وسط مخاوف بشأن وقف النار.. تحركات دولية لاحتواء أزمة مقاتلي "حماس" العالقين في رفح

جنود إسرائيليون قرب ما يزعم الجيش أنه نفق لقادة "حماس" في قطاع غزة. 8 فبراير 2024 - REUTERS
جنود إسرائيليون قرب ما يزعم الجيش أنه نفق لقادة "حماس" في قطاع غزة. 8 فبراير 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

تثير أزمة مقاتلي حركة "حماس" العالقين في منطقة رفح، التي تسيطر عليها إسرائيل في قطاع غزة، رافضين دعوات الاستسلام، شكوكاً بشأن صمود اتفاق وقف إطلاق النار المستمر منذ شهر بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وسط جهود وساطة دولية للسماح لهم بالمرور إلى مناطق أخرى من القطاع.  

يأتي ذلك، في الوقت الذي وصل صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إلى إسرائيل، الأحد، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن تنفيذ الخطة الأميركية لإنهاء حرب غزة، حسبما ذكر مصدر مطلع.

وتعرض وقف إطلاق النار المستمر منذ شهر تقريباً، للتهديد مرتين، بسبب الغارات الجوية، التي شنتها إسرائيل رداً على كمائن نُصبت لجنودها حول مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ألقت إسرائيل باللائمة فيها على "حماس". 

في البداية، نفت الحركة الفلسطينية بقاء أي من مقاتليها خلف "الخط الأصفر"، وهو خط فاصل متفق عليه تم سحب القوات الإسرائيلية إليه في إطار الاتفاق، بينما قال ترمب إن "عناصر متمردة" ربما تكون مسؤولة عن ذلك.

وفي تغيير للمسار، قالت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" في بيان، الأحد، إن إسرائيل تتحمل "المسؤولية الكاملة عن الالتحام مع مقاتلينا في رفح، الذين يدافعون عن أنفسهم في منطقة خاضعة لسيطرتها"، مضيفة "ليعلم العدو أنه لا يوجد في قاموس كتائب القسام مبدأ الاستسلام وتسليم النفس للعدو".

ولم تعلق "كتائب القسام" بشكل مباشر على استمرار المحادثات حول مسألة المقاتلين في رفح، لكنها ألمحت إلى أن الأزمة ربما تؤثر على وقف إطلاق النار، وحضت الدول الوسيطة على "إيجاد حل لضمان استمرار وقف إطلاق النار، وعدم تذرع العدو بحجج واهية لخرقه واستغلال ذلك لاستهداف الأبرياء والمدنيين في غزة".

رفض إسرائيلي للخروج الآمن

من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، وعضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر، لهيئة البث الإسرائيلي "مكان"، الأحد، إن مقاتلي رفح "إما أن يتم القضاء عليهم... أو يخرجوا حاملين رايات بيضاء"، على حد تعبيره.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار في وقت سابق إلى أنه لا يعتزم عقد صفقة بشأن المقاتلين المحاصرين، وجاء في بيان نُسب الاثنين الماضي إلى "مسؤول إسرائيلي"، وهو تعبير مجازي يشير غالباً إلى مكتب نتنياهو، أن رئيس الوزراء لا يسمح بمرور آمن لمن وصفهم بـ"200 إرهابي من حماس"، وفق ما أوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وقال الجيش الإسرائيلي، إن عشرات المقاتلين لا يزالون في منطقة رفح، حيث لا تزال هناك شبكة أنفاق تابعة لحركة "حماس"، من أصل عدة مئات يختبئون خلف "الخط الأصفر". 

على الجانب الآخر، يوجد لدى "حماس" والفصائل الفلسطينية الأصغر حجماً، نحو 15 ألف مقاتل، وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي.

وبموجب المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كان من المفترض أن تكون "حماس" قد أعادت آخر رفات الرهائن، الذين تحتجزهم في غزة في غضون 72 ساعة، بينما تعهدت إسرائيل بزيادة مستوى إمدادات المساعدات الإنسانية. 

ولم يتحقق أي من الشرطين؛ فيما سلمت "حماس"، الأحد، رفات الضابط هدار جولدن، الذي قضى في غزة عام 2014، وعثر على رفاته في رفح.

وقالت إسرائيل في وقت متأخر، الأحد، إن فحوصات الطب الشرعي أكدت هوية جولدن بعد تسليم الصليب الأحمر رفاته، ما يترك جثامين 4 محتجزين متبقين لدى "حماس" منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.

ضغوط أميركية

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأنه خلال الأيام الأخيرة، أجرت الولايات المتحدة اتصالات مكثفة مع تركيا وقطر ومصر من أجل تسهيل التفاهمات.

ونقلت وسائل الإعلام عن مسؤول أميركي رفيع، قوله، إن أحد أبرز الملفات على جدول لقاء كوشنير نتنياهو هو "إيجاد حل لأزمة مقاتلي حماس المحاصرين داخل أنفاق رفح، عبر طرح مقترح يقضي بترحيلهم مؤقتاً إلى دولة ثالثة مقابل تعهدهم بالتخلي عن السلاح، ووقف نشاطهم العسكري". 

وأوضح المسؤول، أن "واشنطن ترى في المقاتلين المتبقين داخل الأنفاق بؤرة توتر رئيسية تسببت باندلاع جولتين خطيرتين من التصعيد، وأدت إلى تهديد اتفاق وقف إطلاق النار القائم في القطاع"، مضيفاً أن "الإدارة الأميركية تعتبر معالجة هذه القضية بمثابة مشروع تجريبي لنزع سلاح حركة حماس تدريجياً في غزة".

وقال مسؤول أميركي آخر، إن الولايات المتحدة ترى فرصة نادرة بعد استعادة رفات جولدين، للتوصل إلى تسوية تُنهي أزمة رفح، رغم عدم وجود "مقايضة مباشرة" بين القضيتين.

وكان موقع "أكسيوس" الأميركي أورد أن إدارة الرئيس دونالد ترمب قدمت لإسرائيل اقتراحاً لحل الأزمة يقضي بدعوة المقاتلين العالقين في الأنفاق للاستسلام، وتسليم أسلحتهم لطرف ثالث مثل مصر، أو قطر، أو تركيا.

وقال مصدران قريبان من جهود الوساطة لـ"رويترز"، الخميس، إن المقاتلين يمكن أن يسلموا أسلحتهم مقابل السماح لهم بالمرور إلى مناطق أخرى من القطاع بموجب اقتراح يهدف إلى حل الأزمة.

ونقلت "رويترز" عن أحد المصدرين، والذي وصفته بأنه "مسؤول أمني مصري"، قوله إن الوسطاء المصريين اقترحوا أن يسلم المقاتلون الذين لا يزالون في رفح أسلحتهم إلى مصر، وإعطاء تفاصيل عن الأنفاق هناك، حتى يتسنى تدميرها مقابل الحصول على ممر آمن.

وذكر المصدران، أن إسرائيل و"حماس"، لم تقبلا بعد، مقترحات الوسطاء، وأكد مصدر ثالث أن المحادثات بشأن هذه القضية جارية.

وقال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، الخميس، إن الصفقة المقترحة المتعلقة بنحو 200 مقاتل ستكون بمثابة اختبار لعملية أوسع نطاقاً لنزع سلاح "حماس" في جميع أنحاء غزة.

والأسبوع الماضي، نقلت "القناة 12" الإسرائيلية، عن مسؤولين قولهم، إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على إسرائيل للسماح بالمرور الآمن لنحو 200 من عناصر حركة "حماس"، ما زالوا موجودين حالياً في أنفاق تحت المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة.

ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، شهدت منطقة رفح هجومين على الأقل على القوات الإسرائيلية، واتهمت إسرائيل "حماس" بالمسؤولية عنهما، وهو ما نفته الحركة.

وشهدت رفح أسوأ اشتباكات منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية تركية أميركية، حيث سقط 3 جنود إسرائيليين، وهو ما قوبل بهجوم إسرائيلي أودى بحياة عشرات الفلسطينيين.

تصنيفات

قصص قد تهمك