حذر وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، الأربعاء، من أن الولايات المتحدة "ستفرض تكاليف على روسيا"، إذا لم تسع إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، في أقوى انتقاد يصدر عنه حتى الآن ضد موسكو، وفق مجلة "بوليتيكو".
وتصريحات هيجسيث التي أدلى بها خلال اجتماع خُصص لأوكرانيا في مقر حلف شمال الأطلسي "الناتو"، تعكس تزايد إحباط البيت الأبيض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك قبيل اللقاء المرتقب الجمعة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إذ من المقرر أن يبحثا المساعدات العسكرية وصفقة مقترحة لتبادل تكنولوجيا الطائرات المُسيرة.
وقال هيجسيث: "إذا لم يكن هناك مسار نحو السلام في المدى القريب، فإن الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائنا، ستتخذ الخطوات اللازمة لفرض تكاليف على روسيا بسبب استمرار عدوانها"، من دون أن يحدد ماهية تلك الخطوات.
وأضاف أن الولايات المتحدة "تدرك بوضوح أن أفضل وسائل الردع ضد العدوان الروسي تتمثل أولاً في حلف ناتو قوي وقادر تقوده أوروبا، وثانياً في جيش أوكراني يتمتع بقدرات قتالية موثوقة".
وأشاد هيجسيث بمبادرة أوروبية جديدة لشراء أسلحة أميركية لصالح أوكرانيا، واصفاً إياها بأنها "أساسية لمساعدة كييف على الدفاع عن نفسها".
وأضاف: "القادة الأوروبيون يوجهون رسالة واضحة إلى روسيا: حان الوقت لإنهاء هذه الحرب المأساوية، ووقف إراقة الدماء غير الضرورية، والجلوس إلى طاولة السلام".
"تحول تام"
ورحب بعض الوزراء بتصريحات هيجسيث، إذ قال وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور: "لقد أكد مجدداً أن الولايات المتحدة حليف حقيقي وملتزمة بحلف الناتو، وهذا تماماً ما قاله أيضاً الرئيس ترمب".
لكن عدداً من القادة الأوروبيين ظلوا حذرين بسبب "التقلبات" التي اتسمت بها سياسة إدارة ترمب تجاه أوكرانيا، وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس تعليقاً على تصريحات هيجسيث: "أرى فيها نوعاً من تغير المنظور والنهج، لكن ليس أكثر من ذلك في الوقت الحالي… لا أستطيع أن أفسر بدقة ما الذي قصده".
وتمثل تصريحات هيجسيث "تحولاً تاماً" عن موقفه خلال زيارته الأولى إلى مقر "الناتو" في فبراير الماضي، حين قال للحلفاء إن لدى الولايات المتحدة "مصالح أكثر إلحاحاً في مناطق أخرى من العالم"، ملمحاً إلى احتمال تقليص التزاماتها تجاه أوروبا، ما أثار قلق عدد من الدول الأوروبية التي تخوفت من أن تسحب الإدارة الأميركية قواتها من القارة أو تتراجع عن التزاماتها تجاه الحلف.
وكان هيجسيث امتنع خلال الأشهر الماضية عن حضور اجتماعات مجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا، وهي الهيئة التي ألقى أمامها كلمة، وكان قد أوقف لفترة وجيزة خلال الصيف الماضي المساعدات العسكرية الأميركية لكييف.
واتخذت تصريحات هيجسيث نبرة مغايرة بشكل لافت مقارنة بموقف الإدارة في وقت سابق من العام الجاري، عندما وبخت زيلينسكي علناً.
وفي فبراير الماضي، هاجم ترمب ونائبه جيه دي فانس الزعيم الأوكراني خلال مواجهة حادة في المكتب البيضاوي، متهمين إياه بـ"المبالغة" في مطالبه، لكن خلال اجتماع "الناتو"، الذي عقد الأربعاء، بدا أن كثيراً من التوترات السابقة قد طُويت، على الأقل في التصريحات العلنية.
ويأتي هذا الفتور المتزايد في العلاقات مع موسكو بعد أشهر من محاولات التقارب التي قام بها ترمب ومستشاروه مع الرئيس الروسي.
ورغم أن ترمب وصف لقائه مع بوتين بأنه "انفراجة محتملة"، فإن الرئيس الروسي رد لاحقاً بشن أكثر الهجمات دموية بطائرات مُسيرة وصواريخ على كييف منذ اندلاع الحرب قبل أربع سنوات، ما أودى بحياة العشرات من المدنيين.
ويبدو أن ترمب، الذي شعر بالإحباط من بوتين كثف في الأشهر الأخيرة اتصالاته الهاتفية واجتماعاته المباشرة مع زيلينسكي، متعهداً بتقديم مزيد من الدعم الأميركي، بل واقترح الأحد الماضي إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" لشن ضربات داخل عمق الأراضي الروسية.
وأكد مسؤول في "الناتو" استمرار التزام الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، قائلاً إن الحلف "لم يلحظ أي تراجع في تبادل (المعلومات الاستخباراتية) من الجانب الأميركي"، مضيفاً أن واشنطن تعهدت "بتقديم دعم استخباراتي كبير لأي ضمانات أمنية محتملة" تنفذها الدول الأوروبية في أوكرانيا.