توجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إلى ولاية فلوريدا للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في سادس اجتماع بينهما منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، فيما تتصدر المرحلة الثانية من اتفاق غزة، جدول المباحثات، بينما نقلت شبكة CNN الأميركية عن مصادر إسرائيلة، أن نتنياهو يسعى للحصول على موافقة واشنطن لشن "عملية عسكرية" جديدة على القطاع الفلسطيني، "لإرضاء الحلفاء من اليمين المتطرف في حكومته"، قبل المضي قدماً في اتفاق وقف إطلاق النار.
وأقلعت طائرة نتنياهو، صباح الأحد، من مطار بن جوريون، ومن المقرر أن تصل إلى فلوريدا في الثانية ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (6 مساءً بتوقيت جرينتش).
ولم يعلن البيت الأبيض موعداً رسمياً للاجتماع، لكن مكتب نتنياهو ذكر أنه سيُعقد الاثنين، في منتجع مارالاجو الذي يملكه ترمب في ولاية فلوريدا.
ولم يرافق الصحافيون نتنياهو في الرحلة، مثلما جرت العادة، كما لم يدل بأي تصريح علني قبل صعوده إلى الطائرة. وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن زيارة نتنياهو من المقرر أن تستمر حتى الخميس.
وأظهرت بيانات موقع Flightradar24 لتتبع الرحلات، أن عشرات الآلاف من الأشخاص يتابعون طائرة نتنياهو في طريقها إلى الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن المحادثات في فلوريدا ستتركز بشكل أساسي على الجهود الأميركية للمضي قدماً في المرحلة الثانية من خطة ترمب الخاصة بغزة، إضافة إلى التوترات المتصاعدة المرتبطة بلبنان وسوريا، ومحاولات إيران إعادة بناء قدراتها الصاروخية.
وكان ترمب قد أكد في وقت سابق من الشهر الجاري، أن اللقاء المرتقب جاء بطلب من نتنياهو.
نهج نتنياهو في لقاء ترمب
وتظل غزة أكثر ساحات الخلاف حساسية بين واشنطن وتل أبيب، فبينما يسعى ترمب للمضي قدماً في المرحلة التالية من خطة وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، يعمل نتنياهو مع شركائه في الائتلاف الحاكم على عرقلة الانتقال إلى هذه المرحلة.
وقالت مصادر إسرائيلية لشبكة CNN، إن نتنياهو يسعى لشن "عملية عسكرية" أخرى في غزة، قبل المضي قدماً في أي اتفاق.
وأضافت المصادر، أن نهج نتنياهو يعتمد على "ربط الملفات"، عبر التقدم في غزة مقابل "ضمانات تتعلق بإيران ولبنان، ومراعاة اعتبارات السياسة الداخلية، وربما دعم جهود العفو عنه"، إذ يواجه المحاكمة في قضايا فساد.
وقبل اجتماعه مع ترمب، من المتوقع أن يلتقي نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الاثنين. ووفق قناة شبكة i24 الإسرائيلية، سيلتقي نتنياهو بزعماء الجالية اليهودية في ميامي وممثلين عن الطائفة المسيحية الإنجيلية، المعروفة بدعمها لإسرائيل.
كما سيلتقي بمشرعين من الكونجرس الأميركي، خلال رحلته إلى فلوريدا، ويحضر فعاليات تجمع طلاباً ومؤثرين موالين لإسرائيل.
ومن المقرر أن يغادر نتنياهو الولايات المتحدة عائداً إلى إسرائيل بعد ظهر الخميس، على أن يصل إلى تل أبيب ظهر الجمعة.
المرحلة الثانية من اتفاق غزة
ولم توقع إسرائيل وحركة "حماس" رسمياً على المرحلة الثانية من اتفاق غزة. ومن المفترض أن تشهد هذه المرحلة إنشاء حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة القطاع، تحت إشراف "مجلس السلام" الذي سيرأسه ترمب، بالإضافة إلى نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار بالتزامن مع الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع.
ويُنسق المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وصهر ترمب، جاريد كوشنر، بشكل وثيق مع الوسطاء في اتفاق غزة (مصر وقطر وتركيا)، للمضي قدماً في المرحلة الثانية من الاتفاق، بما يشمل تسليم حركة "حماس" الفلسطينية لأسلحتها، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
ومع ذلك، أعرب نتنياهو عن تشككه، لا سيما فيما يتعلق بـ"نزع سلاح" الفصائل الفلسطينية في غزة، واختلف مع ويتكوف وكوشنر بشأن الخطة، وفقاً لما ذكره موقع "أكسيوس". وقال مسؤول إسرائيلي: "ليس من الواضح ما إذا كان ترمب يتفق مع ويتكوف وكوشنر في الرأي".
أبرز بنود المرحلة الثانية من اتفاق غزة
- إنشاء "مجلس السلام" وذراعه التنفيذية "قوة الاستقرار الدولية".
- انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى "الخط الأحمر" لتصبح مساحة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل تعادل نحو 20% من مساحة قطاع غزة.
- بموجب الاتفاق، يُحظر على إسرائيل احتلال القطاع أو ضمه بشكل دائم.
- خطة التعامل مع سلاح الفصائل الفلسطينية، وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة.
- تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة شؤون القطاع.
- بدء خطة إعادة إعمار القطاع وإزالة الركام والأنقاض.
في المقابل ترى حركة "حماس" الفلسطينية، في الخروقات الإسرائيلية التي سُجلت في المرحلة الأولى، مدعاة للمطالبة بضمانات أكبر وأكثر جدية في المراحل التالية. مسؤول في الحركة قال لـ"الشرق" في مطلع ديسمبر: "لا يوجد أي ضمانات للحماية الجماعية والفردية سوى بقاء السلاح، لهذا لا يمكن بحث هذا الموضوع قبل انسحاب إسرائيلي كامل وشامل، ووجود قوات دولية للفصل بين الجانبين وحماية الشعب الفلسطيني من الاجتياحات والاغتيالات".
نقاط خلافية
ويتوقع مسؤولون إسرائيليون، حسبما نقلت صحيفة "هآرتس"، "حدوث خلافات" بين ترمب ونتنياهو، بشأن دور تركيا في قوة الاستقرار الدولية في قطاع غزة، وبدء إعادة إعمار القطاع بعد الحرب قبل نزع سلاح "حماس" بالكامل، فضلاً عن تحديد مكان رفات الرهينة المتوفى ران جفيلي.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على تفاصيل الزيارة، أنها "تواجه صعوبة في تقييم ما إذا كان ترمب سيتخذ نهجاً ودياً أم عدائياً تجاه نتنياهو".
وقال أحد المصادر: "مع ترمب، لا يمكنك أن تعرف أبداً، ولكن ظاهرياً لا يوجد سبب يمنع المحادثة من أن تكون جيدة". وفي الوقت نفسه، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون، أن ترمب ونتنياهو يمكن أن يحققا تقدماً كبيراً في المحادثات بشأن سوريا.
كان موقع "أكسيوس" الأميركي، نقل، في وقت سابق، عن مسؤولين في البيت الأبيص، اعتقادهم بأن نتنياهو "يُبطئ عملية السلام"، مشيراً إلى أنهم "يخشون أن يعيد استئناف الحرب.
وذكر الموقع، أن الفريق الأعلى في إدارة ترمب، بدأ يشعر بالإحباط بسبب الخطوات التي اتخذها نتنياهو والتي وصفها بأنها "تقوّض وقف إطلاق النار الهش وتعرقل عملية السلام".
وأضاف أن فريق ترمب، وجد نفسه، مثل إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، في جدال مستمر مع الإسرائيليين منذ أسابيع بشأن مسائل تكتيكية مثل فتح معبر رفح مع مصر، وتوفير خيام النازحين الفلسطينيين.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ"أكسيوس": "(نائب الرئيس الأميركي) جي دي (فانس)، (وزير الخارجية الأميركي) ماركو (روبيو)، جاريد (كوشنر)، ستيف (ويتكوف)، (كبيرة موظفي البيت الأبيض) سوزي (وايلز). لقد خسرهم نتنياهو جميعاً. الشخص الوحيد المتبقي لديه هو الرئيس (ترمب)، الذي لا يزال يحبه، لكنه يريد أيضاً أن يرى صفقة غزة تتحرك بشكل أسرع مما هي عليه الآن".
ملفات إقليمية
وستشمل محادثات نتنياهو وترمب المرتقبة، ملفات إقليمية أخرى من بينها سوريا وإيران، إذ يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي لعرض خيارات عسكرية ضد إيران على ترمب، خلال لقاء فلوريدا، بدعوى تسارع إنتاج الصواريخ الباليستية.
وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "هناك حاجة لتنسيق المواقف في ضوء تقدم إيران. كما سيعرض نتنياهو على ترمب الخيارات المطروحة إذا لزم الأمر: اتفاق أميركي-إيراني يعالج جميع القضايا العالقة؛ أو خيار توجيه ضربة إسرائيلية ضد طهران؛ أو توجيه ضربة أميركية إسرائيلية مشتركة".
وتأمل تل أبيب، وفق مصادر إسرائيلية، أن يمنح ترمب الضوء الأخضر لنتنياهو، إذا أصبح توجيه ضربة إسرائيلية أمراً ضرورياً.











