استخدم الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً، مصطلحات عدة اتجاه الغزو الروسي على أوكرانيا، كان آخرها، الثلاثاء، عندما وصف القوات الروسية بأنها ارتكبت "جرائم حرب"، وأخرى ضد الإنسانية، وحتى "الإبادة الجماعية".
وبحسب "فرانس برس"، فإن كل هذه الاتهامات التي تتضاعف ضد القوات الروسية، هي مفاهيم دقيقة جداً في القانون الدولي، ومعظمها نشأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بالتزامن مع إنشاء "محكمة نورمبرج الدولية" لمحاكمة الجرائم النازية.
جرائم الحرب
تُعرّف "جرائم الحرب" بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، تُرتكب ضد مدنيين أو عسكريين أثناء نزاع مسلح، وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسؤولية جنائية فردية، حسب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وهذه الجرائم تنطبق على الانتهاكات التي تطال اتفاقيات جنيف التي أُقرت في عام 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
هذا التعريف أُدرج في المادة الثامنة من "نظام روما"، المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي اُعتمدت في يونيو 1998.
وتحدد المادة الثامنة من الاتفاقية أكثر من 50 نموذجاً لجرائم الحرب، بينها القتل، والتعذيب، واحتجاز الرهائن، وتجنيد الأطفال للقتال، والتهجير غير القانوني، والهجمات المتعمدة ضد المدنيين، والنهب، والهجمات المتعمدة ضد بعثات المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام.
وتشمل جرائم الحرب أيضاً استخدام الغاز أو الأسلحة المحظورة بشكل عام التي يمكن أن تسبب "معاناة لا داع لها" أو "القصف العشوائي"، مثل الأسلحة العنقودية.
وجرائم الحرب من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وهذه الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ من لاهاي بهولندا مقراً لها أنشئت في 2002، لتُحاكم بالتحديد مرتكبي هذا النوع من الجرائم، وكذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وفي وقت أقرب جرائم العدوان.
وأحدث حكم أصدرته في هذا الإطار في نوفمبر 2019، السجن 30 عاماً على زعيم الحرب الكونجولي السابق بوسكو نتاجاندا. وهو أقسى حكم صدر عن المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وقعت في جمهورية الكونجو الديمقراطية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
جرائم ضد الإنسانية
وضع مفهوم الجريمة ضد الإنسانية، وتعريفها في 8 من أغسطس 1945 بموجب المادة السادسة من النظام الأساسي لـ"محكمة نورمبرج الدولية".
وتُعرَّف هذه الجريمة بأنها "القتل العمد، والإبادة، والاستعباد، والتهجير، وأي فعل غير إنساني آخر يرتكب ضد سكان مدنيين قبل الحرب أو خلالها، أو الاضطهاد على أسس عرقية أو دينية".
وبشكل مبدئي، اعتُمد هذا المفهوم لمحاكمة المجرمين النازيين الذين ارتكبوا جرائم لم يكن من الممكن تصوّرها من قبل.
بعد ذلك، أُدرج هذا المفهوم في المادة السابعة من "نظام روما" الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تنص على أن الجرائم ضد الإنسانية، هي أفعال مثل القتل، والإبادة، والاغتصاب، والاضطهاد، وكل الأعمال اللاإنسانية الأخرى التي تُرتكب "في إطار هجوم واسع أو منهجي موجه ضد أي سكان مدنيين مع العلم بهذا الهجوم".
إبادة جماعية
استُخدمت عبارة "الإبادة الجماعية" من وجهة نظر قانونية للمرة الأولى في محاكمات نورمبرج، للإشارة إلى تصفية اليهود.
وأصبحت بعد ذلك جزءاً لا يتجزأ من القانون الدولي في عام 1948، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها.
وتعرف الإبادة على أنها "جريمة تُرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بأكملها أو جزء منها".
في نوفمبر 1994، أنشأت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ومقرها في أروشا (تنزانيا). وبعد 4 سنوات أصدرت هذه الهيئة القضائية الدولية أول أحكامها بالسجن مدى الحياة، في ما يشكل أول اعتراف بحدث إبادة جماعية ضد أقلية "التوتسي" الروانديين.
وفي 2007، اعترفت محكمة العدل الدولية بأن المجزرة التي شهدتها سريبرينيتسا في شرق البوسنة، حيث قتل صرب البوسنة نحو 8 آلاف فتى ورجل مسلم في عام 1995، كانت "إبادة جماعية".
وحكمت على الزعيمين السابقين السياسي والعسكري لصرب البوسنة رادوفان كاراجيتش، وراتكو ملاديتش، بالسجن مدى الحياة.
إضافة جديدة
في ديسمبر 2017، أضافت الدول الـ123 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (أي تلك التي صادقت على نظام روما الأساسي وليس بينها الولايات المتحدة وروسيا) "جريمة العدوان" إلى اختصاص القضاء الدولي.
وتعني هذه التهمة الاعتراف بالاعتداء على سيادة دولة من قبل دولة أخرى، والسماح بمحاكمة قادتها.
و"جريمة العدوان" واردة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب طبيعتها السياسية.
اقرأ أيضاً:
