أظهر استطلاع، أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال (JMCC)، بالتزامن مع اقتراب ذكرى مرور عامين على أحداث السابع من أكتوبر، تراجعاً واضحاً في التفاؤل الشعبي بين الفلسطينيين تجاه نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى جانب انخفاض في شعبية حركة حماس.
وأجري الاستطلاع في الضفة الغربية بما فيها القدس وشارك فيه 715 شخصاً، خلال الفترة من 4 إلى 8 سبتمبر، ولم يشمل قطاع غزة نظراً لـ"تعذر ايجاد عينة عشوائية بسبب الظروف الحالية في القطاع"، بحسب المركز.
وبين الاستطلاع، الذي أجراه المركز بالتعاون مع مؤسسة فریدریش، انخفاض نسبة من يعتقدون أن الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية من 45% في سبتمبر 2024، إلى %30.9 في هذا الاستطلاع، بينما ارتفعت نسبة من يرون أنه يضر بالمصلحة الوطنية من 30.2% في مايو 2024 إلى 35.2%، وقال 25.9% إنه لا يخدم ولا يضر بالمصلحة الوطنية.
وهبط التفاؤل بأن تنتهي هذه الحرب لصالح حماس من 67.1% في أكتوبر 2023، إلى 25.9% في الاستطلاع الحالي، في حين اعتبرت النسبة الأكبر 46.3% أن الحرب لن تنتهي لصالح حماس أو إسرائيل.
وارتفعت نسبة من يرون أن أفضل السبل لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني هي المفاوضات السلمية إلى 44.8% بعد أن كانت 25.7% في سبتمبر 2023، وانخفضت نسبة تأييد المقاومة المسلحة من 33.7% في سبتمبر 2023 إلى 27.8% في هذا الاستطلاع.
كما انخفض تأييد العمليات العسكرية ضد أهداف إسرائيلية إلى 32% مقابل 41.5% في سبتمبر 2023، وارتفعت المعارضة إلى 56.9% مقابل 43.2% في سبتمبر 2023.
مستقبل غزة بعد الحرب
وأظهر الاستطلاع انخفاضاً في نسبة من يتوقعون بقاء غزة تحت سيطرة حركة حماس من 52.2% في مايو 2024 إلى 34.4% حالياً، مقابل ارتفاع نسبة من يتوقعون أن تكون غزة تحت إدارة دولية من 17.3% إلى 27.8%.
لكن عند سؤال المستطلعين عن تفضيلهم الشخصي، فضل 44.2% بقاء غزة تحت سيطرة حركة حماس، مقابل 26.4% يفضلون أن يكون للسلطة الوطنية دور في إدارة شؤون غزة، و18.7% يفضلون أن تخضع لإدارة دولية.
"توقيت سياسي حساس"
وتظهر أرقام الاستطلاع مزاجاً "أكثر عملية"، عما كان عليه الوضع بعد أشهر من هجوم 7 أكتوبر، وتعبر عن أزمة ثقة شاملة بالفصائل الفلسطينية والقيادات.
وعلى ضوء المساعي الدبلوماسية الجارية، يبدو موقف الرأي العام في الضفة الغربية والقدس ميّالاً إلى ترتيبات انتقالية في غزة، لكنه منقسم بين الواقع المرغوب وما هو منتظر واقعياً.
ويأتي الاستطلاع في توقيت سياسي حساس إذ ظهرت نتائجه بعدما طرحت واشنطن خطة سلام من 20 بنداً تنص على وقفٍ فوري لإطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وانسحاب إسرائيلي مُتدرّج، ونزع سلاح "حماس"، وإدارة انتقالية دولية لقطاع غزة، مع مسار لإعادة الإعمار وحوكمة تكنوقراطية تحت رقابة دولية.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على الخطة، فيما لا تزال حماس تدرس الخطة، حتى كتابة هذه السطور.
وتظهر اتجاهات الرأي بعضاً من الاستعداد الشعبي لبدائل تفاوضية، بعد عامين من الحرب الطاحنة، ما قد يمنح الغطاء لمقاربات وقف نار وترتيبات انتقالية.
الموقف من السلطة الفلسطينية
وبين الاستطلاع استمرار عدم رضا غالبية الجمهور بنسبة 73.3% عن موقف وأداء السلطة الفلسطينية تجاه الحرب الجارية في غزة، مقابل %23.1 أعربوا عن رضاهم.
ووصف 55.8% من المستطلعين أداء السلطة الفلسطينية بأنه سيئ، مقابل 41.8% رأوه جيداً، وهو تراجع طفيف مقارنة باستطلاع سبتمبر 2023، حين اعتبر 47.3% الأداء سيئاً مقابل 46.4% اعتبروه جيداً.
أما بشأن تقييم أداء قادة السلطة، فارتفعت نسبة الرضا عن الرئيس محمود عباس إلى 34.4% مقارنة بـ26.8% في سبتمبر2023.
وبالنسبة لرئيس الوزراء الحالي محمد مصطفى، انقسم الرأي العام، إذ قال 40.4% إنه يقوم بعمله بشكل جيد أو متوسط، مقابل 44.1% اعتبروا أداءه سيئاً.
وبعد 16 شهراً من تشكيل الحكومة، عبرت نسبة 65.3% عن عدم رضاها عن أدائها، مقابل 26.4% أبدوا رضاهم.
كما تفاوت تقييم الجمهور لأداء بعض أجهزة السلطة، فقد بلغت نسبة من يقيمون جهاز التعليم على أنه جيد أو متوسط 51.8% ، مقابل 47.8% يرونه سيئاً.
وقال 61.1% إن جهاز الصحة جيد أو متوسط، مقابل 37.1% يرونه سيئاً.
وحاز جهاز الشرطة على ثقة عالية أو متوسط لدى 69.4%، مقابل 30.6% قالوا إن ثقتهم قليلة أو لا يثقون بالمرة.
الأزمة المالية للسلطة
وتوقع 45.7% من المستطلعين أن تؤدي الأزمة المالية إلى انهيار السلطة الفلسطينية، مقابل 48.8% لا يتوقعون ذلك.
وفي حال انهيارها توقع 41.1% أن تقوم إسرائيل بتحويل الضفة إلى مناطق إدارية منفصلة على شكل كانتونات، و29.4% توقعوا حالة من الفوضى والانفلات الأمني، فيما توقع 23.8% عودة إسرائيل إلى إدارة الضفة كما كان الوضع قبل قيام السلطة.
أما بشأن من يتحمل المسؤولية عن الأزمة، فقد حملت النسبة الأكبر 48.7% إسرائيل المسؤولية، مقابل 36.6% حملوا السلطة الفلسطينية، و11.6% الدول المانحة.
ويأتي ذلك، فيما تستمر الأزمة المالية للسلطة وسط اقتطاعات إسرائيلية من أموال المقاصة وتحويلات متقطعة. واستخدمت إسرائيل أجزاءً من الإيرادات المحتجزة لسداد ديون كهرباء وقيود أخرى، ما فاقم عجز السلطة عن دفع أجور القطاع العام.
تراجع تأييد حل الدولتين
وتراجعت نسبة المؤيدين لحل الدولتين إلى %25.9 مقابل 32% في مايو 2024، بينما ارتفع التأييد لحل الدولة الواحدة ثنائية القومية إلى 30.8 مقابل 25% في سبتمبر 2024.
المصالحة الفلسطينية
وأعربت غالبية 59.6% عن تشاؤمها تجاه فرص المصالحة بين حركتي فتح وحماس، مقابل 33.1% توقعوا حدوثها خلال العام القادم.
وبشأن المسؤولية عن استمرار الانقسام، حمل 14.4% المسؤولية لفتح، و 3.5% لحماس، و25.9% لكليهما، و10.2% للولايات المتحدة، فيما لم يعرب 10.8% عن آرائهم.
الثقة بالفصائل والشخصيات
وانخفضت الثقة بحركة "حماس" إلى 8.5% مقابل 18.7% في أكتوبر 2023، أما الثقة بحركة "فتح"فارتفعت بشكل طفيف إلى 11%، بدلاً من 7.1% في أكتوبر 2023، في حين قالت الأغلبية الساحقة، بنسبة %68.5، إنها لا تثق بأي تنظيم سياسي.
على صعيد الشخصيات، جاء مروان البرغوثي، الأسير لدى إسرائيل منذ العام 2002، في المرتبة الأولى من حيث ثقة المستطلعين، يليه الرئيس محمود عباس، في حين عبرت أغلبية تشكل 61% عن عدم ثقتها بأي شخصية سياسية.
وللمقارنة، أظهر استطلاع أجراه المركز في أكتوبر 2023 (بعد 3 أسابيع من أحداث 7 أكتوبر) أن أبو عبيدة (المتحدث باسم حركة حماس) كان الأكثر ثقة بنسبة 10.3%، يليه محمد الضيف بنسبة 7.4% بينما لم يثق 57.8% بأي شخصية آنذاك.