انضمام فنلندا والسويد يخيم على اجتماع الناتو.. وتركيا بمواجهة الجميع

وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو يدلي بتصريحات للصحافيين في برلين قبل اجتماع مع وزراء خارجية دول الناتو في برلين، ألمانيا، 14 مايو 2022 - AFP
وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو يدلي بتصريحات للصحافيين في برلين قبل اجتماع مع وزراء خارجية دول الناتو في برلين، ألمانيا، 14 مايو 2022 - AFP
برلين/دبي-رويترزأ ف بالشرق

أعلنت دول أوروبية دعمها لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، في مواجهة اعتراض تركيا على الطلب الذي يرتقب أن تقدمه الدولتان، فيما أكد وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو ثقته بإمكان التفاهم مع أنقرة، وفي المقابل كررت أنقرة اتهام الدولتين بدعم "حزب العمال الكردستاني".

وقال هافيستو، السبت، عقب سلسلة مشاورات في برلين مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف، إنه "واثق بأننا سنجد حلاً في النهاية"، وأن فنلندا والسويد "ستصبحان عضوين في حلف شمال الأطلسي".

ووضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقبة أمام طموح فنلندا والسويد، الجمعة، بإعلانه أن أنقرة لا يمكنها أن تدعم خططهما للانضمام إلى الحلف، متهماً الدولتين "بإيواء إرهابيين من حزب العمال الكردستاني".

وفي حال إصرار تركيا، عضو الحلف، على موقفها لن تتمكن فنلندا والسويد من اللحاق بالحلف الذي تراه ضرورياً لحماية أمنها من "التهديد الروسي" بعد غزو موسكو لأوكرانيا، إذ تتطلب العضوية إجماع دول الحلف البالغ عددها 30 دولة.

وفي ضوء التوترات المرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا، شدد هافيستو على ضرورة أن يعلن أكبر عدد من أعضاء الأطلسي "دعماً واضحاً" لفنلندا خلال الفترة الفاصلة عن انضمامها الرسمي للحلف.

دعم لفنلندا والسويد

وقال هافيستو إنه سيجتمع مع نظيره التركي، في وقت لاحق السبت. وأضاف للصحافيين لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية حلف الأطلسي في برلين "أنا واثق أننا سنصل إلى حل"، مشيراً إلى أنه تحدث هاتفياً مع "زميله الطيب" مولود تشاووش أوغلو الجمعة.

وأعرب وزراء خارجية عدة دول أعضاء بالناتو عن دعمهم لفنلندا والسويد، في تصريحات لدى وصولهم إلى برلين، إذ قالت وزيرة الخارجية النرويجية آنكن هويتفيلد "لا نعرف ما تعنيه تركيا حقاً ولكن من المنظور النرويجي، نحن 100% خلف فنلندا والسويد إذا قرروا التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو".

وأضافت "هذا سيعزز أيضاً التعاون الاسكندنافي لأن اختياراتنا كانت مختلفة بعد الحرب العالمية الثانية، لذلك أعتقد أن هذه لحظة تاريخية الآن".

واتفق وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا مع نظيرته النرويجية، مؤكداً ضرورة إظهار أعضاء الناتو وحدتهم.

وقالت وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي إنه سيتم التواصل مع تركيا بشأن خطة السويد وفنلندا للانضمام إلى الناتو. كما أبدى وزير الخارجية السلوفاكي إيفان كورسوك ثقته بأن كافة دول الناتو سيقفون خلف مساعي عضوية فنلندا والسويد، مؤكداً دعم بلاده خطط الدولتين الاسكندنافيتين.

وأشار وزير خارجية لاتفيا إدجارز رينكيفيتش إلى أنه "يتفهم الشواغل التركية" لكنه يعتقد أن دول الحلف ستجد "حلاً معقولاً".

وأكد وزير خارجية لوكسمبورج جين أسيلبورن أنه "لا يتصور أن دولة واحدة ستكون مسؤولة عن اعتراض طريق فنلندا والسويد لعضوية الناتو"، مضيفاً أن تركيا "واحدة من 30 عضواً في الحلف وتبقى شريك مهم لكن (المسألة) بشأن أمن أوروبا".

رفض تركي

في المقابل، انتقد وزير خارجية تركيا الدعم "غير المقبول والمشين"، الذي تمنحه السويد وفنلندا، إلى "حزب العمال الكردستاني".

وقال أوغلو في تصريحات للصحافيين عقب وصوله إلى برلين، "المشكلة هي أن هذين البلدين يعلنان الدعم لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب. هؤلاء إرهابيون. المنظمات التي كانت تهاجم قواتنا كل يوم ".

وتابع: "لذلك فمن غير المقبول والمشين أن أصدقائنا وحلفائنا يدعمون هذه المنظمة الإرهابية"، مؤكداً "هذه هي القضايا التي يجب أن نبحثها مع حلفائنا في الناتو وكذلك هاتين الدولتين" في إشارة إلى السويد وفنلندا.

لكن الوزير التركي أكد أن بلاده مستعدة للمناقشة مع فنلندا والسويد بشأن ترشحهما لعضوية الحلف، والأسباب التي تدعوها إلى معارضة هذا الأمر.

وذكر أوغلو للصحافيين، أن "الغالبية الكبرى من الشعب التركي هي ضد انضمام هذين البلدين اللذين يدعمان حزب العمال الكردستاني الإرهابي، وهم يطلبون منا تعطيل هذا الانضمام".

واستدرك: "لكنها مسائل يجب أن نناقشها بالتأكيد مع حلفائنا في الأطلسي وكذلك مع البلدين" المعنيين.

وفي وقت سابق السبت، قال الناطق باسم الرئيس التركي إن تركيا "لم تغلق" الباب أمام انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، لكنها تريد التفاوض مع دول الشمال وتشديد الإجراءات على ما تعتبره "أنشطة إرهابية"، خصوصاً في ستوكهولم.

وأضاف إبراهيم كالين، الذي يشغل أيضاً منصب كبير مستشاري الرئيس للسياسة الخارجية، في تصريح لوكالة "رويترز": "نحن لا نغلق الباب، لكننا نثير هذه القضية بشكل أساسي من باب الأمن القومي لتركيا".

واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي سيكون "خطأ"، مثلما كان انضمام اليونان إلى معاهدة "الناتو"، موضحاً أنه لا يريد أن يرى "تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكب عندما انضمت اليونان"، متهماً ستوكهولم وهلسنكي "بإيواء إرهابيين من حزب العمال الكردستاني".

وأضاف في تصريحات أعقبت صلاة الجمعة بمدينة إسطنبول: "نُتابع حالياً التطورات المتعلقة بالسويد وفنلندا، لكن ليس لدينا رأي إيجابي".

وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول الإسكندنافية هي للأسف أشبه ببيوت ضيافة للمنظمات الإرهابية"، في إشارة إلى عناصر من حزب العمال الكردستاني الذي تُصنفه تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "منظمة إرهابية".

فرصة لتركيا؟

ويرى بعض المحللين أن تركيا قد تستغل هذه المسألة للحصول على تنازل في المقابل من جانب أعضاء الحلف، وخصوصاً أنها تسعى الى شراء مقاتلات "F 16" أميركية وقطع غيار ضرورية لصيانة وتحديث مقاتلات من الطراز نفسه تملكها أصلاً.

وسبق أن طلبت أنقرة وسددت 1,4 مليار دولار للحصول على مقاتلات F 35 الشبح. لكن مجمل العقد جمدته الولايات المتحدة عام 2019، بعدما اشترت تركيا منظومة "أس  400" الروسية المضادة للصواريخ.

ومن دون أن يشير مباشرة الى هذه المعدات العسكرية، قال وزير الخارجية التركي في برلين "بسبب تصدينا لهذا التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)، فرضت قيود على تصدير منتجات صناعية دفاعية نستوردها من الحلفاء ومن الدول التي تطمح الى أن تكون أعضاء في حلف شمال الأطلسي".

بوتين ينتقد

وتُعد تركيا أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي تعلن معارضتها لاحتمال انضمام فنلندا والسويد، إذ منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، تبذل أنقرة قصارى جهدها للحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا اللتين يعتمد عليهما اقتصادها بشكل وثيق.

وبدا أن تصريح أردوغان فاجأ فنلندا بعد أن زار هافيستو تركيا مرتين خلال الأشهر القليلة الماضية، في أعقاب حديث الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو هاتفياً مع نظيره التركي في أوائل إبريل. وكتب نينيستو بعد المكالمة على "تويتر"، يقول "تركيا تدعم أهداف فنلندا".

وأجرى الرئيس الفنلندي سولي نينيستو اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في وقت سابق السبت، أخبره خلاله عزم بلاده الترشح للانضمام إلى الناتو، فيما أكد بوتين أن إنهاء الحياد العسكري لفنلندا سيكون "خطأ". 

وجاء في بيان صادر عن الكرملين: "شدد فلاديمير بوتين على أن إنهاء السياسة التقليدية للحياد العسكري سيكون خطأ، حيث لا يوجد تهديد لأمن فنلندا".

ورأى الكرملين في بيانه أن "مثل هذا التغيير في التوجه السياسي للبلاد يمكن أن يكون له تأثير سلبي على العلاقات الروسية الفنلندية التي تطورت خلال سنوات بروح حسن الجوار والتعاون بين شركاء، ما يعود بالفائدة على الطرفين".

وتسعى دولتا الشمال الأوروبي فنلندا والسويد لردع أي اعتداء محتمل من روسيا التي غزت أوكرانيا، وهددت كلتيهما بعواقب إذا انضمتا إلى حلف "ناتو".

وأدّى الهجوم الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً بأنه "كان أمراً حتمياً"، إلى تغيير الرأي العام في الدولتين بشكل مفاجئ لصالح تفضيل الانضمام.

التخوف من روسيا 

ويعيش سكان فنلندا في ظل القوة العسكرية لجارتها الشرقية (روسيا)، ويدافع سكانها البالغ عددهم 5.5 مليون نسمة عن حدود يبلغ طولها 1300 كيلومتر (800 ميل).

وتركت حربان ضد الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين، والبقاء أكثر من 100 عام كجزء من الإمبراطورية الروسية، وعدد لا يحصى من المواجهات الدموية في القرون السابقة، بصماتها على الفنلنديين الواقعيين الذين أصبحوا مدججين بالسلاح، ومستعدين للغاية لمواجهة العدوان المحتمل.

وبدأ الرئيس ورئيسة وزراء فنلندا سانا مارين، الخميس، مساعي بلادهما للانضمام لحلف الأطلسي بالإعلان عن موافقة كليهما على الخطوة.

ورحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرج، الخميس، بانضمام فنلندا إلى الحلف، وتعهد بتسريع الإجراءات، فيما هددت موسكو بإجراءات مضادة "ذات طبيعة عسكرية - تقنية".

أما السويد التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، فعانت من التخلي عن سياستها التي تتبعها منذ أمد طويل، والمتمثلة في عدم الانحياز العسكري، التي أعقبت عقوداً من الحياد خلال الحرب الباردة وما قبل الحربين العالميتين. 

ومع ذلك، كان اتجاهها الأخير واضحاً، فمنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، زادت السويد تدريجياً إنفاقها العسكري لتعويض النقص السابق، وسعت إلى تعاون أوثق مع الناتو.

وسيعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد موقفه حيال عضوية الناتو الأحد، وسيوفر تأييده للخطوة غالبية برلمانية واضحة لتقديم الطلب.

وتصف موسكو تحركاتها منذ 24 فبراير بأنها "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وتخليصها ممن تصفهم بـ"النازيين ومن القومية المعادية لروسيا التي ترى أن الغرب يغذيها"، فيما تقول أوكرانيا والغرب إن روسيا شنّت غزواً غير مبرر.

تصنيفات