القصة الكاملة للمساهمة الخليجية في عمليات الإجلاء من كابول

طائرة نقل عسكرية تُجلي الرعايا الأجانب والمتعاونين الأفغان من مطار حامد كرزاي الدولي في كابول.  - Getty Images
طائرة نقل عسكرية تُجلي الرعايا الأجانب والمتعاونين الأفغان من مطار حامد كرزاي الدولي في كابول. - Getty Images
الكويت-الشرق

ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي في إجلاء آلاف الرعايا الأجانب، لا سيما الأميركيين والمتعاونين الأفغان من كابول، ضمن واحدة من أضخم عمليات الإجلاء التي يقوم بها عدد من الدول من أفغانستان، بعد تطورات الأوضاع الأخيرة.

الدول التي شاركت في عمليات الإجلاء، هي: الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والبحرين، والتي تستضيف قواعد أميركية أنشئت بموجب اتفاقيات دفاعية مع الولايات المتحدة، تبلور أبرزها بعد الغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990. فما قصة المشاركة الخليجية في عمليات الإجلاء؟ وكيف تحوّلت من مكان محتمل لتوطين اللاجئين، إلى محطات عبور ووجود مؤقت؟

مخاوف مبدئية

الحديث عن المشاركة الخليجية في عمليات الإجلاء بدأ أواخر شهر يوليو الماضي، عندما قام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بجولة في المنطقة، وأعلن حينها، في مؤتمر صحافي مع نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد، أنه طرح على الجانب الكويتي "نقل المترجمين الأفغان"، فيما لم يصدر أي تعليق من وزير الخارجية الكويتي على هذا الملف.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلت قبل ذلك عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الجيش الأميركي يستعد لإيواء قرابة 35 ألف مترجم أفغاني وأفراد عائلاتهم في قاعدتين أميركيتين في الكويت وقطر.

عزوف الوزير الكويتي عن التعليق على ما أعلنه نظيره الأميركي، توافق مع ما ذكرته مصادر دبلوماسية كويتية لـ"الشرق"، من أن الكويت "لم تعط الوزير الأميركي كلمة في هذا الملف"، مشيرة إلى أنه ملف "معقد وحساس" في الكويت.

المصدر الكويتي كشف لـ"الشرق" أن بلاده "تلتزم بالعلاقة الوثيقة التي تجمعها بالولايات المتحدة الأميركية، لكن لها حسابات وطنية تنطوي على مخاوف من طول بقاء آلاف الأفغان على أراضيها مع أسرهم حتى ولو كانوا في قواعد أميركية، إذ إن مرور الوقت قد يحول هؤلاء وأسرهم إلى لاجئين في الكويت".

تغير مسار الإجلاء

على إثر سيطرة حركة طالبان على كابول، تغيرت خطط ومسارات عملية الإجلاء، ليتحوّل المطلب الأميركي من الدول الحليفة بالمنطقة، إلى أن تكون "محطات عبور سريع إلى جهات ثالثة"، ما دفع الدول الأربع إلى التجاوب السريع، لضمان مزيد من الرحلات المتكررة لنقل الرعايا الأجانب ومن تعاون معهم من الأفغان.

دعم قطري

في الأثناء، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالات هاتفية مع قادة الدول الخليجية الأربع، للتعبير عن امتنانه للتعاون مع واشنطن،  

وفي هذا السياق، هاتف بايدن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 20 أغسطس، شاكراً قطر على المساعدة في عمليات الإجلاء، ووصف الدعم القطري بــ"السخي".

بدورها، أعلنت الخارجية القطرية أنها تعمل بشكل متواصل مع شركائها على إجلاء المدنيين الأفغان والصحافيين ومواطني الدول الصديقة من أفغانستان، عبر الدوحة، بواسطة رحلات تنظمها، إلى حين نقلهم الى وجهاتهم النهائية.

تسهيلات إماراتية 

كذلك، أجرى الرئيس بايدن اتصالاً بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر له خلاله عن شكره وتقديره للدعم والتسهيلات التي قدمتها دولة الإمارات في عمليات إجلاء الدبلوماسيين والرعايا الأميركيين ومواطني الدول الصديقة والأفغان الذين يحملون تأشيرات تلك الدول من أفغانستان.

وكانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات العربية المتحدة، أعلنت موافقة أبوظبي على استضافة 5 آلاف من المواطنين الأفغان بشكل مؤقت على أرضها، لحين نقلهم بطائرات أميركية في غضون أيام.

