توقعت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الثلاثاء، إعلان منظمة الصحة العالمية، الأسبوع المقبل، عن لجنة جديدة تستهدف التحقيق في مسببات الأمراض المستحدثة. واعتبرت أن تلك الخطوة محاولة من المنظمة لإعادة ضبط نهجها حول تحديد كيفية بدء جائحة كورونا.
وواجه تقرير منظمة الصحة العالمية حول منشأ فيروس كورونا، مطلع العام الجاري، انتقادات كبيرة، بعد استبعاد فرضية "التسرب" من مختبر ووهان، باعتبار أنه "صدر سريعاً من دون تعمق"، بسبب "تعتيم الصين على بعض المعلومات"، وهو ما أيده لاحقاً المدير العام للمنظمة تيدروس أدناهوم جبريسيوس.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن اللجنة الجديدة، المعروفة باسم "المجموعة الاستشارية العلمية الدولية لأصول مسببات الأمراض المستحدثة"، "ستختلف في عدة جوانب عن فريق المنظمة الذي أعد التقرير السابق"، قائلة إن "الصين كان لها تأثير كبير في أعضائه".
وتختص اللجنة بإبداء رأيها في ظهور أي مسببات جديدة للأمراض بخلاف فيروس كورونا، ما يمنحها صفة الاستمرارية التي يمكن أن تساعد في تحصينها من الخلافات السياسية، وتعزيز سلطة منظمة الصحة العالمية في حالات التفشي المستقبلية، وفقاً لـ"نيويورك تايمز"
العلم يواجه السياسة
ورأت الصحيفة أن منظمة الصحة العالمية "تحاول حماية جهودها من أقل التلميحات بشأن الخضوع غير المبرر للصين"، فيما قالت المسؤولة التقنية عن مكافحة "كوفيد-19" في المنظمة ماريا فان كيركوف، إن اللجنة الجديدة تضم نحو 20 من علماء الفيروسات، والوراثة، والحيوان، وأخصائيي الأمن والسلامة.
وأضافت كيركوف لـ"نيويورك تايمز" أن الجدل القائم حول فيروس كورونا يأتي "وسط عداوة وتحيز وتسييس"، لافتة إلى أن منظمة الصحة العالمية "تريد إرجاع الأمر إلى العلم، والقيام بمهمتها في تحديد ما يجب القيام به كمنظمة تجمع أفضل العقول في العالم".
وقالت كيركوف إن اللجنة الجديدة "ستساعد المنظمة على العودة إلى جذورها"، موضحة أنها ستناقش أصول الفيروس في "اجتماعات مغلقة".
تضارب مصالح
وبيّنت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن أكثر من 700 شخص تقدموا بطلبات للانضمام إلى اللجنة الجديدة، على الرغم من التحديات الكبيرة التي ستواجهها، معتبرة أن "إكمال المهمة بالأدوات المتاحة وبشكل يُرضي الجميع شبه مستحيل"، خصوصاً أن علماء العالم والمحققين على الإنترنت سيدققون في كل خطوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العمل في اللجنة الجديدة غير مدفوع الأجر. ولفتت إلى أن منظمة الصحة العالمية طالبت الأعضاء المحتملين فيها بتقديم بيان بشأن أي تضارب في المصالح أثناء التقديم.
وذكر لورانس جوستين، مدير "معهد أونيل للقانون الوطني والعالمي" في "جامعة جورج تاون" للصحيفة أن "تضارب المصالح بين أعضاء المجموعة السابقة وضع منظمة الصحة العالمية في مأزق"، منوهاً إلى أن "اللجنة الجديدة لها أهداف عدة".
وأشار إلى أن "اختيار مجموعة أكبر تمثل نطاقاً أوسع من الخبرات والمناطق الجغرافية، سيساعد المنظمة على حشد دعم دولي واسع النطاق وعلى تسليط الضوء على تعنت الصين".
مهمة إقناع الصين
ويعتقد العديد من العلماء أن "أهم ما في المهمة الجديدة، هو شيء سيكون الفريق الاستشاري الجديد عاجزاً عن تحقيقه"، ويتجلى في "إقناع الصين بنشر أدلة الإصابات الأولى بالفيروس، والسماح بفحص مختبرات الفيروسات، وكهوف الخفافيش، ومزارع الحيوانات البرية داخل حدودها. ودائماً بحسب "نيويورك تايمز".
ويتضمن الفريق الاستشاري الجديد لمنظمة الصحة العالمية متخصصين في مجالات سلامة المختبرات والأمن البيولوجي. وهي خطوة يقول المحللون إنها قد تساعد في تهدئة الحكومات الغربية التي تضغط لمعرفة ما إذا كان الفيروس نشأ في مختبر، وفقاً للصحيفة.
ولطالما كانت ردود الفعل الصينية غاضبة حيال فكرة ظهور الفيروس من أحد المختبرات الصينية. وسبق أن ضغطت بكين من أجل التحقيق بشأن الحالات الأولى للفيروس، التي ظهرت في دول مثل إيطاليا وبعض منشآت الأبحاث الأميركية.
وقال الزميل الأول في شؤون الصحة العالمية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ديفيد فيدلر، إن "المجموعة الجديدة قادرة على القيام بكل ما تريده". لكنه توقع أن "الصين لن تتعاون"، مضيفاً: "بالنسبة لهم، كل ذلك يبدو وكأنه هجوم على استجابة الصين للجائحة". وختم: "إنها لعبة ذات محصلة صفرية".