تترقب أوكرانيا نتائج محادثات المسؤولين الأميركيين والروس في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، السبت، تحسباً لانضمام وفدها إلى مفاوضات ثلاثية مشتركة، فيما تصاعدت الضربات الروسية الأوكرانية المتبادلة على جبهة القتال وسط اتهامات من كييف لموسكو بمحاولة منعها من الوصول إلى البحر الأسود.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن الولايات المتحدة عرضت "صيغة جديدة محتملة" لمحادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا بمشاركة مبعوثين أميركيين وربما أوروبيين.
وأوضح الرئيس الأوكراني، خلاله حديثه للصحافيين في كييف، أن بلاده ستعلن موقفها من هذه الصيغة بمجرد أن يتضح ما إذا كانت نتائج المناقشات الثنائية مع المفاوضين الأميركيين التي استؤنفت الجمعة إيجابية، مضيفاً أنه يعتزم تناول الأمر مع رئيس الوفد الأوكراني رستم عمروف.
وأضاف: "الولايات المتحدة تقترح الآن اجتماعاً ثلاثياً بمستوى مستشاري الأمن القومي أميركا، أوكرانيا، روسيا (...) إذا كان من الممكن عقد مثل هذا الاجتماع الآن للسماح بتبادل أسرى الحرب أو التوصل إلى اتفاق على اجتماع ثلاثي للقادة، فإننا سندعم مثل هذه المقترحات. لنرَ كيف ستسير الأمور".
وتابع زيلينسكي: "يبقى السؤال الرئيسي كيف سترد الولايات المتحدة بعد المشاورات مع الروس. في هذه المرحلة، بصراحة لا أعرف، لكنني سأعرف لاحقاً اليوم (السبت)".
في المقابل، قال مصدر روسي لوكالة "رويترز" إن من المستبعد عقد أي اجتماع بين وفد روسيا ومفاوضين أوكرانيين.
ويأتي الاجتماع الروسي الأميركي في أعقاب محادثات أميريكية، الجمعة، مع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين، وبثت المناقشات حول خطة سلام بعض الأمل في التوصل إلى حل للصراع الذي بدأ عندما شنت روسيا غزوها الشامل في فبراير 2022.
وسيقود كيريل دميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الوفد الروسي الذي سيلتقي مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
الضمانات الأمنية
وفي وقت لاحق، قال زيلينسكي، في منشور على منصة "إكس" إن "ما يهمنا هو سلام عادل ومستدام، لا يمكن انتهاكه بسبب نزوة أخرى من بوتين أو أي شخصية شبيهة به".
وتابع: "من المهم للغاية أن تكون هناك ضمانات أمنية قوية لمنع حتى التفكير أو القدرة الفعلية على العودة إلينا بالعدوان".
وواصل: "بالنسبة لي، الاتفاقية ليست مجرد توقيع وثيقة. يجب معرفة التفاصيل: ماذا سيحدث إذا جاء الروس بالعدوان وشنوا حرباً أخرى؟ كيف سيرد الأميركيون والأوروبيون؟ كيف سيرد شركاؤنا؟ ما هي حزمة الردع التي ستحصل عليها أوكرانيا؟ ماذا سيكون موجوداً على الأراضي الأوكرانية؟ كيف سيكون تجهيز جيشنا؟ ما مدى قوته، وما هي الاحتياطيات التي سنمتلكها؟ على ماذا يمكن أن نعتمد؟ وما هي حزمة العقوبات التي ستُفرض في الوقت نفسه على المعتدي؟
ويلتقي مفاوضون أميركيون بمسؤولين روس في مدينة ميامي، السبت، لإجراء أحدث مناقشات تهدف إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ تحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إقناع كل من روسيا وأوكرانيا بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.
وأشار مسؤولون أميركيون وأوكرانيون وأوروبيون، خلال محادثات في برلين، الأسبوع الماضي، إلى إحراز تقدم بشأن الضمانات الأمنية لكييف كجزء من المحادثات لإنهاء الحرب، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الشروط ستكون مقبولة لموسكو.
وضع "صعب" في أوديسا
وعلى الصعيد الميداني، وصف زيلينسكي الوضع في مقاطعة أوديسا، المطلة على البحر الأسود، جنوبي أوكرانيا، بأنه "صعب"، وذلك بعد أن كثفت روسيا هجماتها.
وقال زيلينسكي إن روسيا تحاول منع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود، فيما ذكر نائب رئيس الوزراء الأوكراني أوليكسي كوليبا أن هجوماً روسياً استهدف، السبت، خزانات مياه في ميناء بيفديني، وذلك بعد يوم من هجوم صاروخي أودى بحياة 8 أشخاص هناك.
وأضافت كوليبا، على تطبيق "تليجرام"، أن قوات موسكو تستهدف عمداً طرق الإمدادات المدنية في منطقة أوديسا.
وأفاد مسؤولون أوكرانيون بأن القوات الروسية استهدفت، يومي الخميس والجمعة، جسراً على مصب نهر دنيستر بالقرب من قرية ماياكي بشمال شرق بيفديني. ويربط الجسر أجزاء من المنطقة، وهو الطريق الرئيسي الوحيد المؤدي إلى معابر دولة مولدوفا الحدودية في الغرب.
وتشن روسيا حملة جوية شبه متواصلة باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ على منطقة تضم موانئ بالغة الأهمية للتجارة الخارجية وإمدادات الوقود لأوكرانيا، وذلك بعد تهديد موسكو بقطع الإمدادات البحرية عن أوكرانيا.
وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقطع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود رداً على هجمات كييف بمركبات مسيّرة بحرية على ناقلات نفط تقول إنها تابعة "لأسطول الظل" الروسي الذي ينتهك العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
وتسببت إحدى أكبر الغارات الجوية الروسية على منطقة البحر الأسود الاستراتيجية، الأسبوع الماضي، في إلحاق أضرار بمنشآت طاقة وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي في أوديسا مما أدى إلى بقاء مئات الآلاف من المدنيين في ظلام لعدة أيام.
أوكرانيا تهاجم في بحر قزوين
في المقابل، قالت أوكرانيا إن طائراتها المسيرة هاجمت منصة نفط روسية تابعة لشركة "لوك أويل" Lukoil، في بحر قزوين، وسفينة دورية عسكرية بالقرب من منصة.
هذا الهجوم، الذي قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنه وقع، الجمعة، هو حلقة في سلسلة من الضربات التي استهدفت البنية التحتية الروسية لاستخراج النفط في بحر قزوين خلال الأسابيع القليلة الماضية، ولكنه أول هجوم يعترف به الجيش الأوكراني رسمياً.
وقال الجيش إن منصة حفر تابعة لمنصة "فيلانوفسكي" النفطية تضررت من جرّاء الهجوم. وتعرضت منصة النفط لهجومين آخرين على الأقل في ديسمبر.
ولم تتمكن "رويترز" من التحقق من الأمر. ولم يتسن الحصول على تعليق بعد من شركة "لوك أويل".
وذكرت هيئة الأركان العامة أنه تم استهداف سفينة دورية عسكرية أيضاً، ويجري تقييم مستوى الضرر.
تحذير استخباراتي
وفي وقت سابق السبت، ذكرت مصادر مطلعة لـ"رويترز" أن تقارير الاستخبارات الأميركية تواصل التحذير من أن بوتين يعتزم الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها، وهو ما يتناقض مع تأكيدات بعض المسؤولين الأميركيين بأن موسكو مستعدة للسلام.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الجمعة، إنه لن يجبر أوكرانيا على أي اتفاق لإنهاء الغزو الروسي، في وقت انضم فيه الحلفاء الأوروبيون إلى محادثات جديدة في ميامي.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال الأسبوع الماضي، إنه أجرى حديثاً مطولا مع نظيره الأوكراني زيلينسكي، وإنه يبدو أن الأمور تسير على ما يرام في مساعي إنهاء الحرب مع روسيا.
وتأتي محادثات عطلة نهاية الأسبوع في ميامي، بينما تعهد الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي السنوي بمواصلة هجومه العسكري في أوكرانيا، مشيداً بالانتصارات الميدانية بعد ما يقرب من أربع سنوات على الحرب.
مكاسب روسية
وحذر بوتين، الجمعة، من أن موسكو ستسعى إلى تعزيز مكاسبها في أوكرانيا إذا رفضت كييف وحلفاؤها الغربيون مطالب الكرملين في محادثات السلام.
ويريد بوتين الاعتراف بجميع المناطق التي سيطرت عليها قواته في أربع مناطق رئيسية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، كأراضٍ روسية. كما طالب أوكرانيا بالانسحاب من بعض المناطق في شرق أوكرانيا التي لم تسيطر عليها القوات الروسية بعد.
ويُصر الكرملين أيضاً على أن تتخلى أوكرانيا عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويحذر من أن موسكو لن تقبل بنشر أي قوات من أعضاء الناتو، وستعتبرهم "هدفاً مشروعاً".
وقال بوتين في المؤتمر السنوي: "قواتنا تتقدم على طول خط التماس بالكامل. أنا متأكد من أنه قبل نهاية هذا العام، سنشهد نجاحات جديدة".











