وسط تلويح بمعاقبة المجر.. تحركات أوروبية لإقناع أوربان بتمرير مساعدات أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 30 يونيو 2023 - REUTERS
رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 30 يونيو 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

قال مسؤولون ودبلوماسيون أوروبيون، إن زعماء دول الاتحاد الأوروبي يفكرون في طرق تمكنهم من منع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، من إضعاف دعم بروكسل لأوكرانيا، وذلك بعد منعه حزمة المساعدات المالية الحاسمة من الاتحاد إليها مؤخراً، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، مشيرة إلى أن من بين الطرق المطروحة إمكانية تفعيل "المادة 7" ضد المجر، وحرمانها من بعض حقوق الدول الأعضاء.

وقالت الصحيفة، الاثنين، إن "تعنت أوربان في الموافقة على إرسال المساعدات إلى أوكرانيا يمثل نقطة انخفاض جديدة في علاقاته مع الكتلة". 

وكان أوربان قد تراجع بشكل غير متوقع في قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس الماضي، عن رفض مفاوضات انضمام كييف إلى الاتحاد بعد أن أقنعه المستشار الألماني، أولاف شولتز، بمغادرة الغرفة لتناول القهوة، ثم قام بعدها بالامتناع عن التصويت، وذلك على الرغم من أنه ظل لأسابيع يشير إلى أنه سيقاوم أي تحرك لبدء المحادثات بشأن هذا الأمر.

وتابعت الصحيفة: "ولكن بعد ساعات قليلة أفسد أوربان لحظة الاحتفال في كييف، وأسعد الكرملين، من خلال استخدامه حق النقض (الفيتو) ضد حزمة المساعدات المالية البالغ قيمتها 50 مليار يورو لمدة أربع سنوات لكييف". 

واعتبرت الصحيفة، أن رفض أوربان السعي إلى التوصل إلى حل وسط بشأن قضية أمنية أساسية في الاتحاد الأوروبي، "كانت سبباً في استياء العديد من مسؤولي الاتحاد". 

ونقلت الصحيفة عن دانييل هيجيدوس، وهو زميل بارز في مؤسسة "صندوق مارشال" الألمانية البحثية، قوله: "ما حدث كان نقطة ضعف بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ونقطة عالية جديدة من التصعيد من جانب أوربان".

ووفقاً لـ "فاينانشيال تايمز"، فإنه طوال معظم سنواته الثلاثة عشر في السلطة، استخدم أوربان علاقته العدائية مع الاتحاد الأوروبي لحشد الناخبين وانتزاع التنازلات المالية من بروكسل، لكن مسؤولي الاتحاد يتحركون الآن لـ"الحد من قدرته على إحباط أجندة الكتلة".

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي، لم تكشف هويته، قوله: "أوربان يتبنى سلوكاً نعرفه جميعاً، فالمال هو ما يحركه".

مواقف أوربان تجاه الاتحاد الأوروبي

وكان أوربان قد أطلق حملة إعلانية ضد الاتحاد الأوروبي، في عام 2019، والتي كانت تصور رئيس المفوضية الأوروبية آنذاك، جان كلود يونكر، على أنه "دمية في يد الملياردير المجري جورج سوروس"، ومع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو المقبل، عادت ملصقات مماثلة إلى الظهور مؤخراً في شوارع بودابست تُظهر أورسولا فون دير لاين، خليفة يونكر، مع أليكس سوروس، نجل الملياردير المجري.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى تشكيك أوربان الدائم في الاتحاد الأوروبي، ووصفه نفسه بأنه "ديمقراطي غير ليبرالي"، فقد تبنى مواقف صارمة في العديد من مؤتمرات القمة السابقة، حيث تعهد بعرقلة ميزانية الاتحاد الأوروبي البالغة 1.8 تريليون يورو وصندوق التعافي من الأوبئة في عام 2020 وحزمة مساعدات بقيمة 18 مليار يورو لأوكرانيا قبل عام، ولكنه تراجع. 

ويقول دبلوماسي أوروبي آخر للصحيفة: "أوربان لا يتصرف وفقاً لأيدولوجية على الإطلاق، فلا ينبغي أن نقلل من أنه يحب أن يكون في مركز الاهتمام".

ولكن في الفترة التي سبقت قمة الأسبوع الماضي، واجه زعماء الاتحاد الأوروبي صعوبة في فهم ما يريده الزعيم المجري تحديداً، "فهل كان ينفذ أوامر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أم أنه كان يحاول دفع بروكسل للإفراج عن الأموال المجمدة لبودابست؟"، حسب الصحيفة. 

ولفتت "فاينانشيال تايمز"، إلى أنه في اليوم السابق لاجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وافقت المفوضية على الإفراج عن 10 مليارات يورو من الأموال المجمدة للمجر، بحجة أنها قامت بإصلاحات لتعزيز استقلال القضاء، وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إنه "تم منح البلاد هذا الامتياز على أساس الجدارة، ولكن التوقيت كان مفيداً أيضاً".

ولطالما أكد أوربان وحلفاؤه، أن معارضته لمساعدة أوكرانيا ليست مرتبطة بتمويل الاتحاد الأوروبي لبلاده، ولكن مع اقتراب القمة من نهايتها، يوم الجمعة الماضي، حدد رئيس الوزراء المجري، السعر الذي يريده مقابل موافقته على تمويل كييف، وهو الإفراج عن 20 مليار يورو من الأموال المخصصة للمجر. 

وقال أوربان للإذاعة العامة المجرية: "إنها فرصة عظيمة لبودابست لكي توضح أنها يجب أن تحصل على ما تستحقه.. ليس النصف أو الربع، بل كل ما تحتاجه، فنحن نطالب بمعاملة عادلة، والآن لدينا فرصة جيدة لتحقيق ذلك". 

عضوية أوكرانيا بالاتحاد

وأشار الزعيم المجري أيضاً، إلى أنه "لا يزال أمامه 75 فرصة لعرقلة عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد"، وذلك لأن كل مرحلة تتطلب موافقة بالإجماع من أعضاء الاتحاد الأوروبي، ومما يزيد الأمور تعقيداً أن المجر ستتولى الرئاسة الدورية للكتلة لمدة ستة أشهر في يوليو المقبل، وهو ما يمثل فرصة محتملة أخرى لممارسة الضغط، حسب الصحيفة.

 ومع ذلك، فإنه من المرجح أن يواجه أي إفراج عن أموال للمجر معارضة شديدة داخل الكتلة، إذ انتقد أعضاء البرلمان الأوروبي ما وصفته الصحيفة بـ "العمولة" التي حصلت عليها المجر، الأسبوع الماضي، البالغة 10 مليارات يورو، ووصفها الألماني دانييل فرويند، عضو البرلمان الأوروبي، بأنها "تمثل ابتزازاً".

ويتم حجب مبلغ العشرين مليار يورو المتبقي المستحق للمجر بموجب آلية شروط جديدة تمنح بروكسل النفوذ الذي تحتاجه لعكس انتهاكات الديمقراطية وسيادة القانون، ويقول مسؤولون أوروبيون إن "الاستسلام لبودابست سيضر بمصداقية الاتحاد بشدة". 

وقال الدبلوماسي البارز في الاتحاد، الذي تحدث إلى الصحيفة: "في حال مضينا قدماً في هذا الاتجاه، فيجب علينا أن ندرك إلى أين سيأخذنا ذلك، ولكن يجب علينا حماية نزاهة العملية". 

تفعيل المادة 7

وقد فكر بعض مسؤولي الاتحاد في إعادة تفعيل "إجراءات عقوبة المادة 7" الخاصة بانتهاكات سيادة القانون، والتي يمكن أن تؤدي إلى تعليق حقوق الدول الأعضاء في التصويت، ولكن العديد من الدول تشعر بالقلق إزاء استخدام هذه الإجراءات التي يُنظر إليها باعتبارها "أكبر سلاح" في الاتحاد ضد دولة عضو. 

ويقول المسؤولون، إن الأولوية تتمثل الآن في إقناع أوربان بالتراجع عن موقفه الخاص بتمويل أوكرانيا من خلال توضيح ما وصفه أحدهم بـ "التكاليف الكاملة" لهذا الموقف. 

وفي حال فشل ذلك، فمن الممكن أن تتوصل الدول الأعضاء الستة والعشرون الأخرى في الاتحاد إلى اتفاق من تلقاء نفسها، رغم أن الأمر سيستغرق بعض الوقت ولن يقدم سوى حل قصير الأجل فقط. 

ويقول مسؤول ثالث رفيع المستوى في الاتحاد كان حاضراً في القمة للصحيفة: "ربما تستطيع المجر خلق المزيد من المشاكل، وربما تستطيع أن تجبرنا على استخدام بعض الأدوات المختلفة، ولكنها في نهاية المطاف لن تستطيع أن تمنعنا من تقديم الأموال لأوكرانيا". وأضاف: "فهو ليس دمية في يد بوتين، كما قد يظن البعض". 

والمادة 7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، هي إجراء لتعليق بعض حقوق دولة عضو. وبينما يمكن تعليق الحقوق، لا توجد آلية لطرد دولة ما من الاتحاد.

ويتم تطبيق هذه المادة عندما يقرر أعضاء الاتحاد،  أن أحد الأعضاء "ينتهك باستمرار القيم التأسيسية للاتحاد الأوروبي (احترام كرامة الإنسان والحرية والديمقراطية والمساواة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات)".

ويمكن للمجلس الأوروبي التصويت على تعليق أي من حقوق العضوية، مثل التصويت والتمثيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك