حذر الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، من أن تقدم بلاده بطلب للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، سيحمل في طياته "خطراً تصعيدياً داهماً في أوروبا"، في وقت تسعى فيه الدولة الإسكندنافية إلى تحسين أوضاعها الأمنية، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال نينيستو، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن الانضمام إلى حلف "الناتو" هو "أحد خيارين رئيسيين بين وضع فنلندا الحالي كعضو في الاتحاد الأوروبي، وخيار آخر يتمثل في تعميق التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة والسويد".
وأوضح أن فنلندا تبحث في خيارات أخرى بديلة عن الاستمرار في الوضع الراهن"، مؤكداً أن "الخيارين البديلين يحملان في طياتهما تعزيز الأمن الفنلندي، أو ضمان بقاء استقرارنا على ما هو عليه، من دون أن تزعزعه عواصف الاعتداءات الخارجية، ومن ثم العيش في بيئة آمنة"، مشيراً إلى أن هدف بلاده الحالي هو "الأمن الفنلندي".
وأضاف نينيستو، الذي يتمتع بنفوذ قوي في السياسة الخارجية الفنلندية: "أتفهم جيداً، أن الانضمام إلى الناتو يجعل الأمر يبدو وكأن مخاوفنا قد انتهت، لكن على الرغم من ذلك، فإن جميع البدائل المختلفة تنطوي على مخاطر يتعين علينا الاعتراف بها".
وتابع: "في الوقت الحالي، يكمن الخطر الأكبر في تصعيد الموقف في أوروبا. لقد قلب الغزو الروسي لأوكرانيا عقوداً من التفكير في الأمن في فنلندا والسويد رأساً على عقب، حيث يرى شعبا الدولتين الأسكندنافيتين الآن ما يحدث لدولة أوروبية شقيقة من خارج الناتو".
وفنلندا دولة تابعة للاتحاد الأوروبي، وتمتلك أطول حدود مع روسيا بطول 1340 كيلومتراً، وتعرضت للغزو من قبل الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية، كما أنها واحدة من دول الاتحاد القلائل التي لم تُنه التجنيد الإجباري، أو تخفض الإنفاق العسكري بدرجة كبيرة، بعدما وضعت الحرب الباردة أوزارها.
حالة عدم استقرار
وذكرت "فاينانشيال تايمز"، أن فنلندا لطالما أرادت العمل بالتنسيق مع السويد، ولكن هناك دلائل على أن الجدل حول الانضمام إلى الحلف قطع شوطاً أكبر في هلسنكي، منه في ستوكهولم، حيث استبعدت رئيسة الوزراء السويدية، المنتمية للحزب الديمقراطي الاشتراكي ماجدالينا أندرسون، أن تتقدم السويد بطلب للانضمام إلى "الناتو"، مؤكدة أن "هذا من شأنه أن يفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة".
وحول تصريحات أندرسون، قال نينيسنتو: "ليس هناك تصعيد في هذه المنطقة. هذه فقط نقطة البداية. أود فقط أن أقول إن علينا دراسة جميع العوامل التي يتعين علينا أخذها في الاعتبار بمزيد من التعمق"، مشيراً إلى أنه ينظر إلى خطر التصعيد في أوروبا باعتباره "شأناً مختلفاً عن النقاش حول الحلول الأمنية"، مؤكداً أنه "التصعيد حال وجوده، سيكون له أثر عميق على الجميع".
وأضاف: "هذا هو السبب الذي يجعلني أؤكد أن خطر التصعيد، غير مرتبط بصناعة القرار في فنلندا"، مؤكداً على أن تعميق التعاون الدفاعي مع السويد والولايات المتحدة يمثل "احتمالاً حقيقياً"، إلى جانب وضع فنلندا "كشريك معزز للناتو".
"تفهم واشنطن لمطالبنا"
وأشار نينيسنتو إلى أنه خلال لقائه الأخير بالرئيس الأميركي جو بايدن، ناقشا "التعاون الفنلندي- الأميركي"، لافتاً إلى أن واشنطن "أبدت تفهماً عميقاً لمتطلباتنا".
وشدّد على أهمية تعزيز القوات الدفاعية الفنلندية، قائلاً: "جرت التقاليد الفنلندية على المحافظة على قواتنا الدفاعية في أقوى حالاتها، إذ يمكن لفنلندا التي يبلغ تعداد سكانها 5.4 مليون نسمة، أن تستدعي حتى 280 ألف جندي".
ولطالما حاولت فنلندا إضفاء المزيد من القوة على المادة "42.7"، التي تمثل بند الدفاع المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي، وجعلها قريبة من المادة "5" من الوثيقة التأسيسية لحلف "الناتو"، والتي تنص على أن "أي هجوم على دولة عضو يمثل هجوماً على جميع الدول"، لكنها لم تحظ بدعم كثير من دول الاتحاد.
ووصف نينيستو المادة "42.7" بأنها "أقوى صياغة من المادة 5"، مضيفاً أن القرار الذي اتخذته ألمانيا مؤخراً بمضاعفة إنفاقها الدفاعي "طوى صفحة في نقاشات الأمن والدفاع الأوروبيين".
رغبة فنلندية للانضمام
وأشارت الصحيفة إلى أن غالبية الفنلنديين أعربوا عن رغبتهم في الانضمام إلى حلف "الناتو"، إذ كشف استطلاع للرأي أجرته شركة "يلي" Yle الإعلامية الأسبوع الماضي، أن ما نسبته 62 % من المشاركين أيدوا الانضمام، فيما رفضه 16% فقط.
وأكد الاستطلاع أنه على مدى عقود ماضية كانت نسبة الموافقة لا تتعدى الـ20 %، مشيراً إلى أنه في حال كانت القيادة السياسية الفنلندية تؤيد الحصول على عضوية "الناتو"، فإن 74% من الفنلنديين سيؤيدون الانضمام.
وتعِد الحكومة الفنلندية ورقة حول الخيارات الأمنية، بما في ذلك عضوية "الناتو" المحتملة، إذ من المقرر أن يتخذ البرلمان قراراً بشأن التقدم للحصول على هذه العضوية في الأشهر المقبلة.