تقرير: غزو أوكرانيا يثير تكهنات باحتمال تفكك روسيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مشاركته افتراضياً من موسكو في قمة مجموعة "بريكس" - 23 يونيو 2022 - via REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مشاركته افتراضياً من موسكو في قمة مجموعة "بريكس" - 23 يونيو 2022 - via REUTERS
دبي- الشرق

يثير الغزو الروسي لأوكرانيا تكهّنات بشأن احتمال تفكك روسيا، إذ لا يستبعد محللون أن تسفر الحرب التي شنّها الرئيس فلاديمير بوتين عن نتائج مختلفة تماماً عن تلك التي أعدّها الكرملين، كما أوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن باحثين وكتاباً، غربيين وروساً، يرون أن هناك احتمالاً جدياً لتفكّك روسيا، يخشى كثيرون من أخطاره. وأضافت أن الحديث عن تفكك روسيا قد يبدو غريباً، فيما يسعى بوتين إلى التوسّع، من خلال ضمّ أجزاء من أوكرانيا.

ولكن في هذه المقابلة مع مجلة Limes الإيطالية، سُئل المفكر الروسي البارز في السياسة الخارجية، سيرجي كاراجانوف، عمّا إذا كانت حرب طويلة في أوكرانيا قد تؤدي إلى تفكك روسيا، فأجاب: "نعلم أن هذا احتمال، ونتحدث بصراحة عن ذلك... ندرك أيضاً أن هناك قوى غربية تستهدف صراحة تقسيم روسيا، للمرة الأولى منذ الحرب الباردة".

لا يعتبر الغرب نفسه في حالة حرب مع موسكو، لكن كاراجانوف يرى أن روسيا تخوض صراعاً "وجودياً" مع الغرب، يجب أن تسود فيه، إذ يحدّد "ما إذا كان البلد سينجو".

ولفتت "فاينانشيال تايمز" إلى أن كاراجانوف ليس ناطقاً باسم الكرملين، مستدركة أن وجهات نظره تعكس بشكل واسع الذهنية المعادية للغرب، التي تتبنّاها القيادة السياسية والعسكرية الروسية. واعتبرت أن ذلك يشير إلى احتمالات قاتمة للتوصّل إلى تسوية مبكرة للحرب في أوكرانيا.

ديك تشيني وتفكيك روسيا

في الأشهر الأخيرة، ظهرت مقالات كثيرة مؤيّدة لتفكيك روسيا، أو إعادة تنظيمها بشكل جذري، في مجلات أميركية، مثل "ناشيونال إنترست" و"ذي أتلانتيك".

وفي مقال بعنوان "إنهاء استعمار روسيا"، نشرته "ذي أتلانتيك"، كتب كيسي ميتشل، المقيم في نيويورك، أن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، روبرت جيتس، أورد في مذكراته أنه أثناء انهيار الاتحاد السوفييتي، في عام 1991، أراد وزير الدفاع الأميركي آنذاك ديك تشيني "رؤية تفكيك، ليس فقط الاتحاد السوفييتي والإمبراطورية الروسية، ولكن روسيا نفسها، لئلا يمكن أن تشكّل تهديداً لبقية العالم مرة أخرى".

وأشار ميتشل إلى مناطق روسية مختلفة، من جمهورية كومي وتتارستان إلى أودمورتيا وساخا، التي أعلنت "سيادتها" خلال تفكك الاتحاد السوفيتي. جاء ذلك، جزئياً، استجابة لدعوة الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين تلك المناطق، في عام 1990، إلى "أخذ أكبر مقدار من السيادة يمكنكم ابتلاعه".

أثناء حكم بوتين، أُعيدت كل المناطق الروسية إلى السيطرة المركزية لموسكو، باستثناء جزئي لجمهورية الشيشان، التي يُسمح لرئيسها، رمضان قديروف، بحكمها مثل إقطاعية شخصية، شرط ولائه لبوتين، بحسب الصحيفة البريطانية.

واعتبر ميتشل أن تفكيك روسيا قد لا يكون ضرورياً، كما دعا تشيني، إذا أمكن تحديث البلاد وإعادة بنائها، بوصفها اتحاداً ديمقراطياً.

نزاعات عرقية وإقليمية؟

لكن يانوش بوجايسكي، من معهد "جيمستاون" (مقره واشنطن)، ينبّه إلى أن تفكك روسيا قد يؤدي إلى نزاعات عرقية وإقليمية، مستدركاً أن ذلك قد يسفر أيضاً عن "تأسيس دول قابلة للحياة تتمتع بدرجة ملحوظة من الاستقرار السياسي"، في وسط الفولجا والأورال وسيبيريا، على سبيل المثال.

المؤرخ الروسي فلاديسلاف زوبوك يلفت إلى إمكانية موافقة موسكو على "هدنة غير سهلة" في أوكرانيا، مشيراً إلى "فترة على أوكرانيا والغرب التعايش خلالها مع دولة روسية ضعيفة ومُهانة، ولكن لا تزال استبدادية". وأضاف: "على صنّاع السياسة الغربيين الاستعداد لهذا الاحتمال، بدلاً من الحلم بانهيار في موسكو".

ومع ذلك، كان الروائي الروسي فلاديمير سوروكين كتب عام 2013، رواية "تيلوريا" التي تتخيّل تفكك بلاده، وكذلك أوروبا والصين، وستُنشر قريباً ترجمة إنجليزية لها.

خطر الصين

كتب جوليان سبنسر تشرشل، وهو أكاديمي في جامعة كونكورديا بمونتريال في كندا، مقالاً في "ناشيونال إنترست"، اعتبر فيه أن نظام بوتين لا يمكن أن يستمر. وأضاف: "ما هو مؤكد هو أن دستوراً ليبرالياً (يُعتمد) في موسكو سيؤدي إلى مزيد من الانفصال لأراضي أقليات روسية".

وأشار إلى أن روسيا أكثر تجانساً، عرقياً ولغوياً، من الاتحاد السوفييتي، ما يجعل انهياراً كارثياً أمراً غير مرجّح. واستدرك أن الشرق الأقصى الروسي، ذا الكثافة السكانية المنخفضة، معرّض لخطر من الصين، التي قد تسعى إلى استعادة أراضٍ تنازلت عنها للامبراطورية القيصرية في القرن التاسع عشر، رغم صداقتها مع موسكو الآن.

ويثير ذلك سؤالاً ضخماً: مع تحوّل الصين إلى منافس للغرب على المدى البعيد في هذا القرن، ألا ينبغي للحكومات الغربية أن تريد روسيا مستقرة وموحّدة، لا مفكّكة؟

وثمة سؤال آخر بشأن مصير الترسانة النووية لروسيا، في حال انهيارها، بحسب "فاينانشيال تايمز".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات