بعد اشتباكات حزب مشار.. هل ينزلق جنوب السودان إلى العنف؟

نائب رئيس جنوب السودان ريك مشار يلقي كلمة بمؤتمر صحافي في جوبا، 5 أبريل 2020 - REUTERS
نائب رئيس جنوب السودان ريك مشار يلقي كلمة بمؤتمر صحافي في جوبا، 5 أبريل 2020 - REUTERS
دبي-الشرق

قبل 10 أعوام كانت دولة جنوب السودان في أيامها الأولى مليئة بالآمال بمستقبل أفضل، لكن بعد عقد على الاستقلال يبدو أن طريق البلاد نحو الاستقرار لا يزال طويلاً في ظل الاقتتال الداخلي الذي يهدد التحالف الهش الذي يحكم أحدث دولة في العالم، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وقعت السبت، اشتباكات بين أنصار حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي يتزعمه نائب الرئيس الجنوب سوداني رياك مشار، ما أدى لمقتل العشرات وفق مسؤولين، واندلاع أعمال العنف إلى تأجيج الانقسامات المستمرة منذ فترة طويلة، وأثار مخاوف بشأن مستقبل اتفاق السلام الهش الذي وقعته قبل ثلاث سنوات الفصائل العرقية المتنافسة بقيادة رئيس البلاد ونائبه.

اشتباكات بحزب نائب الرئيس

اندلع القتال في ساعة مبكرة من صباح السبت بين قوى متنافسة داخل الجناح العسكري لحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة، بعد أيام من إعلان خصوم مشار أنهم عزلوه من رئاسة الحزب وقواته العسكرية، وتعيين الفريق الأول سيمون جاتويش دوال زعيماً مؤقتاً للحزب.

وقال المتحدث العسكري لحزب نائب الرئيس العقيد لام بول جابرييل، إن القوات الموالية لمشار "صدت المعتدين" الذين يدعمون "دوال"، خلال القتال في منطقة أعالي النيل في شمال شرق البلاد. وزعم كلا الطرفين المتناحرين أنهم قتلوا أكثر من عشرين مقاتلاً من الفصيل المنافس، لكن لم يكن هناك تحقق مستقل من مزاعم أي من الجانبين.

ووفق الصحيفة الأميركية، فإنه بعد 10 سنوات على تصويت شعب جنوب السودان لمصلحة الانفصال عن السودان، يدور التساؤل حول ما إذا كان قادة الفصائل المتناحرة قادرين على جسر الهوة وبناء مستقبل مشترك للبلاد، يستطيع مواجهة الأزمة الإنسانية الحادة التي تضرب شعب جنوب السودان، حيث يكافح ملايين الأشخاص للحصول على ما يكفي من الغذاء، ونزوح عشرات الآلاف بسبب الفيضانات الشديدة وارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، بينما تم تسليم القليل من اللقاحات.

تاريخ من العنف

ودعت الهيئة الحكومية للتنمية، وهي تكتل أمني وتجاري إقليمي يضم إثيوبيا والسودان وكينيا، الاثنين، إلى اجتماع استثنائي لبحث الوضع المتصاعد في جنوب السودان.

بدأت النزاعات المسلحة في جنوب السودان بعد عامين فقط من إعلان الدولة، حين تفجرات التوترات بين الرئيس سيلفا كير، المنتمي إلى جماعة الدينكا العرقية ذات الأغلبية، ونائبه حالياً رياك مشار، الذي ينتمي إلى مجموعة النوير العرقية، ودخلت البلاد في حرب أهلية أودت بحياة نحو 400 ألف شخص ونزوح ما يقرب من 4 ملايين آخرين.

وبعد ما يقرب من خمس سنوات من الحرب الأهلية، توصل القادة المتنازعون في البلاد إلى اتفاق في عام 2018، وفي العام الماضي، اتفق الزعماء السياسيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعهد الرئيس كير ونائبه مشار بإيجاد حكومة تدعم السلام وتتعامل مع التحديات الكبرى في البلاد.

لكن التحالف المضطرب لم يخفف بعد من أكبر المشاكل الاقتصادية والسياسية في البلاد، فوفقاً للأمم المتحدة يحتاج نحو 8.3 مليون شخص في جميع أنحاء جنوب السودان إلى المساعدة الإنسانية، في ظل نقص البنية التحتية المطلوبة، والعنف ضد العاملين في المجال الإنساني الذي يعرقل إيصال المساعدات. 

لا مؤشر للإصلاح

وذكر تقرير "نيويورك تايمز" أن الفساد متفشٍّ في الاقتصاد، وينظر للمسؤولين على أنهم يجنون أرباحاً من النفط، المصدر الرئيسي لدخل البلاد، كما أثرت جائحة كوفيد-19 في الدخل الضئيل للناس، ولم تقم الدولة بتلقيح سوى 1% من سكانها البالغ عددهم 11 مليون نسمة.

وقال الأكاديمي والوزير السابق بجنوب السودان لوكا بيونج دينج كوال: "قادة ما بعد الاستقلال في جنوب السودان فشلوا في الوفاء بالتزاماتهم وتوقعات مواطني جنوب السودان"، وذلك ضمن تحليل لمركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية. 

وتهدد التوترات المتصاعدة في جنوب السودان بتشكيل عقبة خطيرة أمام عقد الانتخابات التي كانت مقررة العام المقبل وتم تأجيلها، ولم تقرر جدولاً زمنياً جديداً، وقد ينتهي الوضع إلى تجدد العنف في البلاد.

لتجنب الأزمة، كانت هناك دعوة متزايدة لصياغة وإقرار دستور جديد من شأنه أن يوزع السلطة بشكل أكثر مساواة، ويضمن تحقيق العدالة لضحايا الحرب الأهلية.

لكن آلان بوسويل محلل شؤون جنوب السودان في مجموعة الأزمات الدولية قال: "لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على إعادة ضبط أوسع في سياسة جنوب السودان". و"بدلاً من ذلك ، تستمر الانقسامات في التصاعد".

اقرأ أيضاً: