يجتمع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، الأربعاء، لبحث جهود إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، فيما قلل الأمين العام للحلف مارك روته، من المخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يغيب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن حضور الاجتماع نصف السنوي لوزراء خارجية دول "الناتو"، ويرسل نائباً عنه لحضور الاجتماع، الذي سيُعقد في أعقاب مفاوضات حاسمة في موسكو وأوروبا بشأن مستقبل أوكرانيا.
وفي حديثه للصحافيين، مساء الثلاثاء، أكد روته أن روبيو لديه جدول مزدحم، قائلاً: "إنه يعمل بجدية كبيرة للاهتمام ليس فقط بالوضع في أوكرانيا، ولكن بالطبع العديد من القضايا الأخرى التي تشغل باله" مضيفاً: "لذلك أنا أتقبل تماماً عدم قدرته على الحضور إلى هنا الأربعاء، ولن أطرح أي تفسيرات لذلك".
في المقابل، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم الكشف عن هويته، إن روبيو حضر بالفعل عشرات الاجتماعات مع حلفاء الناتو، "وتوقع حضوره في كل اجتماع سيكون غير عملي تماماً"، وفق ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".
ومن المقرر أن يحضر الاجتماع نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لانداو، لبحث التزام الحلفاء باستثمار 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع.
أول غياب لوزير أميركي منذ 1999
ويأتي غياب روبيو عن اجتماع التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة بعد أن أثار اقتراح الرئيس دونالد ترمب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ نحو 4 سنوات، استياء حلفاء أوروبيين.
وكانت آخر مرة يتغيب فيها كبير الدبلوماسيين الأميركيين عن هذا الحدث في عام 1999، حين كان تركيز واشنطن منصباً على عملية السلام في الشرق الأوسط، وفق ما ذكرته متحدثة سابقة باسم "الناتو".
وتوقّعت "وول ستريت جورنال" أن يترك غياب روبيو أثراً واضحاً، خصوصاً أنه يأتي في خضم محادثات سلام بشأن أوكرانيا دفعت كثيراً من القادة الأوروبيين للتساؤل عما إذا كانت أولويات واشنطن لا تزال متوافقة مع أولويات أوروبا.
وفي هذه اللحظة محورية في تاريخ حلف "الناتو"، يعتقد حلفاء أوروبيون أن الغزو الروسي لأوكرانيا يشكل "تهديداً وجودياً"، فيما حذّر مسؤولون كبار من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما يشن هجوماً آخر على أوروبا في غضون 3 إلى 5 سنوات إذا انتصر في أوكرانيا.
في الوقت نفسه، تصر الولايات المتحدة على أن حلفاءها يجب أن يهتموا بالأمن في فنائهم الخلفي، كما أن الشكوك حول قيادة أميركا لـ"الناتو"، ووحدة الحلف تقوض قدرة المنظمة على ردع خصم مثل بوتين.
روته يقلل من المخاوف
وقلل روته من أهمية الأجزاء المثيرة للجدل في خطة ترمب الأصلية لإنهاء حرب أوكرانيا، مشيراً إلى أنها أعيدت صياغتها بشكل كبير لمعالجة مخاوف أوروبية.
ومضى قائلاً: "عليك أن تبدأ من مكان ما، يجب أن يكون لديك مقترحات على الطاولة"، مضيفاً: "عندما يتعلق الأمر بالناتو في صفقة إنهاء حرب أوكرانيا، سيجري التعامل مع ذلك بشكل منفصل، ومن الواضح أن ذلك سيشمل الحلف".
وأشارت مسودة الخطة الأميركية، إلى أن "الناتو لن يتوسع أكثر"، وهو مطلب روسي قديم، وأنه "لن يُسمح لأوكرانيا بدخول الحلف"، ما يتعارض مع وعد استمر لسنوات لكييف بأن لها مكاناً في "الناتو".
كما نصت الخطة على إجراء حوار بين روسيا و"الناتو"، بوساطة الولايات المتحدة، لحل جميع القضايا الأمنية وخلق فرص استثمار، وليس من الواضح كيف يمكن لأقوى عضو في الحلف أن يؤدي دور الوسيط.
وعلى الرغم من اقتراح استبعاد عضوية أوكرانيا، شدد روته على أن كييف لا تزال على "مسار لا رجعة فيه" للانضمام إلى أكبر منظمة أمنية في العالم، كما تعهد قادة الناتو في واشنطن في عام 2024.
لكنه أكد أنه من المستحيل سياسياً أن تصبح أوكرانيا عضواً، وهو الأمر الذي يتطلب موافقة جميع الحلفاء الـ32 بالإجماع. وقد استبعدت إدارة ترمب ذلك، كما تعارض المجر وسلوفاكيا أيضاً.
وتابع روته: "في الوقت الراهن، كما تعلمون، لا يوجد إجماع على انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو".
التزام أميركا تجاه "الناتو"
في القمة الأخيرة لحلف "الناتو" في لاهاي، طمأن ترمب الشركاء الأوروبيين عندما أكد التزام الولايات المتحدة بالمادة الخامسة من معاهدة الحلف، التي تنص على أن "أي هجوم، أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (أطراف الناتو)، يعتبر عدواناً عليهم جميعاً".
ووصف ترمب قادة الحلف الآخرين بأنهم "مجموعة لطيفة من الناس"، وقال إن "كل واحد منهم تقريباً قال شكراً للرب على الولايات المتحدة".
لكن يبدو أن العديد من تصريحاته منذ ذلك الحين تضع الولايات المتحدة خارج المنظمة التي طالما قادتها.
وفي أكتوبر الماضي، قال ترمب خلال اجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب: "نحن نبيع الكثير من الأسلحة لحلف الناتو، وأعتقد أن ذلك يذهب إلى أوكرانيا في معظمه. الأمر متروك لهم، ولكنهم يشترون الأسلحة من الولايات المتحدة".
كما تتزايد المخاوف بشأن خفض القوات الأميركية في أوروبا، حيث أعلنت رومانيا في أكتوبر أن الولايات المتحدة ستقلص وجودها العسكري في البلاد بما يصل إلى 3 آلاف جندي، مع تركيزها على التهديدات الأمنية في آسيا وأماكن أخرى.
ومن المتوقع أن تعلن الإدارة الأميركية عن خططها لإعادة نشر قواتها في أوائل عام 2026، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".











