"العفو" و"الحوار".. خطوات كويتية على طريق "المصالحة الوطنية"

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال استقباله رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم في قصر بيان - الكويت - 29 سبتمبر 2021 - kna.kw
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال استقباله رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم في قصر بيان - الكويت - 29 سبتمبر 2021 - kna.kw
دبي -الشرق

دخلت الكويت مرحلة سياسية جديدة، مع إعلان رئيس مجلس الأمة الكويتي "البرلمان" مرزوق الغانم، الاثنين، صدور مرسومين أميريين للعفو عن المحكوم عليه في قضايا سابقة، من ضمنها قضيتي اقتحام مجلس الأمة عام 2011، وخلية العبدلي التي ألقي القبض على المتهمين فيها في عام 2015.

وقال الغانم في مؤتمر صحافي، "صدر مرسومان أميريان قاضيان بمنح العفو عن بعض أبناء الكويت المحكومين في قضايا سابقة"، مضيفاً، "نسأل الله تعالى تكون صفحة جديدة ومرحلة جديدة لأن العفو ليس هو غاية المجتمع، إنما حل مشاكلهم والالتفات إلى القضايا المهمة العالقة التي تأخرنا في تحقيقها وتحقيق أي إنجاز مذكور فيها هي أهم بكثير".

القصة بدأت حينما شهدت الكويت خلال الأشهر الماضية انسداداً سياسياً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، الأمر الذي دفع أمير الكويت في سبتمبر الماضي للدعوة إلى "حوار وطني" بين السلطتين، في حين توقع خبراء بأن يسود ملف العفو عن المعارضين الكويتيين أجواء جولات الحوار.

وتعد قضية العفو إحدى القضايا العالقة بين الحكومة والمعارضة داخل البرلمان الكويتي، إذ كانت الحكومة تصر على طلب العفو الخاص، في حين وافقت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة الكويتي على مقترح قانون للعفو العام عن المدانين في قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011.

ويختلف العفو الخاص عن العفو العام، إذ يشمل الأول الإعفاء من العقوبة، فيما يبقى المعفى عنه مداناً، ويُضَم الحكم الصادر ضده إلى صحيفته الجنائية، ما يمنعه من الترشح لمجلس الأمة، أما الثاني والذي يصدر بقانون، فيسقط العقوبة والسابقة وكأنها لم تكن، ما يتيح للمعفى عنه الترشح لعضوية المجلس.

"المصالحة الوطنية"

وناشد 40 نائباً في مجلس الأمة الكويتي في بيان، في أكتوبر الماضي، أمير الكويت بإقرار قانون العفو، كـ"أولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة"، موضحين أن "ما يشهده العالم والإقليم من تحديات كبرى يوجب علينا جميعاً نبذ الخلافات والعمل بروح الأسرة الواحدة".

ودعا البيان أمير الكويت، إلى "الموافقة على البدء بأولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة بإقرار العفو عن أبناء الكويت المحكومين لرأي أو موقف سياسي تحكمه ظروف حدوثه ووقتها، حتى لا تبقى هذه الملفات عائقاً دون خلق أرضية هادئة في فترة حساسة من تاريخ المنطقة والعالم".

وأكد الموقعون على البيان، أن صدور مرسوم العفو سيؤدي "إلى استقرار سياسي دائم وقواعد سياسية جديدة وتعاون بناء بين كل الأطراف في البرلمان وخارجه لفتح صفحة بيضاء لكويت جديدة"، بحسب ما أوردته صحيفة "القبس" الكويتية.

وبعد يوم من البيان، وجه أمير الكويت، في 20 أكتوبر الماضي، رؤساء السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية باقتراح شروط وضوابط تمهيداً لإصدار عفو عن عدد من الشخصيات الكويتية التي صدرت أحكام بحقها قبل قرار تنفيذ العفو، مستخدماً بذلك المادة 75 من الدستور الكويتي، في سبيل إنهاء الاحتقان السياسي في البلاد، وفق بيان لوزير شؤون الديوان الأميري في الكويت.

وتنص المادة 75 من الدستور، على أنه "للأمير أن يعفو بمرسوم عن العقوبة أو أن يخفضها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون وذلك عن الجرائم المقترفة قبل اقتراح العفو".

وفي ذات السياق، أعرب عدد من  المعارضين الكويتيين المتواجدين في تركيا من بينهم المعارض الكويتي البارز مسلم البراك، عن شكرهم لأمير الكويت على التمهيد لإصدار العفو الخاص، مؤكدين أن "تطبيق توصيات الحوار الوطني، هو الكفيل بتخفيف حدة الخلاف السياسي السائد والمستمر".

وانتهت الاجتماعات بين السلطات الثلاث إلى رفع التقرير الأول من لرؤساء السلطات الثلاث المتعلق بالعفو إلى أمير الكويت، فيما أكد الغانم أن "التقرير رُفع في 4 نوفمبر الماضي، ويبقى الأمر لصاحب الأمر الذي أعلن عبر تكليفه عن رغبة سموه باستخدام حقه في العفو الخاص وفقاً للمادة 75 من الدستور".

ورداً على سؤال بشأن إمكانية أن ترفع السلطات الثلاث تقارير أخرى، أجاب الغانم، "نعم ستكون هناك تقارير أخرى لأنه لا يعقل ولا يمكن أن يكون واقعياً ومنطقياً أن تتم دراسة كافة القضايا خلال هذه الفترة الوجيزة"، لافتاً أنه "في هذه الفترة الوجيزة تمت دراسة قضايا مهمة ومعقدة وشائكة وسنستمر في دراسة القضايا الأخرى وسنرفع بها تقارير".

وبعد إصدار أمير الكويت مرسومين للعفو عن المحكوم عليه في قضايا سابقة، قالت مصادر مطلعة لصحيفة "الأنباء" الكويتية، إن "الكشوف المرفوعة تشمل 71 شخصاً من بينهم 64 من المتواجدين في تركيا وغيرها و7 من قضية المتسترين على المحكومين في قضية العبدلي، على أن يتم اعتماد الأسماء التي تنطبق عليها الشروط".

أبرز القضايا

قضية العبدلي

وتعود قضية خلية العبدلي إلى عام 2015 وذلك عندما أعلنت السلطات الأمنية الكويتية إلقاء القبض على خلية مكونة من 25 كويتي وإيراني معها كميات من الأسلحة والمتفجرات في منطقة العبدلي الزراعية قرب الحدود الكويتية العراقية.

ووجهت النيابة العامة حينها لأعضاء الخلية اتهامات شملت حيازة أسلحة ومتفجرات والتخابر مع حزب الله اللبناني ومع الحرس الثوري الإيراني بقصد القيام بأعمال عدائية ضد الكويت.

وبدأت محاكمتهم في سبتمبر من العام نفسه وأصدرت المحكمة حكمين بإعدام إيراني هارب من البلاد وأحد الكويتيين، بينما قضت بسجن 11 كويتياً لمدة تراوحت بين خمس سنوات و15 عاماً، باستثناء كويتي واحد اكتفت المحكمة بتغريمه 5 آلاف دينار كويتي (15 ألف دولار).

قضية اقتحام مجلس الأمة

أما قضية النواب الكويتيين السابقين المتواجد جزء كبير منهم في تركيا، فقد صدرت بحقهم أحكام نهائية بالسجن في 2017 على خلفية اقتحام مجلس الأمة الكويتي عام 2011، وذلك خلال مظاهرات قاموا بها للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح.

متظاهرون يقتحمون مجلس الأمة الكويتي عام 2011 - Reuters
متظاهرون يقتحمون مجلس الأمة الكويتي عام 2011 - Reuters

وأصدر القضاء الكويتي حينها بسجن 67 شخصاً بينهم نواب سابقون، حيث قضت بسجن 10 نواب، وبراءة اثنين، وشملت الأحكام سجن المعارض مسلم البراك 9 سنوات، إضافة لثلاثة نواب وهم جمعان الحربش ووليد الطبطبائي (7 سنوات لكل منهما)، والنائب محمد المطير (سنة واحدة).

كما شمل الحكم أيضاً النواب السابقين مبارك الوعلان وسالم النملان وفيصل المسلم وخالد الطاحوس 5 سنوات لكل منهم و3 سنوات للنائب السابق محمد الخليفة.

اقرأ أيضاً: