يواجه وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي عاصفة انتقادات حادة في بلده، بسبب تصريحات صحافية شبّه فيها الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بخروج فرنسا من الجزائر عام 1962 بعد 132 عاماً من الاستعمار.
وأتت الانتقادات من سياسيين ومؤرخين وصفوا تلك التصريحات بـ"الخطيرة والمدهشة"، موثّقين الحجج المضادة التي تنقض أقوال الدبلوماسي، الذي شغل مناصب عدة كمندوب للأمم المتحدة في سوريا والعراق وأفغانستان.
وأعرب الأمين العام بالنيابة لـ"منظمة المجاهدين" (قدماء المحاربين)، محند واعمر بن الحاج، عن أسفه لتصريحات الإبراهيمي، قائلاً إنه "لا يمكن وصفها إلا بالمدهشة".
وشدد محند واعمر، في كلمة نشرتها المنظمة "القوية" على قناتها في "يوتيوب"، على أن "لا مجال للمقارنة بين الوجود الفرنسي في الجزائر كاستعمار لمدة 132 عاماً، بالوجود الأميركي في أفغانستان، الذي تحالف مع الحكومة الأفغانية ضد حركة طالبان".
وأضاف أن "الإبراهيمي أصابه الخرف، وهو التفسير الوحيد لما صرّح به على منابر فرنسية".
تصريح الإبراهيمي
الإبراهيمي قال لصحيفة "لوموند" الفرنسية في 31 أغسطس إن "الخروج الأميركي من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب، لا يمكن اعتباره هزيمة عسكرية، إنه يشبه تماماً ما حصل مع خروج فرنسا من الجزائر".
وأضاف الإبراهيمي، الذي شغل منصب مبعوث الأمم المتحدة في أفغانستان والعراق بين يوليو 1997 وأكتوبر 1999، أي قبل بدء حرب أفغانستان، أن "الولايات المتحدة هي التي قررت المغادرة. الأميركيون بدؤوا التفكير بالمغادرة منذ قتل بن لادن، ولكن لم تسعفهم الظروف".
"انحراف خطير"
بدوره، وصف المؤرخ الجزائري محند أرزقي تصريحات الإبراهيمي بـ"الانحراف الخطير جداً"، مشيراً إلى أن "كل الدلائل تُظهر أن فرنسا خسرت الحرب في الجزائر، ففي رحلتها إلى الاستقلال أسقطت الثورة الجزائرية 6 حكومات، وتسببت بإسقاط الجمهورية الرابعة".
كما أشار المؤرخ في مقابلة مع موقع "كل شيء عن الجزائر"، إلى تصريح الرئيس الفرنسي الأسبق الجنرال شارل ديجول، الذي أقر علناً بأن الانتصار العسكري في الجزائر غير ممكن.
وفي 31 أغسطس، أتمّت الولايات المتحدة انسحابها العسكري وإجلاء دبلوماسييها من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب، وذلك بموجب اتفاق مع حركة "طالبان" وقّعته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في فبراير 2020، لإنهاء أطول حرب أميركية، شنّتها في الأساس إثر أحداث 11 سبتمبر 2001.
وتأتي تصريحات الإبراهيمي في وقت تخوض الجزائر وفرنسا مفاوضات حازمة، بشأن ما يُعرف لدى البلدين بـ"ملف الذاكرة المشتركة"، وهي فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر من سنة 1830 إلى 1962، التي تطالب الجزائر باريس بالاعتذار عنها.