أكدت سفيرة أوكرانيا لدى الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، استعداد بلادها الكامل لأي مبادرة تؤدي إلى وقف القتال وإحلال السلام، مشددة على التزام كييف المستمر بالحلول السلمية، وحرصها على إنهاء الحرب، مضيفة: "فلنوقف القتال، ثم ننتقل إلى الدبلوماسية".
وقالت ماركاروفا، في مقابلة مع برنامج Face the Nation على قناة CBS الأميركية، الأحد، قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة (15 أغسطس) في ألاسكا، إن كييف "تُصلي لأن يكون الرئيس ترمب فعّالاً وأن يحقق نتائج كبيرة".
وأشارت إلى أن بلادها وافقت على الوقف الكامل أو الجزئي أو أي نوع من وقف إطلاق النار، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن "أوكرانيا لم تبدأ هذه الحرب"، بل إن بوتين "هو مَن بدأها في عام 2014، وواصلها من خلال غزوه الشامل في عام 2022".
وأعربت ماركاروفا عن أملها في أن تُسفر تحركات الرئيس الأميركي، إلى جانب "حزم العقوبات المطروحة، والعقوبات الثانوية التي طُبقت بالفعل ضد مَن يساعدون روسيا"، عن إقناع الرئيس الروسي بأن الوقت قد حان لـ"وقف عدوانه".
لقاء ترمب وبوتين.. هل ينضم زيلينسكي؟
ورداً على سؤال بشأن إمكانية عقد اجتماع ثلاثي يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جانب ترمب وبوتين، قالت ماركاروفا إن "الدبلوماسية تتطلب أحياناً تنسيقات واجتماعات مختلفة"، مضيفة: "نقدّر الرئيس ترمب ليس فقط لأنه يضغط لإنهاء هذه الحرب، بل أيضاً لما يقوم به نائبه جي دي فانس في أوروبا من مفاوضات ومباحثات، حيث أجرى اجتماعات بنّاءة للغاية مع وفدنا، وكذلك مع القادة الأوروبيين".
وشددت السفيرة الأوكرانية على أن زيلينسكي "كان ملتزماً بالسلام منذ اليوم الأول لهذا العدوان الفظيع"، مؤكدة أنه "مستعد للمساهمة في أي جهد لدفع أجندة السلام".
وتابعت: "إذا لزم الأمر، فبالطبع سيكون الرئيس زيلينسكي حاضراً في الاجتماعات، وقد كنا منفتحين بشأن هذا الموضوع. لكن دعونا ننتظر ونرى كيف ستتطور الأمور".
وعند سؤالها عما إذا كان زيلينسكي سيشارك في اجتماع ترمب وبوتين، أجابت ماركاروفا: "سنكون هناك إذا كان (الرئيس الأوكراني) يخطط للذهاب"، لكنها لم تؤكد أو تنفي خططاً محددة.
وتحدَّثت السفيرة الأوكرانية عن أن المبعوث الأميركي الخاص كيث كيلوج "يلعب دوراً مهماً للغاية ضمن الفريق الأميركي الذي يعمل مع الجانب الأوكراني بشكل منتظم".
وأوضحت أن العلاقات الثنائية بين كييف وواشنطن "تتجاوز التحضير للقمة المرتقبة"، مشيرة إلى اتفاقيات استثمار استراتيجية، وتعاون في مجال شراء الأسلحة وإنتاجها المشترك، بما في ذلك صفقة كبيرة للطائرات المسيّرة ناقشها زيلينسكي وترمب، سابقاً.
هل يمكن أن تتخلى أوكرانيا عن بعض أراضيها؟
ومضت قائلة إن "الرئيس زيلينسكي كان واضحاً جداً في أن أوكرانيا ملتزمة بالسلام، وستكون بنّاءة في كل مناقشاتها"، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الحقائق لا يمكن تجاهلها، منوهة إلى أن "روسيا هي التي هاجمتنا، وهي التي احتلت بشكل غير قانوني شبه جزيرة القرم وأراضٍ أخرى منذ عام 2022".
واستطردت بالقول: "المرجع الأساسي للبلاد هو دستور أوكرانيا، والذي يحدد حدود البلاد بوضوح في المادة 133"، مشددة على أن "رئيس أي دولة هو الضامن لدستورها".
كما أكدت ماركاروفا التزام بلادها المستمر بالحلول السلمية، رغم صعوبة الواقع الميداني، وقالت: "جميعنا ندرك الواقع على الأرض، ونحن مستعدون لمناقشة كيفية إنهاء هذه الحرب، ولهذا السبب، كان وقف إطلاق النار، كخطوة أولى، بالغ الأهمية لوقف القتال، وهو أمر طرحه الرئيس ترمب منذ فبراير الماضي". وأضافت: "فلنوقف القتال، وننتقل إلى الدبلوماسية. هذا ما كانت أوكرانيا مستعدة له دائماً".
وفي ردها على سؤال بشأن ضم بوتين لبعض المناطق الأوكرانية إلى الدستور الروسي، أكدت ماركاروفا أن "142 دولة في الأمم المتحدة صوّتت بوضوح ضد هذا التحرك غير القانوني والاستفزازي"، لافتة إلى أن محكمة العدل الدولية كانت قد طالبت روسيا، منذ مارس 2022، بوقف العمليات العسكرية، والانسحاب من الأراضي الأوكرانية.
وأعربت ماركاروفا عن ثقتها في أن ترمب، وكافة المسؤولين في الولايات المتحدة، يدركون تماماً حجم تداعيات هذه الحرب، قائلة: "نحن ممتنون جداً للشعب الأميركي على كل هذا الدعم. الجميع هنا يعلم أن الطريقة التي ستنتهي بها هذه الحرب لها تبعات تتجاوز أوكرانيا وحدها، بالنسبة لنا، هي حرب وجود".
وذكرت أن المفاهيم القديمة، مثل "المناطق العازلة" أو غيرها من الأفكار التي وصفتها بـ"البالية من القرن الماضي"، لم تعد صالحة، موضحة أن "الخطوط الأمامية في شرق وجنوب أوكرانيا هي اليوم خطوط فاصلة بين الخير والشر".
وتابعت: "السؤال الآن: أين سيكون هذا الخط؟ هل سيكون على أراضينا؟ على حدودنا؟ أم سيمتد إلى أوروبا والعالم، ويؤثر في أوروبا والولايات المتحدة وغيرهما؟".
وشددت ماركاروفا على أن المسألة "لا تتعلق بالأرض فقط، بل بالمبادئ والقيم"، مشيرة إلى العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن على الهند بسبب دعمها لما وصفته بـ"آلة الحرب الروسية"، بالإضافة إلى العقوبات الأخرى التي يجري الإعداد لها.
وختمت بالقول: "انطلاقاً من هذه القرارات، أنا واثقة بأن الولايات المتحدة ستنطلق من موقع قوة… من منطلق السلام من خلال القوة، وهو ما سيمكننا، معاً، من إيجاد حل لوقف العدوان الروسي".