قادة الاتحاد الأوروبي يجرون مباحثات موازية في أنجولا.. وزيلينسكي يزور واشنطن قريباً للمصادقة على الخطة

محادثات جنيف تبحث "إطاراً منقحاً" للسلام في أوكرانيا.. وأوروبا تشيد بـ"نجاح حاسم"

دبي -الشرق

تواصل واشنطن وكييف العمل على "خطة السلام" الرامية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، الاثنين، في جنيف، وذلك بعد الاتفاق على تعديل مقترح سابق كان يُنظر إليه على نطاق واسع، على أنه يميل كثيراً لصالح موسكو، فيما عبر مسؤولون أوروبيون عن ترحيبهم بتلك التعديلات في الخطة الأميركية، مشيدين بما وصفوه بـ"نجاح حاسم". 

واعتبر وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات لإذاعة DLF، الاثنين، أن محادثات جنيف "حققت نجاحاً حاسماً للأوروبيين"، مضيفاً: "لقد تم حذف جميع القضايا المتعلقة بأوروبا من هذه الخطة، بما في ذلك ما تعلق بحلف الناتو، وهذا نجاح حاسم حققناه".

وتابع: "كان واضحاً منذ البداية، كما قلنا مراراً، أنه لا يجب التوصل إلى أي اتفاق دون موافقة الأوروبيين والأوكرانيين".

كما رحّب الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستاب، الاثنين، بـ"التقدم المحرز في اجتماعات جنيف"، مشيراً إلى أنه تحدث مع  الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، صباح الاثنين.

ووصف ستاب، ما حدث في أول أيام محادثات جنيف، بأنه "خطوة إلى الأمام"، ولكنه شدد على أنه "لا تزال هناك قضايا رئيسية لم تُحل بعد".

"مسار منفصل" للمحادثات

وأضاف ستاب: "أي قرار يقع ضمن اختصاص الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو، سيُناقش ويُتخذ من قِبل أعضاء الاتحاد الأوروبي والحلف في مسارٍ منفصل".

وأعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا في بيان مشترك، بعد اليوم الأول من محادثات جنيف، إعداد "إطار سلام منقح"، دون تقديم تفاصيل.

وذكر البيت الأبيض بشكل منفصل، أن الوفد الأوكراني أبلغه بأن الخطة "تعكس مصالحهم الوطنية"، و"تراعي متطلباتهم الاستراتيجية الأساسية"، رغم أن كييف لم تُصدر بياناً خاصاً بها.

وأشار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في تصريحات للصحافيين، إلى إحراز "تقدّم هائل"، واصفاً اليوم الأول من المحادثات في جنيف، بأنه "من أكثر الأيام إنتاجية" في مسار المفاوضات حتى الآن.

وأضاف: "أشعر بتفاؤل كبير بأننا سنصل إلى اتفاق في فترة معقولة"، لافتاً استمرار المحادثات لحلّ عدد من القضايا العالقة. وتابع: "لا أريد إعلان النصر أو القول إن الأمور انتهت، لا يزال هناك عمل ينبغي إنجازه".

وشارك مستشارو الأمن القومي من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي في محادثات جنيف. ولم تتضح كيفية معالجة الخطة المُحدثة للعديد من القضايا، بما في ذلك الضمانات الأمنية لأوكرانيا في حال تخليها عن طموح الانضمام إلى حلف الناتو.

محادثات أميركية أوروبية أوكرانية بشأن خطة إنهاء الحرب في كييف بمشاركة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، جنيف، سويسرا. 23 نوفمبر 2025
محادثات أميركية أوروبية أوكرانية بشأن خطة إنهاء حرب أوكرانيا في جنيف. 23 نوفمبر 2025 - Reuters

وقالت الولايات المتحدة وأوكرانيا في بيانهما، إنهما ستواصلان "عملاً مكثفاً" قبل مهلة الخميس، التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإقرار الخطة قبل التفاوض بشأنها مع موسكو، على الرغم من مغادرة وزير الخارجية الأميركي، الذي ترأس وفد بلاده في محادثات اليوم الأول، إلى واشنطن، مساء الأحد.

زيارة زيلينسكي المرتقبة إلى واشنطن

وأشار روبيو، الأحد، إلى أن الصيغة النهائية للاتفاق ستحتاج توقيع رئيسي الولايات المتحدة وأوكرانيا، قبل أن تُرسل إلى موسكو.

وقال المبعوث الخاص لترمب إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، لشبكة "فوكس نيوز"، إن "خطة الرئيس ترمب للسلام في أوكرانيا جيدة.. وزيارة الرئيس الأوكراني المقبلة لواشنطن قد تحسم مستقبل الخطة".

وأفادت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يسافر إلى الولايات المتحدة في وقت قريب هذا الأسبوع، لمناقشة الجوانب الأكثر حساسية في الخطة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال ترمب، الأحد، إن أوكرانيا "لم تبد أي امتنان" للجهود الأميركية بشأن الحرب، ما دفع المسؤولين الأوكرانيين للتأكيد على شكرهم لدعم ترمب.

منشور الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصة تروث سوشال حول حرب أوكرانيا. 23 نوفمبر 2025
منشور الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصة تروث سوشال حول حرب أوكرانيا. 23 نوفمبر 2025 

وكان ترمب قد حدّد سابقاً، الخميس المقبل، موعداً نهائياً لزيلينسكي لقبول خطة السلام، لكن روبيو قال، الأحد، إن هذه المهلة قد لا تكون ثابتة.

وكان المقترح الأولي المؤلف من 28 نقطة، الذي طرحته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، يدعو أوكرانيا إلى التنازل عن أراضٍ، والقبول بفرض قيود على جيشها، والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى الناتو.

ويصف الكثير من الأوكرانيين هذه الشروط بمثابة "استسلام" بعد ما يقرب من أربع سنوات من القتال، بحسب "رويترز".

مقترح أوروبي مضاد

وقال الحلفاء الأوروبيون، إنهم لم يُستشاروا في صياغة الخطة الأولى، وأصدروا مقترحاً مضاداً، الأحد، يتضمن تخفيف بعض التنازلات الإقليمية المقترحة، إضافة إلى تضمين "ضمان أمني" من الولايات المتحدة على غرار ضمانات الناتو، في حال تعرضت أوكرانيا لهجوم مستقبلي.

وعبّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الأحد، عن إحباطه الكبير من المبادرة الأميركية، قبل تعديلها، وأضاف في تصريحات أوردتها مجلة "بوليتيكو": "آمل أن تشمل المفاوضات المقبلة المصالح الأوكرانية، وأن تدرك أننا بحاجة إلى ضمان أمني طويل الأمد لأوكرانيا، وأن روسيا يجب ألا تتمكن من مواصلة تقدمها وشن هجماتها الهجينة في أوروبا".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال حديث للصحافيين في جوهانسبرج، على هامش قمة مجموعة العشرين، إن "أي خطة سلام موثوقة ومستدامة يجب أن توقف القتل وتنهي الحرب، دون أن تزرع بذور صراع مستقبلي".

وأضافت أن هناك ثلاثة عناصر أساسية يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي أنه "لا يمكن تغيير الحدود بالقوة، ولا يمكن فرض قيود على القوات المسلحة لأوكرانيا كدولة ذات سيادة، وأن تنعكس مركزية الاتحاد الأوروبي في ضمان السلام لأوكرانيا بشكل كامل".

وتجاوزت الخطة الأميركية الأصلية عدة خطوط حمراء وضعها الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، بما في ذلك التخلي عن بقية محافظة دونيتسك، التي فشلت روسيا في السيطرة عليها منذ أن بدأت هجومها هناك عام 2014.

تكشف الخطة الأميركية، والمقترح الأوروبي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، عن رؤيتين سياسيّتين متباينتين، الأولى تطرح ترتيبات واسعة تشمل تنازلات إقليمية، فيما تمنح الثانية أوكرانيا ضمانات أمنية قوية، وترفض أي قيود على قدراتها العسكرية.

وتعرضت الخطة الأميركية لانتقادات واسعة باعتبارها "متساهلة جداً مع موسكو"، إذ تنص على التنازل عن مساحات واسعة من الأراضي لصالح روسيا، وتقليص حجم الجيش الأوكراني، ومنع قوات حلف الناتو من التواجد على الأراضي الأوكرانية.

وفي المقابل، تدعم الخطة الأوروبية أوكرانيا بشكل أكبر، حيث تنص على أن "المفاوضات بشأن تبادل الأراضي ستبدأ من خط التماس"، بدلاً من التحديد المسبق بضرورة الاعتراف بمناطق معينة "بحكم الأمر الواقع"، حسبما تقترح الخطة الأميركية.

 
واقترحت الخطة الأوروبية، التي طُرحت في جنيف، أن يكون الحد الأقصى للقوات المسلحة الأوكرانية 800 ألف جندي "في وقت السلم" بدلاً من الحد الأقصى الشامل البالغ 600 ألف الذي اقترحته الخطة الأميركية.

سيناريو تخشاه أوروبا

وقال مسؤول أوروبي لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن هناك مخاوف من أن يسحب ترمب الدعم الأميركي لأوكرانيا، إذا شعر بالإحباط، مما يترك زيلينسكي وبلاده في موقع بالغ الخطورة. وأضاف: "هذا سيناريو نخطط له بالتأكيد".

أبرز المقترحات الأوروبية في محادثات جنيف بشأن خطة إنهاء حرب أوكرانيا

  • تقديم ضمانات أمنية أميركية لأوكرانيا شبيهة بالبند الخامس من "ميثاق الناتو".
  • استخدام الأصول الروسية المجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا، وتعويض الخسائر التي سببها الصراع.
  • رفض مطالب موسكو بشأن تنازل أوكرانيا عن الأراضي غير المحتلة في الشرق.

ويتوقع الدبلوماسيون الأوروبيون، مزيداً من الاجتماعات هذا الأسبوع بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مع احتمال انضمام قادة بولندا وفنلندا والأمين العام للناتو مارك روته أيضاً.

ورحّب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، بالجهود الأميركية لإنهاء الحرب، لكنه حذّر من أن المقترح الحالي هو "مجرد أساس يتطلب مزيداً من العمل"، وفق ما أوردت "بوليتيكو".

وقال كوستا، إن قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 سيواصلون مناقشاتهم، الاثنين، في أنجولا، على هامش قمة أوروبا إفريقيا، بهدف العمل على مقترح مضاد لإنهاء النزاع.

تصنيفات

قصص قد تهمك