ماذا نعرف عن قوات الحرس الوطني الأميركي؟

عناصر من الحرس الوطني الأميركي بالقرب من النصب التذكاري في واشنطن، الولايات. 16 أغسطس 2025 - reuters
عناصر من الحرس الوطني الأميركي بالقرب من النصب التذكاري في واشنطن، الولايات. 16 أغسطس 2025 - reuters
دبي-الشرق

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحرس الوطني إلى صدارة المشهد السياسي والأمني، بعدما أمر بنشر مئات من عناصره في العاصمة واشنطن بحجة "استعادة النظام"، وهي خطوة فجّرت جدلاً واسعاً بشأن حدود صلاحيات البيت الأبيض في مواجهة سلطات الولايات، وأثارت مخاوف من أن يتحول الحرس من قوة طوارئ لحماية العاصمة إلى أداة سياسية.

وذكر مسؤولان أميركيان لشبكة NBC NEWS، السبت، أن وزير الدفاع، بيت هيجسيث، وقع أمراً يجيز لنحو 2000 عنصر من الحرس الوطني المنتشرين في واشنطن "حمل السلاح" لدعم "مكافحة الجريمة والهجرة غير الشرعية"، بعد تقارير تشير إلى تعبئة نحو 1700 من أفراد الحرس الوطني في 19 ولاية خلال أسابيع.

وفيما يلي نبذة عن الحرس الوطني الأميركي:

ما هو الحرس الوطني؟

الحرس الوطني هو جزء من قوات الاحتياط التابعة للجيش الأميركي، ويتكوّن من فرعين: الحرس الوطني البري، والحرس الوطني الجوي.

تعود أصول الحرس الوطني إلى المليشيات المدنية التي شكلت في القرن الـ17 في المستعمرات البريطانية بأميركا الشمالية، حيث تأسست الوحدات الأولى في مستعمرة خليج ماساتشوستس ديسمبر عام 1636، وشكلت 3 أفواج لتوفير الحماية للمستعمرة، بحسب مجلس العلاقات الخارجية، التابع لمجلة "فورين أفيرز" الأميركية.

عناصر الحرس الوطني الأميركي أثناء دورية قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب في شارع بنسلفانيا بالعاصمة واشنطن. 18 يناير 2025
عناصر الحرس الوطني الأميركي أثناء دورية قبل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في شارع بنسلفانيا بالعاصمة واشنطن. 18 يناير 2025 - REUTERS

وفي القرن الـ20، تحول الحرس الوطني إلى أحد أهم ركائز الجيش الأميركي، وتطور ليصبح قوة قتالية تلبّي متطلبات الأمن القومي، وذلك بعدما أقرّ الكونجرس "قانون ديك" عام 1903، وبموجبه وحدت الدولة المليشيات على شكل قوات احتياط منظمة خاضعة للسيطرة.

ويوجد حرس وطني في كل ولاية، ويمكن لحكام الولايات نشره خلال حالات الطوارئ مثل أعمال الشغب أو الكوارث الطبيعية. كما يمكن للرئيس الأميركي أن يأمر بنشر وحدات الحرس في الخدمة الفعلية لمدة تصل إلى عامين في حال حدوث طوارئ وطنية. وكما هو الحال مع باقي فروع القوات المسلحة الأميركية، فإن الانضمام إلى الحرس الوطني يتم بشكل طوعي.

كم عدد قوات الحرس الوطني؟

بحسب مركز بيانات القوى البشرية في وزارة الدفاع الأميركية، بلغ عدد أفراد الاحتياط في الحرس الوطني حوالي 430 ألف عنصر، من بينهم نحو 9 آلاف و500 عنصر متمركزين في أقاليم أميركية؛ مثل بورتو ريكو، وجوام، وجزر فيرجن.

من يقود الحرس الوطني؟

في أوقات السلم، يقود وحدات الحرس الوطني عادة حكام الولايات. ومع ذلك، تتطلب القوانين الفيدرالية أن تتوافق هذه الوحدات مع معايير التنظيم والعمليات التي تحددها وزارة الدفاع، وهي مجهزة تقريباً بالكامل من قبل الحكومة الفيدرالية.

في حال حدوث غزو أو تمرد أو انهيار للنظام والقانون، يمكن للرئيس استدعاء الحرس الوطني، رغم أن ذلك نادراً ما يحدث.

يُعد رئيس مكتب الحرس الوطني هو الضابط الأعلى رتبة، ويكون عضواً في هيئة الأركان المشتركة، ويمكن أن يُختار من الجيش أو سلاح الجو. أما وحدات الحرس في الولايات، فعادة ما يقودها ضابط برتبة أكبر من رائد (Major) أو أعلى.

جنود من الحرس الوطني الأميركي في دورية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.  تكساس. 7 فبراير 2025
جنود من الحرس الوطني الأميركي في دورية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. تكساس. 7 فبراير 2025 - Reuters

وعندما يتم نشر عناصر الاحتياط داخل حدود ولاية معينة، يتولى حاكم الولاية قيادتهم عادة. أما عند نشرهم على مستوى البلاد، فإن رئيس الولايات المتحدة يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ترمب والحرس الوطني

نادراً ما يفعل الرؤساء استدعاء الحرس الوطني على المستوى الفيدرالي، من دون موافقة حاكم الولاية. ففي يونيو 2025، تجاوز الرئيس ترمب سلطة حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم وأمر بنشر نحو ألفي جندي من الحرس الوطني لتفريق احتجاجات الهجرة في لوس أنجلوس.

وردّت السلطات في كاليفورنيا سريعاً بدعوى قضائية اعتبرت الإجراء انتهاكاً للتعديل العاشر في الدستور الأميركي. وكانت هذه أول مرة منذ 60 عاماً ينشر فيها رئيس قوات الحرس دون موافقة حاكم الولاية، إذ تعود السابقة إلى عام 1965 عندما أرسل الرئيس ليندون جونسون قوات إلى ألاباما لحماية نشطاء الحقوق المدنية.

وفي أحيان أخرى، يطلب الحكام أنفسهم من الحكومة الفيدرالية تولي السيطرة على الحرس، كما فعل حاكم كاليفورنيا بيت ويلسون خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس عام 1992.

أين يتم نشر الحرس الوطني؟

يؤدي الحرس الوطني مجموعة واسعة من المهام، من أبرزها:

• الإغاثة في الكوارث: يُستدعى الحرس باستمرار للتعامل مع طوارئ على مستوى الولايات مثل الكوارث الطبيعية. ففي عام 2023، تم استدعاء الحرس الوطني البري في هاواي لدعم جهود الاستجابة بعد حريق هائل ضرب جزيرة ماوي، حيث ساهموا في فرض النظام والمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ. كما يستعد الحرس سنوياً لموسم الأعاصير في الولايات المتحدة.

• الدعم العسكري: يلعب الحرس الوطني دوراً محورياً في دعم العمليات العسكرية الأميركية الخارجية. فمنذ أحداث 11 سبتمبر، تم نشر أكثر من مليون جندي من الحرس في مهمات بالخارج، منها أفغانستان والعراق وأوروبا ومنطقة المحيط الهادئ.

ومؤخراً، ساعد الحرس في جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية المرتبطة بحرب روسيا في أوكرانيا، وشارك في تدريب القوات الأوكرانية. كما شارك عناصره في كل الحروب الأميركية تقريباً، ويوجد ما يزيد على 20 ألفاً منهم حول العالم، وفق مجلس العلاقات الخارجية.

ويلعب الحرس الوطني الجوي دوراً متزايداً، خاصة في عمليات الطائرات المسيّرة وتحليل البيانات، حيث يخدم أفراده أحياناً جنباً إلى جنب مع العسكريين النظاميين في قواعد داخل الولايات المتحدة، بحسب المصدر نفسه.


إنفاذ القانون: يمكن للحكام نشر الحرس الوطني لدعم قوات الشرطة. فقد فُعّل في عدة ولايات خلال احتجاجات 2020 المناهضة للعنصرية بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس.

وفي يناير 2021، نُشر الحرس الوطني في العاصمة واشنطن، للتعامل مع اقتحام الكونجرس من قبل أنصار ترمب أثناء جلسة المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية. ثم تمركز الحرس لاحقًا داخل مبنى الكونجرس.

وفي مارس 2024، أرسل حاكم نيويورك كاثي هوشول مئات من عناصر الحرس لدعم الشرطة في محطات المترو الأكثر ازدحاماً. وفي أغسطس 2025، أمر ترامب بنشر 800 جندي من الحرس الوطني في واشنطن العاصمة لمواجهة الجريمة والتشرد.


أمن الحدود: يُعد الحرس الوطني جزءاً من منظومة أمن الحدود متعددة الوكالات. وبحلول يناير 2025، كان هناك نحو 4 آلاف من الحرس على الحدود مع المكسيك، بعضهم في مهمات فيدرالية بإمرة الرئيس، والبعض الآخر تحت سيطرة الولايات.

وأرسلت ولايات غير حدودية مثل فلوريدا وداكوتا الجنوبية وحداتها لدعم الحدود. لكن دور الحرس هناك غالباً إداري، مع تعليمات تمنعه من القيام بمهام شرطية مباشرة.


دعم الانتخابات: في السنوات الأخيرة، وفّر الحرس دعماً في مجال الأمن السيبراني للانتخابات المحلية والولائية، بما في ذلك انتخابات الرئاسة 2020. وبسبب الجائحة، ساعد بعض عناصره أيضاً في تنظيم مراكز الاقتراع. كما تم نشر الحرس في انتخابات 2024 بعد تهديدات استهدفت البنية التحتية الانتخابية، مثل إحراق صناديق الاقتراع في ولايتي أوريجون وواشنطن.

تصنيفات

قصص قد تهمك