أعلنت الرئاسة الروسية الأربعاء، أن موسكو وواشنطن لم ترتقيا بعد إلى مستوى الشراكة، بل لا تزالان خصمين، على الرغم من القمة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف الشهر الماضي، ومحادثات "الاستقرار الاستراتيجي" بين البلدين.
وجاءت تصريحات الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، رداً على تصريحات لبايدن هاجم فيها بوتين، واتهمه بأنه "يقود اقتصاداً لا يمتلك شيئاً سوى الأسلحة النووية وآبار النفط". وهي التصريحات التي وصفها الكرملين بأنها "غير صحيحة في جوهرها".
وكان بايدن قال خلال زيارته مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية الثلاثاء، إن بوتين "يجلس على رأس اقتصاد لديه أسلحة نووية ونفط، ولا شيء آخر، إنه يعلم أنه في ورطة حقيقية، ما يجعله أكثر خطورة بالنسبة لي".
وردّ بيسكوف الأربعاء، على تصريحات بايدن بانتقاد فريق العمل الذي يعدّ لبايدن كلماته، قائلاً إن نوعية المعلومات الأساسية التي يعدّها موظفو البيت الأبيض "رديئة".
وقال بيسكوف للصحافيين بحسب ما نقلت عنه وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، إن بايدن أدلى بهذا الموقف أمام 120 من ممثلي مجتمع الاستخبارات، وهو "جمهور يطلب مثل هذه التصريحات الشجاعة، لكن من الواضح أيضاً أن الرئيس يعبّر عن الرسائل التي يعدّها موظفوه ومساعدوه، وهنا تظهر المعرفة والفهم الخاطئان لروسيا الحديثة".
وأضاف بيسكوف: "الجزم بأن روسيا ليس لديها أي شيء آخر هو خطأ جوهري. ربما كان على المساعدين إعداد معلومات أساسية للسيد بايدن تفيد بأن حصة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الروسي في عام 2020 كانت 15.2%، بعد أن كانت الحصة 16.9% عام 2017، و46% عام 2010، أي أن هناك انخفاض مستمر".
"قلق" روسي من الاستخبارات الأميركية
ورداً على تصريح بايدن بأن بوتين "يعلم أن الاستخبارات الأميركية أفضل من نظيرتها في موسكو"، قال الناطق باسم الكرملين إن " تأكيد مَن هو الأقوى ومَن هو الأضعف قد يكون مهمة غير مرغوب فيها"، لافتاً إلى أن لدى روسيا "الكثير لتفخر باستخباراتها".
وأضاف بيسكوف: "أولاً، الاستخبارات الأميركية الخاصة تعمل عندنا، وهذا بالطبع يقلقنا، لقد كانت منذ عصور بعيدة ولا تتوقف، لكن تأكيد مَن هو الأقوى ومَن هو الأضعف قد يكون مهمة غير مرغوب فيها".
وتابع: "بطبيعة الحال، سيكون من الغريب أن يخبر رئيس الدولة الأميركية ضباط استخباراته بشيء آخر، لكن صدقوني، لدينا الكثير من الأسباب لنفخر بضباط استخباراتنا وضباط مكافحة التجسس".
"أوهام" قمة جنيف
ودعا بيسكوف إلى "عدم الانغماس في الأوهام" والمبالغة في الأهمية المرتبطة بقمة بوتين وبايدن التي عُقدت في جنيف منتصف الشهر الماضي، قائلاً إنها "كانت مفاوضات مباشرة جداً، كانت مفيدة وبناءة، ولكنها مباشرة، وحددت بوضوح النقاط التي لدينا خلافات جدية بشأنها".
وتابع: "أما بالنسبة للأمن السيبراني والاستقرار الاستراتيجي، فالاتصالات جارية، هذه ميزة إضافية، ولكن ارتداء نظارات وردية واعتبار جنيف عتبة معينة عبرناها ودخلنا من خلالها عصر الشراكة والتحالف، فسيكون ذلك أمر غير معقول".
وأوضح بيسكوف أن روسيا والولايات المتحدة ليستا شريكتين بل خصمين، قائلاً: "لا يمكننا أن نطلق عليهم (الأميركيين) شركاء الآن، بل هم خصومنا أو نظراؤنا، حتى الآن، للأسف، ليس لدينا معهم برامج ولا علاقات شراكة، على الرغم من أنكم تعلمون أن الرئيس بوتين أظهر مراراً إرادة سياسية لتطبيع هذه العلاقات".
حوار "الاستقرار الاستراتيجي"
تأتي هذه التصريحات في وقت تُعقد في جنيف الأربعاء، محادثات "الاستقرار الاستراتيجي" بين مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وروسيا، لتحديد معالم الأجندة المستقبلية للحد من التسلح بين البلدين.
وتتم هذه المحادثات بعدما اتفق عليها الرئيسان بايدن وبوتين خلال قمة جنيف منتصف الشهر الماضي، كما اتفقا أيضاً على بدء المشاورات بشأن الأمن السيبراني وتبادل الأسرى.
وتتضمن تعريف "الاستقرار الاستراتيجي"، والتهديدات المحتملة، وأولويات السياسة الخارجية، ومستقبل الحد من التسلح، وسط اعتراف مشترك بأن تحديات الحد من التسلح تتجاوز الأسلحة النووية بعيدة المدى.
وتشمل أجندة المباحثات إضافة إلى القضايا النووية، الفضاء وتكنولوجيا الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، والتداعيات العسكرية للذكاء الاصطناعي، والسياسات السيبرانية.
لا تواصل "حالياً"
ورداً على سؤال عن اتصالات بوتين الشخصية مع الرئيسين الأميركيين السابقين باراك أوباما وجورج بوش الابن، أكد بيسكوف للصحافيين أن بوتين لا يتواصل بشكل شخصي مع أي من الرؤساء الأميركيين السابقين، قائلاً: "لا توجد اتصالات شخصية في الوقت الحالي".