في واحدة من أضخم الجنازات الرسمية في كوريا الشمالية، شارك الآلاف وبينهم الزعيم كيم جونج أون، في تشييع قائد عسكري بارز، وسط تفشٍّ لفيروس كورونا في البلاد وتسجيل أكثر من 2.8 مليون إصابة.
وأفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية بأن زعيم البلاد كيم جونج أون شارك الأحد في تشييع القائد هيون تشول هاي، وهو مارشال في الجيش، أدى دوراً أساسياً في إعداده ليكون زعيم البلاد، قبل وفاة والد كيم، كيم جونج إيل، في أواخر عام 2011.
وشارك كيم جونج أون مع مسؤولين بارزين آخرين في حمل نعش هيون، قبل أن يهيل تراباً على قبره بيديه، في المقبرة الوطنية. وأظهر تسجيل مصوّر بثّه التلفزيون الرسمي، أن كيم ومئات من الجنود والمسؤولين انحنوا بقوة أمام قبر هيون.
وكان التلفزيون أظهر في وقت سابق تجمّعاً لآلاف من الجنود في ساحة بيونج يانج، ثم خلعوا قبعاتهم وأدوا تحية صامتة، قبل مغادرة سيارة ليموزين تحمل جثة هيون، متجهة إلى المقبرة. وأشارت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إلى أن "عدداً ضخماً" من الجنود والمواطنين، خرجوا أيضاً في الشوارع تعبيراً عن تعازيهم.
ويعدّ كيم غالباً جنازات ضخمة لمسؤولين بارزين راحلين موالين لعائلته، ويُظهِر جانباً إنسانياً، في محاولة محتملة لجذب دعم النخبة الحاكمة في البلاد وتعزيز الوحدة الداخلية، بحسب "أسوشيتد برس".
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن كيم قوله إن "اسم هيون تشول هاي سيُذكر دوماً جنباً إلى جنب مع الاسم المهيب لكيم جونج إيل"، علماً أنه بكى عندما زار محطة حداد على هيون الأسبوع الماضي.
وخلال التشييع، وضع معظم المشاركين كمامات، باستثناء كيم وحرس الشرف.
كورونا في كوريا الشمالية
ويُحتمل أن يكون تفشّي الفيروس في كوريا الشمالية ناتجاً عن عرض عسكري نظمته في 25 أبريل، وأحداث ذات صلة اجتذبت حشوداً ضخمة من الأشخاص الذين لم يضعوا كمامات، بحسب "أسوشيتد برس".
ومنذ إقرار كوريا الشمالية هذا الشهر بتفشي متحوّر "أوميكرون" شديد العدوى، اكتفت بإعلان عدد الأشخاص الذين يعانون من الحمّى يومياً، وحدّدت جزءاً ضئيلاً من الحالات بوصفه إصابات كورونا.
وأوردت وسائل الإعلام الرسمية، الاثنين، أن 2.8 مليون شخص أُصيبوا بالمرض بسبب حمّى غير محددة، مستدركة أن 68 منهم فقط توفوا منذ أواخر أبريل الماضي، وهذا معدل وفيات منخفض جداً في ما يتعلّق بكورونا، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
وأشارت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، إلى تعافي أكثر من 2.33 مليون مصاب بالحمّى، لافتة إلى تسجيل 167 ألف حالة جديدة الأحد، إضافة لتسجيل وفاة أخرى. لكن بيونج يانج لم تعلّق على عرضين قدّمتهما سول وواشنطن لمساعدته في كبح الفيروس.
وأضافت أن "كل شعب (كوريا الشمالية) يحافظ على المنعطف الإيجابي الحالي في حملة مكافحة الوباء، بأقصى مقدار من الوعي، استجابة لدعوة اللجنة المركزية للحزب (الشيوعي الحاكم) للدفاع عن حياتهم الغالية ومستقبلهم، بثقة بالنصر الأكيد ومضاعفة الجهود الهائلة".
ولا تزال كوريا الشمالية تفرض إغلاقاً على مستوى البلاد، وقواعد صارمة أخرى للحدّ من تفشي الفيروس. لكن النشاطات الزراعية والاقتصادية والصناعية الأساسية الأخرى كانت مستمرة، في محاولة لتقليص الضرر اللاحق بالاقتصاد.
ويشكّك خبراء بالحصيلة التي أعلنتها كوريا الشمالية للإصابات بكورونا، إذ أن معظم سكانها، وعددهم 26 مليون شخص، ليسوا ملقحين، كما أن حوالى 40٪ منهم يعانون من سوء تغذية. كما أن نظام الرعاية الصحية العامة شبه معطل، ويعاني نقصاً مزمناً في الأدوية والإمدادات.
وأبلغت أجهزة الاستخبارات في كوريا الجنوبية، البرلمان الأسبوع الماضي أن بعض حالات الحمّى التي سجلتها كوريا الشمالية تشمل أشخاصاً يعانون من أمراض أخرى، مثل الحصبة والتيفوئيد والسعال الديكي. لكن خبراء مدنيين يعتقدون بأن معظم الحالات كانت لكورونا.
قبل اعتراف كوريا الشمالية بتفشي "أوميكرون"، في 12 مايو، أصرّت على خلوّها من الفيروس، وتجاهلت ملايين اللقاحات التي قدّمها برنامج "كوفاكس" المدعوم من الأمم المتحدة، ولم تستجب لعروض مساعدة من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وطلبت "منظمة الصحة العالمية" بتقديم مزيد من المعلومات بشأن تفشي الفيروس، لكنها لم تتلقَ رداً. ونقلت "أسوشيتد برس" عن مراقبين إن كوريا الشمالية ستتلقى المساعدة فقط من الصين، لأن شحنات المساعدات الغربية يمكن أن تمسّ بقيادة كيم، إذ دعا مرات إلى "الاعتماد على الذات" لمواجهة ضغوط تقودها الولايات المتحدة، وفق "أسوشيتد برس".
اقرأ أيضاً:





