بلومبرغ: حرب أوكرانيا تضغط على الاقتصاد الروسي مع امتدادها إلى الداخل

صورة جوية للعاصمة الروسية موسكو، 20 أكتوبر 2025 - REUTERS
صورة جوية للعاصمة الروسية موسكو، 20 أكتوبر 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا شتاءها الرابع، بدأت الضغوط الاقتصادية تظهر بشكل ملموس على حياة الروس اليومية، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب أزمات في قطاعات الصناعة والطاقة والسيارات، وفق "بلومبرغ".

وبدأت عشرات المناطق في وسط وجنوب روسيا تشعر بقرب الحرب، حيث تضرب الطائرات المسيرة وأحياناً الصواريخ منشآت الطاقة والمباني السكنية. وتصدر صفارات الإنذار الجوية تقريباً كل ليلة، ما يشكل تذكيراً دائماً وعلنياً بمدى اقتراب الصراع.

وقالت "بلومبرغ"، إنه خارج خطوط المواجهة، بدأ باقي روسيا، بما في ذلك موسكو، يشعر بالتكلفة الاقتصادية.

ومن تراجع الأسر عن الإنفاق على الغذاء إلى معاناة شركات الصلب والتعدين والطاقة، يظهر محرك الاقتصاد الروسي عدة اختلالات، وتُختبر مرونته السابقة التي دعمتها حزم تحفيز مالية ضخمة وإيرادات قياسية من الطاقة.

ويأتي ذلك، بينما تضغط الولايات المتحدة للحد من عائدات النفط والغاز المتدفقة إلى موسكو، في إطار مساعي إدارة ترمب نحو التوصل إلى هدنة. وتزداد احتمالية التوصل إلى اتفاق، مع انتقال المفاوضات إلى موسكو، ووجود مفاوضات سرية بين الولايات المتحدة وروسيا على حزمة تمنح الكرملين الإعفاءات التي تريدها من العقوبات.

وقال ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيجي روسيا-أوراسيا في برلين: "استناداً إلى المؤشرات الاقتصادية العامة، سيكون من مصلحة روسيا إنهاء الحرب الآن. ومع ذلك، فإنه لكي ترغب موسكو في إنهاء الحرب، يجب رؤية حافة الهاوية. روسيا لم تصل إلى هذا بعد".

في المقابل، قالت إيلينا، 27 عاماً، مديرة شركة فعاليات من منطقة موسكو: "الأسعار ترتفع الآن بأسرع من الأجور". وأشارت إلى أنها غيرت عادات التسوق لديها، حيث بدأت تشتري ملابس أقل، وتفضل العلامات التجارية المحلية بعد أن أصبحت الواردات باهظة الثمن.

ويمثل هذا الاتجاه تبايناً حاداً مع بداية الحرب، عندما كان الناتج المحلي الإجمالي ينمو بدعم من الاستثمارات المرتبطة بالجيش، التي ساهمت في ارتفاع الأجور بنسبة تقارب 20% في 2024، مما عزز الطلب الاستهلاكي، لكنه ساهم أيضاً في التضخم.

اختلالات عميقة

ورفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي بلغ 21% في أكتوبر العام الماضي، لكبح التضخم، لكن رغم تراجع تكاليف الاقتراض، يظهر الاقتصاد بشكل متزايد آثار التشديد النقدي المتأخر، مما كشف عن اختلالات أعمق في بلد أعاد هيكلة اقتصاده من أجل الحرب مع الاستمرار في دعم القطاع المدني.

وتراجع التضخم إلى حوالي 6.8% في أوائل نوفمبر، لكن السبب الرئيسي هو ضعف الطلب الاستهلاكي، حسب تقرير مركز التحليل الكلي والتنبؤ قصير المدى، الذي يديره شقيق وزير الدفاع الروسي.

وبحسب منصة SberIndex التابعة لبنك Sberbank، بدأ الروس في التقليل من إنفاقهم على الغذاء. إذ انخفضت مبيعات الحليب واللحوم  والأرز بنسبة 8–10% في سبتمبر وأكتوبر، وفقاً لتحليل صحيفة كوميرسانت.

ووفقاً لصحيفة روسيسكايا جازيتا الحكومية، يشهد سوق الإلكترونيات أكبر تراجع في الطلب خلال 30 عاماً مع تأجيل المستهلكين للمشتريات الكبيرة.

كما انخفضت مبيعات السيارات بنسبة تقارب ربعها في الأشهر التسعة الأولى من العام، بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض وزيادة الضرائب الحكومية المفروضة على إعادة التدوير، مما رفع الأسعار خاصة للسيارات المستوردة والكهربائية، في حين تسعى الحكومة لتعزيز إيرادات الميزانية ودعم شركات السيارات المحلية.

وفاقمت الضربات الأوكرانية أزمة سوق الوقود المحلي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار منذ نهاية أغسطس. وبينما تراجعت أسعار البنزين قليلاً في نوفمبر، إلا أنها لا تزال مرتفعة، وتستمر حالات النقص في بعض المناطق.

وتمر صناعة الصلب بأزمة، مع انخفاض الاستهلاك الإجمالي بنسبة 14% هذا العام، وفقاً لشركة Severstal PJSC الرائدة في صناعة الصلب. وانخفض الطلب على الصلب في قطاع البناء بنسبة 10%، وفي الماكينات بنسبة 32%. وتواجه صناعة الفحم أسوأ وضع لها خلال العقد، مع تخفيض الإنتاج من قبل الشركات الكبرى.

ولا يختلف وضع القطاع المصرفي كثيراً، إذ ارتفعت نسبة الديون المتعثرة للشركات إلى 10.4% في الربع الثاني لتصل إلى 9.1 تريليون روبل (112 مليار دولار)، بينما ارتفعت في القطاع الاستهلاكي إلى 12%، وفقاً لتقرير البنك المركزي الروسي في سبتمبر.

تصنيفات

قصص قد تهمك