قال المفوض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي لـ"الشرق"، إن ما يزيد على 40 ألف نازح إثيوبي لجؤوا إلى السودان، لافتاً إلى أن المفوضية تتوقع أن يزداد عدد النازحين في حال استمر نزاع تيجراي.
واندلع صراع مسلح داخل إقليم تيجراي الإثيوبي الواقع على الحدود السودانية، قبل نحو 9 أشهر، ما تسبب في لجوء الآلاف من أبناء الإقليم إلى السودان.
وأضاف جراندي أن "السودان كان بلداً كريماً، واستضاف أكثر من 40 ألف لاجئ إثيوبي"، مشيراً إلى أن "مخيمات اللاجئين في السودان تحسنت كثيراً من حيث الاستقبال وتوفير المأوى والطعام والماء".
ولفت إلى أن المفوضية تتوقع "تدفق المزيد من اللاجئين في حال تطور الأوضاع في إثيوبيا"، مشيراً إلى مخاوف من عدم قدرة السودان على تقديم المساعدة لهم.
وتابع جراندي: "لذلك نود أولاً أن نقوم بكل الجهود الممكنة لوضع حل سياسي في إثيوبيا، وذلك مسؤولية الإثيوبيين أنفسهم للوصول لاتفاق وإنهاء النزاع".
وأردف: "يجب تقديم المساعدة اللازمة للنازحين داخل إثيوبيا واللاجئين الإثيوبيين في السودان، وهنا يجب العمل على جذب المانحين للمساعدة".
وأكد المفوض السامي للاجئين أن السودان يتحمل "مسؤولية كبيرة جداً في الوقت الذي يمر فيه بمرحلة انتقالية صعبة وحرجة"، لافتاً إلى أن الخرطوم ترعى أيضاً مئات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان وسوريا ودول أخرى.
وشدد جراندي على أن "الحكومة السودانية تعمل بأقصى جهدها لمعالجة الوضع، لكنها تحتاج المزيد من الدعم من المجتمع الدولي".
9 أشهر من الاشتباكات
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي حاز في 2019 جائزة نوبل للسلام، أرسل قوات إلى تيجراي في نوفمبر 2020، لاعتقال ونزع سلاح قادة جبهة تحرير شعب تيجراي الحاكمة في المنطقة، في خطوة قال إنها رد على شنّ الجبهة هجمات ضد معسكرات للجيش الاتحادي.
واستمر القتال في إقليم تيجراي على الرغم من إعلان آبي أحمد الانتصار في أواخر نوفمبر، بعدما سيطرت القوات الفيدرالية على العاصمة الإقليمية ميكيلي.
وشهد النزاع منعطفاً، عندما استعاد مقاتلون موالون لجبهة تحرير شعب تيجراي عاصمة الإقليم ميكيلي أواخر يونيو الماضي، حين أعلن آبي وقفاً لإطلاق النار.
ومع ذلك استمرت الاشتباكات وأعلن مسؤولون من 6 أقاليم، أنهم سيرسلون مقاتلين لمساندة القوات الحكومية.
لاجئو جنوب السودان
وجاء تدفق اللاجئين من إثيوبيا إلى السودان، في وقت كانت فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحاول إعادة لاجئي جنوب السودان الذين تستقبلهم الخرطوم، إلى بلدهم الأصلي.
وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين لـ"الشرق"، إنه يجب "حل مشكلة اللاجئين الأساسية وإعادتهم"، مشيراً إلى أن المفوضية ترحب بالمبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، تحت مظلة منظمة الإيجاد (الهيئة الحكومية للتنمية)، لإرساء السلام في جنوب السودان وحل مشكلة اللاجئين.
وأضاف جراندي: "التقيت عبدالله حمدوك وشكرته مجدداً على هذه المبادرة، وأخبرته أننا في الطريق الصحيح"، لافتاً إلى أن "هناك تحديات كثيرة ومشاكل لكننا سنعمل على تنظيم بعض اللقاءات الإقليمية خلال الأشهر المقبلة لتحديد الشكل النهائي للمبادرة وإطلاقها".
وأوضح جراندي أن وضع اللاجئين "معقد جداً"، مشيراً إلى أن "هناك أكثر من 7 ملايين لاجئ بين السودان وجنوب السودان، وهذا يتطلب حلولاً مختلفة ونعمل على إيجادها".
واعتبر المفوض السامي لشؤون اللاجئين أن "الحل النهائي لمشكلة اللاجئين من جنوب السودان يمكن أن يكون إما إعادتهم لبلدهم أو الاستقرار في بلد اللجوء"، معتبراً أن الخيار الثاني "يتطلب دمجهم محلياً وتقديم الدعم للمجتمعات المستضيفة".
وتابع أن "السودان هو أحد أكثر الدول كرماً في استضافة اللاجئين، لكنه يحتاج المزيد من الدعم وهذه فرصة جيدة للعمل على ذلك".
وكانت هناك آمال كبيرة في السلام والاستقرار بمجرد حصول جنوب السودان على استقلاله عام 2011 الذي حارب من أجله طويلاً، لكن البلاد انزلقت في أعمال عنف عرقية في ديسمبر عام 2013، عندما بدأت القوات الموالية للرئيس سلفا كير محاربة الموالين لرياك مشار نائبه السابق الذي ينتمي إلى قبائل النوير.
وفشلت محاولات عديدة للسلام من ضمنها الاتفاق الذي شهد عودة مشار لمنصب نائب الرئيس في عام 2016، ليهرب بعد أشهر وسط قتال جديد، في حين تسببت الحرب الأهلية في مصرع ما يقرب من 400 ألف شخص وتشريد الملايين.
وفي عام 2018 أنهى جنوب السودان رسمياً الحرب الأهلية، بعد أن استمرت 5 أعوام، وتسببت في مجاعة وخلقت أزمة لاجئين واسعة النطاق، إلا أن الجهود المبذولة لاستكمال عملية السلام تعثرت.