السفير الأميركي في موسكو: إغلاق سفارتي البلدين سيكون خطأً ضخماً

العلمان الأميركي والروسي على مبنى سفارة واشنطن في موسكو. 23 فبراير 2022 - Bloomberg
العلمان الأميركي والروسي على مبنى سفارة واشنطن في موسكو. 23 فبراير 2022 - Bloomberg
موسكو/دبي- رويترزالشرق

أقرّ السفير الأميركي لدى موسكو جون سوليفان، بأن إغلاق سفارتَي الولايات المتحدة وروسيا هو "احتمال" قائم، مستدركاً أنه "سيكون خطأً ضخماً".

وشدد على وجوب ألا يقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية، نتيجة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، لافتاً إلى أهمية التمسك بـ"القدرة على التحدث مع بعضنا بعضاً".

ويعتبر الرئيس فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا نقطة تحوّل في التاريخ الروسي، وثورة ضد هيمنة الولايات المتحدة، التي يتهمها بإذلال روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991. في المقابل، تشدد أوكرانيا، وداعموها الغربيون، على أنها تقاتل من أجل بقائها ضد محاولة للاستيلاء على أراضيها، في حرب أودت بحياة الآلاف وشرّدت أكثر من 10 ملايين شخص.

ورغم أزمات وفضائح تجسّس وانتهاج سياسة حافة الهاوية أثناء الحرب الباردة، لم تنقطع العلاقات بين موسكو وواشنطن، منذ أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي في عام 1933. لكن روسيا تتحدث عن انتهاء علاقة الودّ مع الغرب في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي، معلنة توجّهها شرقاً، كما أفادت وكالة "رويترز".

السفير الأميركي في موسكو جون سوليفان - ������� ���������/����
السفير الأميركي في موسكو جون سوليفان - Tass

علاقات البلدين "لن تنقطع أبداً"

لكن جون سوليفان، الذي عيّنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سفيراً في موسكو، شدد على وجوب ألا تقطع الولايات المتحدة وروسيا علاقاتهما الدبلوماسية.

وقال لوكالة "تاس" الروسية للأنباء: "يجب أن نحافظ على القدرة على التحدث مع بعضنا بعضاً". وحذر من إزالة أعمال الروائي الروسي البارز ليو تولستوي من أرفف الكتب في الغرب، أو رفض الاستماع إلى موسيقى بيوتر تشايكوفسكي.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال ساخراً الشهر الماضي إنه يرغب في إهداء بوتين أغنية لتايلور سويفت بعنوان "لن نعود معاً أبداً".

وسُئل سوليفان (62 عاماً) عن هذه الملاحظة، فأجاب أن علاقات البلدين "لن تنقطع أبداً تماماً". ولدى سؤاله عمّا إذا كان هذا القياس يعني إمكان إغلاق السفارتين، قال سوليفان: "ثمة احتمال (لفعل ذلك)، رغم أنني أعتقد بأنه سيكون خطأً ضخماً. كما أفهم الأمر، أشارت الحكومة الروسية إلى الخيار المتمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية. لا يمكننا قطع علاقاتنا الدبلوماسية والتوقف عن الحديث مع بعضنا بعضاً".

وأضاف: "يمكنني أن أؤكد لكم أن هذه ليس نية الرئيس (جو) بايدن أو الحكومة الأميركية. بعد قولي ذلك، ليس هناك الكثير لنتحدث عنه في هذه المرحلة. مرّت 3 أشهر على ما (يشكّل)، من وجهة نظري، علاقة متغيّرة تماماً" مع روسيا. وتابع: "السبب الوحيد الذي يجعلني أفكر في أن الولايات المتحدة قد تُضطر إلى إغلاق سفارتها، سيكون إذا باتت مواصلة عملها غير آمنة".

حوار في مجلس الأمن

سُئل سوليفان عمّا إذا كانت هناك فرصة لتحسّن العلاقات بين البلدين قريباً، فأجاب: "أتردد في التكهن بأن روسيا والولايات المتحدة لن تكون لهما أبداً علاقات أكثر إنتاجية. ما لا أستطيع قوله هو كم من الوقت سيستغرق (الأمر). في المناخ الحالي، هذا لا يحدث".

