يلتقي زعماء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الثلاثاء، في العاصمة الإسبانية مدريد، لبحث العديد من القضايا، على غرار إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وإقناع تركيا بالتخلي عن اعتراضها بانضمام فنلندا والسويد، بالإضافة إلى القضية التي برزت مؤخراً، وهي وضع المزيد من القوات في "حالة تأهب" للدفاع عن دول البلطيق.
ورغم أن المسؤولين البريطانيين والأميركيين اعترضوا على طلب دول البلطيق نشر قوات دائمة متعددة الجنسيات في المنطقة، فمن المرجح أن تتوصل القمة إلى تسوية بشأن التعهد بإرسال تعزيزات سريعة، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
وقالت ألمانيا إنها ستضع المزيد من القوات على أهبة الاستعداد للدفاع عن ليتوانيا، حال سعت روسيا للاستيلاء على أراضيها، فيما من المتوقع أن تفعل بريطانيا الشيء ذاته بالنسبة لإستونيا، بينما تتطلع لاتفيا إلى كندا للتعهد بإرسال المزيد من القوات هناك.
وحذرت دول البلطيق من استراتيجية "الناتو" المتبعة للدفاع على دول البلطيق الثلاث، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، بسبب ما اعتبروه "خطراً وجودياً تمثله روسيا".
واستراتيجية الناتو التي تدعى "سلك التحذير" للدفاع عن دول البلطيق، تتضمّن وصول قوات الحلفاء مع تعزيزات بعد غزو روسي واستعادة الأراضي المحتلة خلال 180 يوماً، وهو ما اعتبرته الدول الثلاث "خطة متقادمة بعد غزو أوكرانيا".
وقالت رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس الأسبوع الماضي، إن "مفهوم سلك التحذير لا ينجح. يجب أن تكون لدينا الخطط الصحيحة للدفاع عن أنفسنا منذ اليوم الأول مع حلفائنا، لئلا يفكّر المعتدي حتى في (التقدّم) باتجاهنا".
وأضافت كالاس: "إذا قورن حجم أوكرانيا بحجم دول البلطيق، فإن ذلك سيعني تدميراً كاملاً لبلداننا وثقافتنا. أولئك الذين زاروا تالين (عاصمة إستونيا) ويعرفون مدينتنا القديمة وقرون التاريخ والثقافة الموجودة هنا، هذا كله سيُمحى من الخريطة، بما في ذلك شعبنا وأمّتنا".
تصاعد التوتر
وتصاعد التوتر بين روسيا ودول البلطيق مؤخراً، بعدما رفضت ليتوانيا عبور بضائع روسية عبر خط للسكك الحديد إلى كالينينجراد، وهو جيب روسي مطل على بحر البلطيق، وقالت ليتوانيا إن هذه البضائع خاضعة لعقوبات أوروبية.
وحذرت روسيا ليتوانيا من تبعات خطيرة لهذه الخطوة، فيما اعتبر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن عزل ليتوانيا لمقاطعة كالينينجراد بمثابة "إعلان حرب".
وتبلغ المسافة بين بيلارووس وجيب كالينينجراد الروسي المطل على بحر البلطيق، نحو 100 كيلومتر فقط، وهو ما تعتبره بولندا وليتوانيا ودول البلطيق الأخرى، مثيراً للقلق، خصوصاً في حال وجود قوات روسيا في بيلاروس.
ويُنظر إلى الحدود بين بولندا وليتوانيا (عضوتان في الناتو)، والتي تفصل كالينينجراد الروسية عن بيلاروس، على نطاق واسع على أنها أكبر نقاط ضعف "الناتو" في أوروبا، وطريقة سهلة لروسيا لقطع دول البلطيق إذا لزم الأمر.
أهم ملفات "الناتو"
وخلال القمة التي تستمر لثلاثة أيام، سيبحث الزعماء أيضاً زيادة الإنفاق الدفاعي المشترك وتعزيز تصميم جديد للتصدي العسكري للصين، وإقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التخلي عن اعتراضه المتعلق بطلب فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف.
فيما تسعى إسبانيا إلى زيادة تركيز الحلف على الجانب الجنوبي لمعالجة الهجرة والجماعات المسلحة في منطقة الساحل بأفريقيا.
ويأتي اجتماع مدريد في لحظة محورية للحلف بعد الإخفاقات في أفغانستان والخلاف الداخلي في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي هدد بسحب واشنطن من التحالف.