قال موقع أكسيوس، الأربعاء، إنه على الرغم من وجود فجوة كبيرة بين أوكرانيا وروسيا في تفسير اتفاقيات مينسك، التي وصفها الموقع الأميركي بـ"الغامضة"، فإن العالم بات ينظر إليها حالياً على أنها "أفضل فرصة لتجنب حرب كارثية في أوروبا".
وأشار "أكسيوس" إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بعد زيارته لروسيا وأوكرانيا، والتي قال فيها إن مجموعة اتفاقيات وقف إطلاق النار في دونباس، التي وقعتها روسيا وأوكرانيا قبل 7 سنوات "هي الطريق الوحيد للمُضي قدماً نحو تهدئة الأزمة الحالية"، بين موسكو وكييف.
ودعت اتفاقيات مينسك، التي وقعت في عامي 2014 و2015، إلى وقف إطلاق النار بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا، الذين يشنون حملة تمرد في منطقة دونباس.
ووافقت كييف، تحت ضغط عسكري شديد، على منح المنطقتين اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون "وضعاً قانونياً خاصاً" مقابل سحب موسكو لقواتها، وإعادة السيطرة على الحدود الأوكرانية.
وتدور حرب في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا منذ 2014 بين القوات الحكومية وانفصاليين موالين لروسيا، بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في سبتمبر عام 2014.
ووقعت أوكرانيا وروسيا اتفاقية مينسك الأولى عام 2014 لإنهاء الحرب في دونباس برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وكل من ألمانيا وفرنسا ضمن ما يسمى "صيغة نورماندي" الرباعية التي تكونت في 2014 على هامش الاحتفال الـ70 بيوم إنزال الحلفاء في نورماندي، وتضم فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا لتسوية الأزمة بين موسكو وكييف.
ونص الاتفاق الأول على وقف إطلاق النار وإنشاء منطقة عازلة بين القوات، وسحب الأسلحة الثقيلة والتفاوض لإجراء انتخابات بالإقليم، لكن الاتفاق فشل لعدم وضوح بنوده.
وأدى فشل الاتفاقية الأولى لحزمة جديدة من الإجراءات باتت تعرف بـ"اتفاقية مينسك الثانية"، وتم الاتفاق عليها في 12 فبراير 2015. ولكن الاتفاقية فشلت هي الأخرى في وقف القتال، لكن روسيا تتمسك بالاتفاق كأساس لحل النزاع.
وتحمل الاتفاقية توقيع كل من المستشارة الألمانية حينها أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي وقتذاك فرانسوا هولاند، والرئيس الأوكراني حينها بيترو بوروشيكنو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وسعت أوكرانيا بحسب مجموعة "الأزمة الأوكرانية" لتعديل بنود الاتفاقية في 2020 لكن روسيا رفضت تعديلها رغم أن أوكرانيا قالت إنه تم إدخال تعديلات بخصوص فك الاشتباك بين القوات دون اعتراض روسي.
ونقلت مجموعة "الأزمة الأوكرانية" عن خبراء قولهم إن اتفاقيات مينسك هي "اتفاقيات سياسية فحسب وهي غير ملزمة قانوناً". ولكن الجانب الروسي يصر على أن الاتفاقيات هي بمثابة "قانون" وعمل ملزم قانوناً بموجب القانون الدولي.
وأعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في ديسمبر الماضي، استعادة اتفاقية وقف إطلاق النار بإقليم دونباس، كما عقدت صيغة نورماندي في الشهر ذاته بدون روسيا، على هامش قمة الشراكة الشرقية الأوروبية، مع تصعيد الحشد الروسي على الحدود مع أوكرانيا. ويذكر أن القمة عقدت في 2015 وفي 2019 بحضور روسيا.
والتقى زيلينسكي ضمن الصيغة في ديسمبر مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز، واتفق الزعماء على مواصلة جهود السلام في دونباس وصيغة نورماندي حسبما ذكرت مجموعة "الأزمة الأوكرانية".
شروط متبادلة
وأرجع الموقع الأميركي سبب فشل وقف النار إلى أن روسيا وأوكرانيا تشترطان تنفيذ الاتفاقيتين بشروطهما، إذ لم تذكر "اتفاقيات مينسك" بالتفصيل ما ينبغي أن يأتي أولاً، الخطوات السياسية التي تسعى روسيا إلى تحقيقها، أم الإجراءات الأمنية التي تسمح لأوكرانيا باستعادة سيادتها؟
والثلاثاء، أعلن ماكرون من العاصمة الأوكرانية كييف، أن الرئيسين الروسي والأوكراني تعهّدا بالالتزام باتفاقيات مينسك.
وقال الرئيس الفرنسي لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال مؤتمر عقب المباحثات التي جرت بينهما في كييف: "لدينا الآن الإمكانية لدفع المفاوضات إلى الأمام"، معتبراً أن تحقيق تقدم في المحادثات بات "ممكناً".
بدوره، توقع الرئيس الأوكراني عقد قمة قريباً مع قادة كل من روسيا وفرنسا وألمانيا، ضمن صيغة نورماندي.
"عيوب شديدة"
الممثل الأميركي الخاص لدى أوكرانيا في الفترة بين عامي 2017 و2019، كورت فولكر، قال لـ"أكسيوس"، إن اتفاقيتي مينسك "تشوبهما عيوب شديدة وبهما غموض شديد.. كما أن روسيا لن تعترف بأنها طرف في النزاع".
وأضاف أن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام الحقيقي هي أن "تغير روسيا قناعاتها، وتقرر أنها تريد إنهاء الحرب".
وبحسب فولكر فإن "الغرب أخطأ حين دفع أوكرانيا إلى مواصلة تقديم تنازلات أحادية الجانب خلال مفاوضات مينسك". وأضاف: "أعتقد أن أوكرانيا بذلت كل ما في وسعها. يجب أن نضغط على روسيا لتنفيذ اتفاقيتي مينسك".
ونقل موقع أكسيوس، عن مصدر مقرب من الرئيس الأوكراني زيلينسكي، القول إن "أوكرانيا كانت ملتزمة دائماً بتنفيذ (اتفاقيتي) مينسك. روسيا هي التي لا تنفذها. والأسوأ من ذلك أنها تحاول استخدام العملية لزعزعة الاستقرار في أوكرانيا".
ورأت أولجا تاكوريوك، الزميلة غير المقيمة في مركز تحليل السياسة الأوروبية، أن هدف روسيا يتمثل في الحفاظ على سيطرتها على أوكرانيا، معتبرة "اتفاقيتي مينسك مجرد أداة" لتنفيذ ذلك.
"أوروبا موحدة"
لتجنيب أوروبا اندلاع حرب كارثية، أعلن زعماء فرنسا وألمانيا وبولندا، الثلاثاء، "وحدتهم" في برلين خلال جولة مكوكية للرئيس الفرنسي في العاصمة الألمانية وموسكو وكييف.
وخلال اللقاء الذي جمع زعماء الدول الثلاث، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، أن برلين "موحدة" مع باريس ووارسو بشأن هدف المحافظة على السلام في أوروبا، فيما أشار الرئيس البولندي أندريه دودا إلى أن "تجنّب الحرب أمر ممكن".
