قال أميرال في البحرية الأميركية، الخميس، إن وزير الحرب بيت هيجسيث لم يصدر أي توجيه يحمل عبارة "اقتلوهم جميعاً"، وذلك في وقت يواصل فيه الكونجرس التدقيق في ملابسات الهجوم الذي أسفر عن قتل اثنين من الناجين عقب الضربة الأولى لقارب يشتبه في تهريب المخدرات بالمياه الدولية قرب فنزويلا.
وقال السيناتور توم كوتون، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عقب خروجه من إفادة سرية: "الأميرال فرانك ميتشل برادلي كان واضحاً جداً بأنه لم يتلق أي أمر من هذا النوع، لا أمر بإعدام الأسرى، ولا بقتل الجميع.. لقد تلقى أمراً مكتوباً بالتفصيل"، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".
ودافع كوتون عن الهجوم، لكن نائباً ديمقراطياً حضر الإفادة قال إنه رغم عدم وجود أمر مباشر من هيجسيث بـ"قتلهم جميعاً"، فإنه ما زال يشعر بقلق بالغ من مقطع الفيديو المتعلق بالضربة الثانية.
وقال النائب الديمقراطي جيم هايمز، كبير أعضاء لجنة الاستخبارات في مجلس النواب: "ما رأيته في تلك الغرفة كان من أكثر المشاهد إرباكاً وقلقاً طوال سنوات خدمتي العامة".
وتابع: "كان هناك شخصان في حالة ضيق شديد وغير قادرين على الحركة داخل قارب مدمر، ومع ذلك انتهى بهما الأمر مقتولين على يد الولايات المتحدة".
وشارك برادلي في جلسات الإفادة داخل الكونجرس إلى جانب الجنرال دان كاين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، في لحظة قد تكون مفصلية ضمن التحقيق البرلماني الجاري بشأن كيفية تعامل هيجسيث مع العملية العسكرية في المياه الدولية قرب فنزويلا. إذ تتزايد الأسئلة حيال ما إذا كانت الضربة قد انتهكت القانون.
ما مبررات الضربة الثانية؟
ويطالب المشرعون بالكشف الكامل عن تفاصيل الضربات، وذلك بعد ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" حول أن برادلي أصدر في 2 سبتمبر أمراً بمهاجمة الناجين امتثالاً لتوجيه من هيجسيث بـ"قتل الجميع".
ويرى خبراء قانون أن الهجوم يُعد جريمة إذا كان استهدف ناجين، فيما يطالب نواب من الحزبين بمساءلة المسؤولين.
وتلقى قادة لجان القوات المسلحة والاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ إفادات حول الحادث. وامتنع معظم المشرعين عن التعليق أثناء مغادرتهم الجلسات السرية.
ويبحث الكونجرس عن إجابات لأسئلة مثل: ما هي الأوامر التي أصدرها هيجسيث بشأن العملية؟ وما مبررات تنفيذ الضربة الثانية؟
ويطالب الديمقراطيون إدارة الرئيس دونالد ترمب بالكشف عن الفيديو الكامل لضربة 2 سبتمبر، إلى جانب السجلات المكتوبة للأوامر وأي توجيهات أصدرها هيجسيث.
أما الجمهوريون، الذين يسيطرون على لجان الأمن القومي، فمع أنهم لم يطالبوا علناً بهذه الوثائق، فإنهم تعهدوا بإجراء مراجعة شاملة.
وقال السيناتور الجمهوري روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة: "ستُجرى التحقيقات وفق الأصول، وسنصل إلى الحقيقة الكاملة".
تصاعد الضغوط على هيجسيث
يحظى هيجسيث بدعم الرئيس دونالد ترمب، لكنه يواجه ضغوطاً متزايدة مع تصاعد الجدل بشأن الهجوم.
وقال هيجسيث إن ما أعقب الضربة الأولى على القارب وقع في "ضباب الحرب"، مضيفاً أنه "لم يبق" لمتابعة الضربة الثانية، لكنه اعتبر أن برادلي "اتخذ القرار الصحيح"، وكان يملك "السلطة الكاملة" لتنفيذه.
وفي تطور آخر الخميس، أصدر مفتش وزارة الدفاع تقريراً، حُجبت أجزاء منه، بشأن استخدام هيجسيث لتطبيق "سيجنال" في مارس لمشاركة معلومات حساسة تتعلق بضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن.
وخلص التقرير إلى أن هيجسيث عرّض أفراداً عسكريين للخطر باستخدام هاتفه الشخصي لذلك الغرض.
من هو الأميرال برادلي؟
كان برادلي وقت الهجوم قائد قيادة العمليات الخاصة المشتركة، التي تنسق عمليات النخبة العسكرية انطلاقاً من قاعدة فورت براج في ولاية نورث كارولاينا. وبعد نحو شهر من الضربة، تمت ترقيته لقيادة قيادة العمليات الخاصة الأميركية.
ويمتد مشواره العسكري لأكثر من ثلاثة عقود، قضى معظمها في قوات النخبة "نيفي سيلز" وفي قيادة العمليات المشتركة.
وكان من أوائل الضباط الذين انتشروا في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر. وقد حظي بترقيته الأخيرة إلى رتبة أميرال بموافقة جماعية من مجلس الشيوخ، مع إشادة من أعضاء جمهوريين وديمقراطيين بسجله المهني.
وقال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر: "أتوقع من برادلي أن يقول الحقيقة، ويكشف ما حدث، ولدي احترام كبير لمسيرته".
وذكر السيناتور الجمهوري ثوم تيليس أنه يعد برادلي من بين "أكثر الأشخاص صلابة" و"الأكثر تميزاً ممن خدموا في الجيش".
لكن تيليس وغيره من المشرعين شددوا على ضرورة المحاسبة إذا ثبت استهداف الناجين. وأضاف: "أي شخص في سلسلة القيادة كان مسؤولاً عن ذلك، أو كان على علم به، يجب أن يُحاسب".
ما الذي يبحث عنه المشرعون أيضاً؟
رغم عدم وضوح نطاق التحقيق، فإن هناك وثائق أخرى عن الهجوم قد تكشف المزيد. لكن الحصول عليها يعتمد إلى حد كبير على الجمهوريين، وهو احتمال قد يضعهم في مواجهة مع الرئيس.
وقال السيناتور جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة، إنه وويكر طلباً رسمياً الأوامر التنفيذية التي أجازت العملية، إلى جانب الفيديوهات الكاملة للضربات.
كما يطلبان معلومات الاستخبارات التي صنفت القارب كهدف مشروع وقواعد الاشتباك والمعايير المعتمدة لتمييز المقاتلين عن المدنيين.
وكان مسؤولون عسكريون يدركون وجود ناجين في الماء بعد الضربة الأولى، لكن الضربة اللاحقة نُفذت وفق تبرير مفاده ضرورة إغراق القارب، وفق شخصين مطلعين على الملف تحدثا لـ"أسوشيتد برس" بشرط عدم ذكر اسميهما.
وما يزال غير واضح من الذي أمر بالضربات وما إذا كان هيجسيث متورطاً، وهو ما يطمح المشرعون لمعرفته من برادلي.
وسعى مشرعون جمهوريون مقرّبون من ترمب إلى الدفاع عن هيجسيث، مؤكدين دعمهم للحملة العسكرية ضد عصابات تهريب المخدرات التي يصنفها الرئيس كـ"إرهابيي مخدرات".
وقال السيناتور الجمهوري ماركواين مولين: "لا أرى أي خطأ فيما حدث"، معتبراً أن الإدارة كانت محقة في استخدام سلطاتها العسكرية ضد عصابات المخدرات.
وقُتل أكثر من 80 شخصاً في سلسلة الضربات التي بدأت في سبتمبر. ويعتبر معارضو الحملة، مثل السيناتور ريتشارد بلومنتال، أن التساؤلات القانونية حول قتل الناجين هي نتيجة طبيعية لعملية عسكرية قامت، منذ بدايتها، على أسس قانونية هشة.
وأضاف بلومنتال: "قد لا يكون في الغرفة، لكنه كان في دائرة القرار، وكان أمره عاملاً رئيسياً، وتسبب بشكل متوقع في قتل هؤلاء الناجين".











