزء كبير من التمويل القادم من الميزانية المركزية للاتحاد الأوروبي.
وبحسب وثيقة اطّلعت عليها المجلة، فإن خطة الإنفاق الخاصة بالاتحاد الأوروبي للفترة 2028-2034، والتي من المقرر نشرها الأربعاء المقبل، وتشكل بداية مفاوضات شاقة قد تمتد لعدة سنوات، ستُوسّع من ربط التمويلات بتراجع الديمقراطية.
ورجّحت "بوليتيكو" أن تزيد هذه الخطوة من حدة التوتر بين المفوضية الأوروبية ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي يواجه احتمالاً حقيقياً لفقدان السلطة بعد 15 عاماً في الحكم، خلال الانتخابات المقررة لعام 2026.
علاقة متوترة
ولطالما كانت علاقة رئيس الوزراء المجري بالمشرّعين الأوروبيين وحكومات الدول الأعضاء متوترة، إذ تعرض لانتقادات بسبب ما يُنظر إليه على أنه "سياسات موالية لروسيا وتوجهات استبدادية".
وبينما كان الاتحاد الأوروبي قد اتخذ بالفعل إجراءات ضد المجر وجمّد جزءاً من التمويلات، قام أوربان بالمقابل بإعاقة الجهود الأوروبية لمعاقبة موسكو، إلا أن الميزانية القادمة "ستتضمن نظاماً موحداً ومبسّطاً للربط المشروط بجميع أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة للدول الأعضاء"، حسب ما جاء في الوثيقة.
وتسعى المفوضية إلى التخلص من النظام الحالي الذي يسمح، كما ورد في الوثيقة، بأن "تلجأ الدول الأعضاء التي تواجه مشكلات معينة إلى تحويل الاستثمارات بين البرامج لتجنّب الخضوع لشروط معيّنة".
ودعمت عدة دول في الاتحاد الأوروبي تشديد الربط بين سيادة القانون والتمويل في مذكراتها الموجّهة إلى المفوضية قبيل اقتراح الميزانية. وبعد نشر المقترح، ستبدأ الدول الأعضاء مفاوضاتها بشأن النص النهائي، وهي عملية طويلة لا يُتوقّع الانتهاء منها قبل عام 2027.
وقالت فنلندا في مذكرتها حول الميزانية الجديدة، التي اطلعت عليها "بوليتيكو": "يجب تطبيق لائحة الشرطية (Conditionality Regulation) على جميع تمويلات الاتحاد الأوروبي".
أما المجر، فقد ردّت في مذكرتها بالقول إن هذه القواعد "تسمح بممارسة ضغوط سياسية تعسفية في مجالات لا علاقة لها بحماية ميزانية الاتحاد".
وكررت سلوفاكيا، التي واجهت بدورها انتقادات بشأن قضايا تتعلق بسيادة القانون، نفس الحجج تقريباً في مذكرتها الخاصة.
خارج السلطة
وذكرت "بوليتيكو" أن المجر خسرت بالفعل 18 مليار يورو من التمويلات التي تم تعليقها بسبب انتهاكاتها للقوانين الأوروبية خلال السنوات الماضية.
ويُروّج أوربان حالياً لحملة انتخابية ذات خطاب معادٍ للاتحاد الأوروبي، ومن غير المرجّح أن يتخذ خطوات لاستعادة تلك الأموال قبل الانتخابات.
وبحسب دبلوماسي أوروبي، فإن المفوضية تستغلّ نقاط ضعف أوربان الداخلية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تقدّم منافسه المحافظ الموالي للاتحاد الأوروبي، بيتر ماجيار، لطرح قواعد أكثر صرامة.
وبما أن العواصم الأوروبية لن تصوّت على القواعد الجديدة قبل عام 2027، فهناك احتمال بأن يكون أوربان خارج السلطة قبل اعتماد الميزانية.
ويُعرب مسؤولون في المفوضية عن ثقتهم بأن حكومة يقودها ماجيار ستسعى إلى إصلاح العلاقات مع بروكسل وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من الاتحاد الأوروبي من أجل الوصول إلى التمويلات المجمدة.