وأضاف: "قد لا يحدث ذلك في حياتي، ولكن آمل بأن تكون هناك فرصة لمصالحة أكبر، وبالتأكيد بين الشعبين والدولتين. أعني، مَن كان يتوقّع في عام 1979 أين ستكون العلاقات السوفياتية الأميركية في عام 1989؟".

وأشار إلى أن موسكو وواشنطن يمكن أن تتحدثا بشأن "مسائل كثيرة"، وزاد: "إنه لأمر مأساوي أننا لسنا كذلك. ولكن هناك مبادئ أكبر على المحك. لذلك، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، جعل الرئيس بايدن موقفنا واضحاً جداً: لا عمل كالمعتاد مع روسيا".

وتابع سوليفان: "لا يمكننا قطع العلاقات الدبلوماسية حقاً، وألا نتحدث. كحدّ أدنى، نجلس قرب بعضنا بعضاً في مجلس الأمن بنيويورك كل يوم. أياً يكن الأمر، من الأفضل أن نتحدث مع بعضنا بعضاً في الأمم المتحدة، في مجلس الأمن. وينبغي أن تكون لدينا سفارتان. هذا هو الحدّ الأدنى. هذا أساسي".

وزاد: "أعتقد من الناحية الواقعية بأننا لن نصل أبداً إلى مستوى الانفصال التام، لأننا عضوين دائمين في مجلس الأمن... علينا مواصلة التعامل مع بعضنا بعضاً، رغم ملفات كثيرة متنازع عليها بيننا".

"الأسلحة النووية"

وتطرّق سوليفان إلى المحادثات التي أجرتها واشنطن وموسكو بشأن ضمانات أمنية قبل حرب أوكرانيا، كان يُفترض أن تعالج مخاوف روسيا وأطراف أخرى.

وقال: "كانت هناك مناقشات بين الولايات المتحدة وروسيا، وبين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا، وفي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا... قال بلينكن آنذاك: ابذل جهداً إضافياً، واعرف ما إذا كان في إمكاننا التوصّل إلى تفاهم بشأن معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا، والمخاوف الأمنية للولايات المتحدة وأعضاء الناتو والشركاء الأوروبيين. تلك المحادثات لم تتقدّم إلى أبعد من مجرد تبادل قطع ورق وقراءة مواضيع نقاش".

واستبعد سوليفان استئناف المحادثات الروسية الأميركية بشأن كبح انتشار الأسلحة النووية، في الظروف الحالية، قائلاً: "إنه بالتأكيد ليس شيئاً تلقيت تعليمات من واشنطن للاستعداد له. من ناحية أخرى، إنها واحدة من أهم الملفات بين الولايات المتحدة وروسيا".

وشدد سوليفان على أن "العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وروسيا هي واحدة من آخر الروابط الأساسية بين بلدينا"، مستدركاً أن "ذلك تحطّم بشكل كامل". وأضاف: "أخشى أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لإعادة العلاقات التجارية، ولو تمكّنت حكومتانا من تسوية الفجوة الهائلة الموجودة الآن بيننا".

الكرملين: "ليس الآن"

في المقابل، قال الكرملين الاثنين إنه مهتم بإجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول الأسلحة النووية لكن من المستبعد إجراء مفاوضات بشأنها في الوقت الحالي.

ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "نحن مهتمون ونعتقد أن المفاوضات والمناقشات المستمرة (مطلوبة) بشأن هذا الموضوع، أخذا في الاعتبار التحولات الكبرى التي نشهدها.. يحتاج العالم بأسره إلى هذا النوع من المحادثات".

في السياق، استدعت وزارة الخارجية الروسية رؤساء مكاتب وسائل الإعلام الأميركية في موسكو، الاثنين، لمناقشة ما تعتبرها تداعيات تصرّفات غير ودية للولايات المتحدة.

ومهّد رفض امبراطورة روسيا، كاترين العظمى، دعم الإمبراطورية البريطانية عندما أعلنت أميركا استقلالها، لأول اتصالات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وسان بطرسبرج، التي كانت آنذاك العاصمة الإمبراطورية لروسيا، بحسب "رويترز".

وبعد الثورة البلشفية في أكتوبر 1917، رفض الرئيس الأميركي وودرو ويلسون الاعتراف بالحكومة الثورية التي شكّلها فلاديمير لينين، وأُغلقت السفارة الأميركية في عام 1919، قبل إعادة العلاقات الدبلوماسية في عام 1933.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات