بكين ترد على واشنطن: الإكراه والضغط لن يُحققا شيئاً

رغم توافق محتمل.. الصين تتحدى تهديدات ترمب بشأن شراء النفط الروسي والإيراني

ناقلة نفط خام قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانج الصينية. 4 يناير 2023 - via REUTERS
ناقلة نفط خام قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانج الصينية. 4 يناير 2023 - via REUTERS
دبي -الشرق

في وقت تُبدي فيه كل من الصين والولايات المتحدة تفاؤلاً وحسن نية بشأن التوصل إلى اتفاق للحفاظ على استقرار العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد تخفيف الرسوم الجمركية الباهظة والقيود التجارية القاسية، ردت بكين بحزم على مطالب واشنطن بوقف شراء النفط من إيران وروسيا

ونشرت الخارجية الصينية على موقعها الإلكتروني، الأربعاء الماضي، عقب يومين من المفاوضات التجارية في ستوكهولم، بياناً ردت من خلاله على التهديد الأميركي بفرض رسوم جمركية بنسبة 100%، جاء فيه: "ستضمن الصين دائماً إمداداتها من الطاقة بما يخدم مصالحنا الوطنية".

وأضافت الوزارة في بيانها: "الإكراه والضغط لن يُحققا شيئاً. ستدافع الصين بحزم عن سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية".

ويؤكد هذا الرد على ثقة الصين في اتخاذ موقف حازم عند التعامل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خاصةً عندما ترتبط التجارة بسياساتها في مجال الطاقة والخارجية.

وفي محاولتها تقييد مبيعات النفط من جانب روسيا وإيران، وهو المصدر الرئيسي للإيرادات لكلا البلدين، تريد الولايات المتحدة تقليص التمويل المتاح لجيشيهما، في حين تواصل موسكو الحرب ضد أوكرانيا.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، بعد المحادثات فيما يتعلق بمشتريات النفط الروسي، إن "الصينيين يأخذون سيادتهم على محمل الجد"، مضيفاً: "لا نريد المساس بسيادتهم، لذا فهم يرغبون في دفع رسوم جمركية بنسبة 100%".

والخميس، وصف بيسنت المفاوضين الصينيين بـ"الصارمين"، لكنه قال لشبكة CNBC، إن معارضة الصين "لم تُعرقل المفاوضات (...) أعتقد أننا نملك مقومات التوصل إلى اتفاق".

وتعتمد الصين على النفط من روسيا وإيران، إذ يُقدّر تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية لعام 2024 أن ما يقارب من 80 إلى 90 % من النفط الذي تُصدّره إيران ذهب إلى الصين، في حين يستفيد الاقتصاد الصيني من أكثر من مليون برميل من النفط الإيراني الذي تستورده يومياً.

وتُعدّ الصين زبوناً مهماً لروسيا، لكنها تأتي في المرتبة الثانية بعد الهند في شراء صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً.

وفي أبريل الماضي، ارتفعت واردات الصين من النفط الروسي بنسبة 20% مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى أكثر من 1.3 مليون برميل يومياً، وفقاً لمعهد KSE، وهو مركز تحليلي في كلية كييف للاقتصاد.

موقف صيني ثابت

وعندما كشف ترمب عن خطة شاملة لفرض رسوم جمركية على عشرات الدول في أبريل الماضي، كانت الصين الدولة الوحيدة التي ردّت على ذلك، إذ رفضت الرضوخ للضغوط الأميركية.

وفي الإطار، قال تو شين تشوان، مدير معهد الصين لدراسات منظمة التجارة العالمية في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولية في بكين، في تصريحات لـ"أسوشيتد برس": "إذا كانت الولايات المتحدة عازمة على فرض رسوم جمركية، فستُقاتل الصين حتى النهاية، وهذا هو الموقف الرسمي الثابت للصين".

ويرى تو، أنه بغض النظر عن تكتيكات التفاوض، قد تشك الصين أيضاً في أن الولايات المتحدة لن تُنفذ تهديدها، مُشكّكة في الأهمية التي يُوليها ترمب لمواجهة روسيا.

وفي موقف مشابه، قال سكوت كينيدي، كبير المستشارين ورئيس مجلس أمناء قسم الأعمال والاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه "من غير المُرجّح أن تُغيّر بكين موقفها، عندما ترى تناقضات في أهداف السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا وإيران، في حين أن دعم بكين السياسي لموسكو ثابت وواضح".

وأضاف: "من المحتمل أن ترغب بكين في استخدامها كأداة تفاوضية أخرى لانتزاع المزيد من التنازلات من ترمب".

وقال داني راسل من معهد سياسات جمعية آسيا، إن بكين ترى نفسها الآن "الطرف المسيطر على صراعها مع واشنطن". 

وأضاف أن ترمب أوضح رغبته في "صفقة تجذب الانتباه مع شي، لذا فإن رفض طلب الولايات المتحدة بوقف شراء النفط من إيران أو روسيا ربما لا يُعتبر عائقاً، حتى لو تسبب في خلاف وتأخير".

وقال راسل إن استمرار شراء النفط من روسيا يحافظ على "التضامن الاستراتيجي" بين الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ويُقلل بشكل كبير من التكاليف الاقتصادية على الصين.

وتابع: "ببساطة، لا تستطيع بكين التخلي عن النفط من روسيا وإيران. إنه مصدر طاقة استراتيجي بالغ الأهمية، وبكين تشتريه بأسعار بخسة".

وبعد أن طرح البرلمان الإيراني خطة لإغلاق مضيق هرمز في يونيو الماضي، عقب الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، عارضت الصين إغلاق هذا الطريق الحيوي لنقل النفط.

ضرائب على الهند

والأسبوع الماضي، صرّح ترمب بأن الولايات المتحدة ستفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على البضائع القادمة من الهند، بالإضافة إلى ضريبة استيراد إضافية بسبب شراء الهند للنفط الروسي. 

من جانبه، قال ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض وكبير مستشاريه السياسيين، إن ترمب كان واضحاً في أنه "من غير المقبول" أن تستمر الهند في تمويل حرب أوكرانيا من خلال شراء النفط من روسيا.

وقال ميلر في تصريحات لشبكة Fox News: "سيُصدم الناس عندما يعلمون أن الهند مرتبطة بشكل أساسي بالصين في شراء النفط الروسي. الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تكون أكثر جدية في التعامل مع تمويل هذه الحرب".

بدوره، يدفع السيناتور الجمهوري المقرب من ترمب، ليندسي جراهام، باتجاه فرض عقوبات ورسوم جمركية على روسيا وداعميها الماليين، إذ قدم في أبريل مشروع قانون يُخول الرئيس بفرض رسوم جمركية تصل إلى 500%، ليس فقط على روسيا، بل على أي دولة تشتري "عن قصد" النفط أو اليورانيوم أو الغاز الطبيعي أو المنتجات البترولية أو المنتجات البتروكيماوية من روسيا.

وكان جراهام قال في بيان صدر في يونيو الماضي: "يهدف هذا التشريع إلى كسر حلقة الصين التي تشتري النفط بأقل من سعر السوق من روسيا، ما يُمكّن آلته الحربية من قتل المدنيين الأوكرانيين الأبرياء".

ويحظى مشروع القانون بتأييد 84 عضواً في مجلس الشيوخ المكون من 100 مقعد، وقد طُرحت نسخة مماثلة في مجلس النواب، التي تحظى أيضاً بدعم من الحزبين. ويقول الجمهوريون إنهم على استعداد للمضي قدماً في تشريع العقوبات، إذا طلب منهم ترمب ذلك، لكن مشروع القانون مُعلّق حالياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك