قال رئيس المجلس الوطني للأمن والدفاع في أوكرانيا رستم عمروف السبت إن كييف ستجري مشاورات في سويسرا مع الولايات المتحدة بشأن إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا في الأيام المقبلة، فيما تسعى القيادات الأوروبية إلى منح أوكرانيا مزيداً من الوقت للتوصل إلى إطار جديد لوقف إطلاق النار مع روسيا، بعد أن حددت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهلة أسبوع واحد للاتفاق على خطة اعتبرتها كييف وحلفاؤها "تنازلاً غير مقبول"، لموسكو.
وكتب عمروف على تيليجرام "نبدأ مشاورات بين مسؤولين رفيعي المستوى من أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن المعايير المحتملة لاتفاقية سلام مستقبلية في سويسرا". وأضاف: "نقدر مشاركة الجانب الأميركي واستعداده لإجراء محادثات جوهرية".
وعدل عمروف المنشور، دون ذكر سبب، بعد أن ذكرت نسخة سابقة أن المحادثات ستعقد "بمشاركة شركاء أوروبيين".
ووفقاً لبيان الرئاسة المنشور على تطبيق تليجرام، وافق الرئيس فولوديمير زيلينسكي على تشكيل وفد يقوده رئيس مكتبه أندريه يرماك، ويضم كبار المسؤولين الأمنيين، بالإضافة إلى توجيهات للمفاوضات ذات الصلة.
وجاء في البيان: "لن تكون أوكرانيا أبداً عقبة أمام السلام، وسيدافع ممثلو الدولة الأوكرانية عن المصالح المشروعة للشعب الأوكراني، وأسس الأمن الأوروبي".
روسيا تلمح لقمة محتملة مع ترمب
بدوره، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، إن عقد لقاء جديد بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وترمب أمر محتمل. وأضاف في تصريحات لمجلة الشؤون الدولية المملوكة للدولة، "لا أستبعد شيئاً. يجري إيجاد طريقة للمضي قدماً".
وقال ريابكوف إن الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة لم تتوقف، وإن قنوات الحوار لا تزال مفتوحة. واعتبر أن إدارة الرئيس ترمب "تعترف بصحة تساؤلات روسيا" حول ما أسماها بـ"الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا"، بما في ذلك ما وصفه بـ"المسار المتهور المتمثل في نقل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبنيته التحتية قرب الأراضي الروسية".
وقال ريابكوف في مقابلة مع مجلة "الحياة الدولية": إن "إدارة ترمب من بين القلائل من محاورينا الغربيين، وكذلك خصومنا، الذين يدركون صحة سؤالنا بأن هناك أسباباً جذرية لا يمكن تجاهلها، ومن بينها النزعة غير المدروسة، والسياسة المتهورة تماماً، للإدارة السابقة في واشنطن، إدارة جو بايدن، الرامية إلى تقريب الناتو وبنيته التحتية من روسيا بشكل متزايد".
وتابع: "لقد أصبح هذا أحد أسباب الأزمة الخطيرة الحالية".
أوروبا تنسق مع كييف بشأن جدية واشنطن
ويعمل زيلينسكي مع قادة فرنسا وألمانيا والدول الأوروبية الأخرى على تقييم مدى جدية مطلب واشنطن بأن توافق أوكرانيا على خطة من 28 نقطة تم تداولها هذا الأسبوع بحلول الخميس المقبل، مع محاولة تقديم التعديلات بشكل يبدو بنّاء، وفق "بلومبرغ".
وتحدث المستشار الألماني فريدريش ميرتس مع ترمب، واتفقا على استمرار المناقشات خلال الأيام المقبلة على مستوى مستشاري الأمن القومي، وهو ما يعني مشاركة مسؤولين أميركيين بارزين في الملف، بحسب ما نقلته "بلومبرغ" عن مسؤولين مطلعين على المحادثات.
ورغم أن ترمب بدا متشدداً في موقفه تجاه أوكرانيا، وتحذيره بأنه قد يترك الصراع دون تدخل إذا لم توافق كييف على الخطة، إلا أنه أشار أيضاً إلى إمكانية مرونة في الجدول الزمني، قائلاً في مقابلة مع "فوكس نيوز راديو": "إذا سارت الأمور بشكل جيد، فإن المهل الزمنية قد تُمدد".
تأتي هذه التطورات قبل اجتماع قادة أوروبا على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرج، حيث يُتوقع أن يناقشوا الخطوات المقبلة للتعامل مع المبادرة الأميركية.
وقالت الحكومة الكندية إن رئيس الوزراء مارك كارني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا ملف أوكرانيا على هامش قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا.
وذكرت الحكومة في بيان أن الزعيمين أكدا دعمهما لأوكرانيا، وأن أي تسوية للحرب فيها يجب أن تشمل كييف، وتحترم المصالح الأساسية الأوكرانية، وتوفر للبلاد ضمانات أمنية.
وأضاف البيان أن كارني ملتزم بالعمل مع الحلفاء للتوصل إلى "سلام عادل ودائم" في أوكرانيا.
تفاصيل الخطة
وتنص الخطة المقترحة من قبل مبعوثي الولايات المتحدة وروسيا على تنازل أوكرانيا عن مناطق واسعة استولت عليها روسيا، وتحديد حجم قواتها المسلحة، ورفع العقوبات عن موسكو تدريجياً.
وتشمل الاعتراف بضم القرم ولوغانسك ودونيتسك فعلياً لروسيا، وإجراء انتخابات خلال 100 يوم، والتخلي عن أي أمل في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتقليص قواتها المسلحة.
ومع انقضاء الصدمة الأولية، رأى بعض المسؤولين الأوروبيين أن الأمر قد يكون تكراراً لمواقف سابقة حين قدم ترمب طلباً، ورفضت كييف وأوروبا، ثم تراجع الرئيس الأميركي لاحقاً.
في الوقت نفسه، أبدى أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الأميركي تحفظاتهم على الخطة. وقال السيناتور روجر ويكر إن "ما يسمى خطة السلام يثير مشكلات حقيقية، وأنا متشكك بشدة في قدرتها على تحقيق السلام"، فيما اعتبر السيناتور ميتش ماكونيل، أن روسيا حاولت استغلال ترمب طوال العام، محذراً من أن الإدارة قد تكون أكثر اهتماماً بإرضاء موسكو من تحقيق سلام حقيقي.