ويُقدر عدد من أسهمت الإمارات في إجلائهم، من الأفغان والأجانب عبر مطاراتها، بـ8500 شخص على الأقل.

مبادرة بحرينية

وفي ما يتعلق بالجهود البحرينية في عمليات الإجلاء، أفادت وكالة الأنباء البحرينية بأن ناقلة البحرين الوطنية، "طيران الخليج"، شاركت في عمليات الإجلاء، لتكون أول مشاركة لشركة تجارية في هذا المجال.

وتعبيراً عن الامتنان الأميركي للدور البحريني، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في تغريدة له على "تويتر": "تحدثت إلى ولي عهد البحرين لأقدم الشكر على الدعم في تسهيل العبور الآمن للمواطنين الأميركيين والأشخاص الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان، فقد مكنت شراكتنا الثنائية القوية من تقديم دعم سريع وحاسم للحالات في أفغانستان".

عون كويتي

أما بالنسبة إلى الكويت، فوصفت السفيرة الأميركية في الكويت، ألينا ل. رومانوسكي، في تصريح صحافي، الكويت بأنها "أحد أقرب أصدقائنا في الشرق الأوسط وكانت على مستوى الحدث ومدت يد العون بسرعة فائقة، إذ تكرمت الحكومة الكويتية بتسيير عدد من طائرات الخطوط الجوية الكويتية للمساعدة في تسهيل عمليات الإجلاء المهمة".

الوجود الأميركي في الكويت

في أعقاب تحريرها من الغزو العراقي في عام 1991، استقبلت صحراء الكويت قوات أميركية كبيرة، انتهى بها الأمر في قاعدتين رئيسيتين ومعسكرات أخرى بموجب اتفاقية أمنية بين البلدين.

و تعد "قاعدة الدوحة" الأمريكية في الكويت، أهم تلك القواعد، وهي تضم القيادة المركزية للجيش الأمريكي في المنطقة، إضافة إلى قوة المهام المشتركة، كما تمثل وفق تقارير مركزاً للدعم اللوجستي للجيش الأميركي في الشرق الأوسط.

إلى ذلك، توجد في "قاعدة علي السالم الجوية" شمال غربي الكويت، قاعدة أميركية تضم قوة جوية، فيما يضم "معسكر عريفجان" جنوبي الكويت، قوة برية، بينما يمثل "معسكر فرجينيا" (شمالي الكويت) مقراً للتدريب.

قاعدة الجفير

وفي البحرين، تتمركز قيادة الأسطول البحري الأميركي الخامس في "قاعدة الجفير "على بعد 5 أميال من العاصمة المنامة، حيث أصبحت "الجفير"، منذ عام 1993،مقراً عاماً للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأميركية للمنطقة الوسطى من العالم الواقعة ما بين آسيا الوسطى والقرن الإفريقي.

وإلى جانب "قاعدة الجفير"، تتمركز في "قاعدة الشيخ عيسى الجوية" في البحرين، مقاتلات تكتيكية أميركية وقاذفات قنابل، إضافة إلى طائرات تزود بالوقود.

الظفرة الإماراتية

أما في الإمارات العربية المتحدة، فتعد "قاعد الظفرة"، بمثابة منطلق رئيس للدعم اللوجستي في المنطقة، كما تضم القاعدة الفرقة الجوية رقم 380، بما في ذلك طائرات استطلاع وطائرات للتزود بالوقود.

العديد والسيلية في قطر

وفي قطر، تتمركز القوات الأميركية في "قاعدة السيلية"، إلى جانب العديد من القواعد الأخرى، التي تعد من أكبر القواعد الأميركية في المنطقة. علماً أن قطر بدأت استقبال قوات أمريكية منذ عام 1995.

وبين عامي 2002 و2003، استقبلت قطر القيادة الجوية العسكرية الأميركية، التي انتقلت من مقرها القديم في "قاعدة الأمير سلطان" في المملكة العربية السعودية، التي كانت فيها خلال عمليات تحرير الكويت في 1990 و1991.

حينها، اتفقت واشنطن والدوحة، على أن تكون "قاعدة العديد"، مركزاً للقيادة المركزية الأميركية في المنطقة، بتنسيق استراتيجي مستمر مع القيادة المركزية الأم في مدينة تامبا الواقعة في ولاية فلوريدا الأميركية، ومع وزارة الدفاع في واشنطن.

اقرأ أيضاً: