قالت مجلة "بوليتيكو" إن مواقف طهران تتناقض مع إصرار حكومتها "المتشددة" الجديدة على رغبتها في العودة إلى محادثات فيينا، وسط "تشاؤم" أميركي بشأن إحياء المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق للحد من أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، فيما وصفه دبلوماسيون بأنه "تلاعب لكسب الوقت".
وأشارت النسخة الأوروبية من المجلة في تقرير، الجمعة، إلى أن المسؤولين الإيرانيين عقدوا مؤخراً عشرات الاجتماعات مع مسؤولين أجانب، لمناقشة المحادثات النووية، لكنهم كشفوا عن تفاصيل قليلة بشأن موعد عودتهم، وما يريدونه.
في غضون ذلك، تواصل الحكومة الإيرانية، بحسب المجلة، اتباع "سياسة دفع الأمور إلى حافة الهاوية" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعقد صفقات لتجنب اللوم، لمنع وصول المفتشين بعد أيام.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن "تكتيكات الدفع والجذب"، أثارت مخاوف في الأوساط الدبلوماسية بشأن صعوبة العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018 بشكل أحادي بقرار من الرئيس السابق دونالد ترمب، فيما يحاول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إعادة إحياء الاتفاق منذ تنصيبه في يناير الماضي.
ومنذ ذلك الحين، أجرت القوى العالمية ست جولات من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا، على أمل التوصل لاتفاق، ولكن المحادثات توقفت منذ يونيو الماضي بسبب الانتخابات الإيرانية.
"تلاعب لكسب الوقت"
ونقلت المجلة عن دبلوماسي بارز، تحدث بشرط عدم كشف هويته، قوله إن "إيران تتلاعب لكسب الوقت، وستواصل في غضون ذلك تعزيز برنامجها النووي لكسب النفوذ السياسي".
وأضاف الدبلوماسي: "إيران غالباً لن تعود إلى طاولة المفاوضات في فيينا إلا إذا قدم الغرب دليلاً على حسن النية أو تنازلات معينة لإيران".
وأشار الدبلوماسي إلى أن إيران قد ترى الولايات المتحدة "ضعيفة" في الوقت الراهن بسبب سلسلة من الأزمات الدبلوماسية، مثل الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والخلاف مع فرنسا بشأن إلغاء اتفاقية شراء غواصات مع أستراليا.
ورجح المسؤول أن هذا التحوّل قد يشجع إيران على تشديد موقفها في المفاوضات.
على نحو مماثل، استبعد هنري روم، المحلل لدى مجموعة "أوراسيا غروب" البحثية، إعادة إحياء الاتفاق النووي هذا العام، بسبب تزايد الغموض بشأن رغبة إيران والإطار الزمني القصير.
مواقف متضاربة
"بوليتيكو" لفتت إلى أن المواقف المتضاربة لطهران أدت إلى تمديد الإطار الزمني المتوقع لإبرام اتفاق نووي جديد.
وأضافت المجلة أن المسؤولين الإيرانيين، لم يقدموا ما يدعو للتفاؤل أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي في نيويورك.
وأفاد ثلاثة مسؤولين مطلعين على الأمر، بأن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، "لم يقدم معلومات محددة حول موعد المحادثات خلال نحو 50 اجتماعاً ثنائياً مع القادة السياسيين من جميع أنحاء العالم".
وذكرت المجلة أن الحلفاء الغربيين استخدموا هذه الاجتماعات لحث أمير عبد اللهيان على العودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفة أن "إحياء الاتفاق النووي كان موضوعاً مشتركاً في اجتماعات وزير الخارجية الإيراني مع وزراء خارجية ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، ومسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل".
وقال بوريل في بيان صحافي، بعد لقائه مع أمير عبد اللهيان في نيويورك، إن وزير الخارجية الإيراني "أكد استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات قريباً".
انتهاكات مستمرة
لكن إيران منعت في المقابل، مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة منشأة "كرج" في طهران، التي تستخدم لتجميع أجهزة الطرد المركزي وآلات تخصيب اليورانيوم.
وقالت المجلة إنها اطلعت على تقرير سري تسلمه أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أفاد بأن المدير العام للوكالة، رافاييل جروسي، أرسل 4 رسائل إلى إيران يطلب فيها الدخول إلى الموقع، ولكن دون جدوى.
وأضاف التقرير أن رفض إيران السماح لمفتشي الأمم المتحدة بزيارة منشأة "كرج"، يمثل انتهاكاً للاتفاق الأخير، حتى مع سماحها لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة جميع المواقع النووية الأخرى.
في سياق متصل، قال إريك بروير، أخصائي الانتشار النووي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، للمجلة، إن إيران "ربما يكون لديها ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع قنبلة نووية في غضون بضعة أشهر".
وأضاف أن طهران "لا تزال بحاجة إلى تحويل المادة إلى النواة النووية، والمتفجرات والمكونات الأخرى اللازمة لصناعة جهاز نووي"، موضحاً أن "كل ذلك يتطلب وقتاً أطول".
اقرأ أيضاً:
