مع تصاعد أزمة السيولة.. عقبات على طريق تمويل أوكرانيا بالأصول الروسية المجمدة

نشطاء أوكرانيون في بروكسل يحملون لافتة تحض القادة الأوروبيين على مصادرة الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا. 5 مارس 2025 - REUTERS
نشطاء أوكرانيون في بروكسل يحملون لافتة تحض القادة الأوروبيين على مصادرة الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا. 5 مارس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

تكثّف المفوضية الأوروبية جهودها لاستخدام الأصول الروسية المجمدة من أجل تمويل قرض تعويضي بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، بعد أن أبدى معظم وزراء مالية الاتحاد الأوروبي دعمهم لهذه المبادرة، بدلًا من اللجوء إلى خزائنهم الوطنية، وفق مجلة "بوليتيكو".

وذكرت المجلة الأميركية، الجمعة، أن بلجيكا لا تزال الرافض الرئيسي، خشية أن يؤدي استخدام هذه الأصول، التي تبقى تحت وصاية مؤسسة الإيداع المركزي للأوراق المالية "يوروكلير" Euroclear في بروكسل إلى تعرّضها لـ"انتقام روسي" داخل البلاد وخارجها.

وأوضحت المجلة، أن خزانة كييف تواجه نقصاً في التمويل اللازم للدفاع عن البلاد ضد روسيا، فيما حذّر مسؤول الاقتصاد في المفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس، الوزراء، الخميس، من أن تكلفة عدم التحرّك تفوق بكثير عواقب المضي قدماً في القرض.

وطالبت الرئاسة الدنماركية للاتحاد الأوروبي، التي تتولى حالياً رئاسة المفاوضات التشريعية في الكتلة، المفوضية، بالمضي قدماً في دفع قرض التعويضات بعد اجتماع الوزراء هذا الأسبوع في بروكسل. 

وأشارت "بوليتيكو"، إلى أن ذلك سيتيح لكبار مستشاري قادة الاتحاد الأوروبي مادة للنقاش عند اجتماعهم، الجمعة، لمراجعة القمة المقبلة المقررة منتصف ديسمبر المقبل، التي سيُعاد فيها طرح المبادرة على جدول الأعمال.

مع ذلك، لا تزال هناك عقبات عديدة أمام بدء أوكرانيا فعلياً في تلقي مدفوعات نقدية، ومن المرجح أن تؤدي أي تأخيرات إضافية إلى اضطرار الاتحاد الأوروبي لتقديم قروض مؤقتة لدعم كييف حتى وصول الأموال، وفق "بوليتيكو".

إلى متى ستتمكن كييف من تمويل دفاعها؟

قالت المجلة، إن كييف ستبدأ في ترشيد الإنفاق اعتباراً من أبريل المقبل، إذا لم تتلقَ تدفقاً مالياً جديداً من الاتحاد الأوروبي، أو من صندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أن إجراءات الطوارئ تبدأ باستخدام الأموال المخصصة للعام المقبل، مثل توزيعات الأرباح من البنوك الحكومية. 

وبعد ذلك ستلجأ الحكومة إلى بيع الديون للمستثمرين، الذين سيطالبون بعائد مالي مقابل تقديم القرض.

وبعد نفاد هذه الخيارات، ستبدأ كييف في حجب الأموال عن البلديات والمشروعات المرتبطة بإعادة الإعمار الناتجة عن هجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية، فيما سيكون الخيار الأخير هو تأجيل رواتب الموظفين الحكوميين والمستشفيات والمتقاعدين والجيش، وهو ما لم يحدث حتى الآن في سياق الصراع الجاري مع روسيا.

ما هو دور صندوق النقد الدولي؟

ويستعد صندوق النقد الدولي لتقديم دفعة جديدة من القروض لأوكرانيا بقيمة نحو 8 مليارات دولار، إلا أن صرف هذه الأموال مرهون بموافقة الاتحاد الأوروبي على استخدام الأموال الروسية المجمدة لتمويل القرض الأكبر، الذي لن تضطر كييف لسداده إلا إذا أنهت موسكو الحرب ودفعت التعويضات، ما يشكّل ضماناً عملياً للصندوق.

وقد يكون تقديم مقترح رسمي من المفوضية الأوروبية إلى البرلمان والمجلس، كافياً لطمأنة صندوق النقد الدولي بأن المالية الأوكرانية ستظل مستقرة بما يكفي لتحمل المزيد من الديون.

هل بلجيكا هي العقبة الوحيدة؟

ويعد ضم بلجيكا إلى المبادرة الأوروبية، خطوة حيوية للاستفادة من الأصول الروسية، إلا أن هناك عقبتين إضافيتين هما: سلوفاكيا والمجر، وهما دولتان صديقتان للكرملين، وقد رفضتا تقديم ضمانات لبلجيكا لمعالجة مخاوفها بشأن محاولة موسكو استرجاع أصولها المجمدة، ما يشكل تهديداً حقيقياً للمبادرة.

وأشارت "بوليتيكو" إلى أن عواصم الاتحاد الأوروبي ملزمة بالموافقة بالإجماع كل 6 أشهر على العقوبات الروسية، بما يشمل الأصول، ما يمنح بودابست وبراتيسلافا القدرة على إعادة الأموال المجمدة إلى موسكو باستخدام حق النقض "الفيتو". 

وأضافت أن المفوضية تبحث عن ثغرة قانونية لإلغاء هذا التهديد، رغم أن بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي غير متفائلين بنجاحها.

وأوضحت المجلة، أن البرلمان الأوروبي سيشارك أيضاً في سن التشريع الذي سيُعتمد عليه القرض، ما يفتح مجالاً جديداً للمخاطر السياسية إذا طالب النواب بإدخال تغييرات جوهرية على النَص المقترح. 

ومع ذلك، تظل حالات الجمود شائعة عندما يواجه النواب المسؤولين الحكوميين، وأي تأخيرات هذه المرة ربما تؤثر مباشرة على الخطوط الأمامية في أوكرانيا.

وستحتاج بعض حكومات الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا، إلى الرجوع إلى برلماناتها الوطنية للحصول على الضمانات التي تطالب بها بلجيكا مقابل استخدام الأصول الروسية، وهذه العملية قد تستغرق عدة أشهر.

هل هناك تعقيدات أخرى؟

هناك قضية فساد مزعومة في قطاع الطاقة الأوكراني، تتعلق باختلاس نحو 100 مليون يورو، وبدأ هذا التحقيق بعد أن كشف جهاز مكافحة الفساد في كييف عن شبكة تضم مسؤولين حاليين وسابقين في القطاع، ورجل أعمال معروفاً، ووزراء، ونائب رئيس وزراء سابق.

وتلاعبت المنظمة الإجرامية المشتبه بها، بعقود الشركة الأوكرانية لتوليد الطاقة النووية Energoatom، للحصول على رشاوى تتراوح بين 10 و15% من قيمة العقود، ويتورط في التحقيق حلفاء للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وربما تستخدم المجر وسلوفاكيا، هذه الفضيحة، كذريعة لرفض المبادرة، في حين قد تفرض دول أخرى شروطاً صارمة على استخدام الأموال، خوفاً من وصولها إلى جهات غير مناسبة. ومع ذلك، لم يقترح أي من أعضاء الاتحاد الأوروبي، إلغاء القرض تماماً بالنظر إلى حجم المخاطر والمصلحة الاستراتيجية.

ونقلت "بوليتيكو" عن وزير المالية الليتواني، كريستوباس فايتكيوناس، قوله للصحافيين قبل اجتماع، الخميس، في بروكسل: "ما الخيارات الأخرى المتاحة؟ أوكرانيا هي خيارنا الوحيد، فهي لا تقاتل من أجل حريتها وحقها في اختيار أسلوب حياتها فحسب، بل من أجل حرية أوروبا أيضاً. لذلك، رغم الفضيحة، لا توجد خيارات أخرى".

وتخوض المفوضية الأوروبية سباقاً مع الزمن لتقديم قرض التعويضات، تمهيداً لبدء المحادثات الفنية المتعلقة بالمبادرة، فيما تتراجع احتمالات الانتظار حتى قمة قادة الاتحاد الأوروبي المقبلة في 18 ديسمبر المقبل.

تصنيفات

قصص قد تهمك