دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تقرير نشرته ليل الأربعاء-الخميس المجتمع الدولي للتعامل "بشكل عاجل" مع ما وصفته بالاتهامات "الموثوق بها" بالتعذيب والعنف الجنسي في إقليم شينجيانج الصيني، فيما أعربت بكين عن "عدم رضاها" عن التقرير، مؤكدة أنها تعارضه بقوة.
وقال التقرير إنَّ "الادّعاءات المتعلقة بممارسات متكررة من التعذيب أو سوء المعاملة، ولا سيّما علاجات طبية قسرية واحتجاز في ظروف سيئة، هي ادّعاءات موثوق بها، كما هي أيضاً حال الادّعاءات الفردية المتعلقة بأعمال عنف جنسي وعنف على أساس الجندر".
وصدر التقرير بعد تأجيل طويل، وسط اتهامات للمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليت بتأخير نشره استجابة لضغوطات من بكين.
"جرائم ضد الإنسانية"
واتَّهمت المفوضية الصين، بارتكاب أعمال "يمكن أنْ تمثل جرائم دولية، وتحديداً جرائم ضد الإنسانية"، وذلك في احتجازها الجماعي للأويجور وغيرهم من المجموعات ذات الغالبية المسلمة، في أقصى غرب إقليم شينجيانج، حسب ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ولم يستخدم التقرير في وصف هذه الأعمال مصطلح "إبادة جماعية"، لكنه أضفى المصداقية على ادّعاءات مجموعات حقوقية ونشطاء بأنَّ الصين احتجزت الأويجور والكازاخ وغيرهم، غالباً بسبب علاقاتهم الخارجية أو التعبير عن معتقداتهم الدينية.
لكن التقرير أشار إلى أنَّ المفوضية لم تتمكن من تأكيد تقديرات العدد الإجمالي للأشخاص المحتجزين أو المتأثرين بهذا النظام الذي تعتبره الصين تعليماً وتدريباً مهنياً.
"الإفراج الفوري"
ودعا التقرير الصين إلى الإفراج الفوري عن جميع الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي، وتوضيح مكان وجود الأشخاص الذين يعتقد أنهم مفقودون.
وقالت مديرة منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الصين صوفي ريتشاردسون إنَّ التقرير "يمثل تحدياً غير مسبوق لأكاذيب بكين ومعاملتها المروعة للأويجور"، على حد تعبيرها.
وأضافت أنَّ "النتائج الدامغة التي توصلت إليها المفوضة السامية توضح سبب ضراوة الحكومة الصينية لمنع نشر تقرير المفوضة عن شينجيانج الذي يكشف انتهاكات حقوق الإنسان الكاسحة في الصين"، وذلك بحسب ما نقلته "نيويورك تايمز".
وقالت مديرة البرامج في الخدمة الدولية لحقوق الإنسان سارة بروكس، إنه "بنشر هذا التقرير المهم قبل دقائق معدودات من نهاية تفويضها، فإن (باشليت) لم تفعل سوى الحد الأدنى (مما كان منوطاً بها)".
وأضافت: "يجب أن نضغط الآن على مكتبها، وخليفتها، وعلى الدول لضمان حصول الناجين على إجابات ومساءلة الجناة".
لكن تأخير نشر هذا التقرير طوال هذه المدة قد يجعل هذا صعباً، إذ قال دبلوماسيون في الصين إن تأخير نشره لم يترك للحكومات وجماعات حقوق الإنسان سوى القليل من الوقت لتنظيم ردة فعل قوية في مجلس حقوق الإنسان، الذي يبدأ جلسته الأخيرة لهذا العام في غضون 12 يوماً.
نفي صيني
من جانبها، قالت بعثة الصين الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف الخميس، إن بكين تعارض بشدة ما يطلق عليه "التقييم المرتبط بشينجيانغ" الذي أجراه مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة.
وذكر ليو يو ين المتحدث باسم البعثة في بيان على موقعها الإلكتروني أن التقرير يستند إلى افتراض الذنب ويستخدم معلومات غير صحيحة، مضيفاً أنه مهزلة من تخطيط الولايات المتحدة ودول الغرب
والقوى المعادية للصين.
وكان محققو الأمم المتحدة وضعوا تقريراً حول شينجيانج على مكتب باشليت قبل قرابة عام من الزمان، ولكنها اتُهمت بتأجيل نشره مراراً وتكراراً.
وفي مؤتمر صحافي عقدته مؤخراً، أقرت باشليت بأنها منحت الأولوية "للتوصل إلى اتفاق مع بكين" وفقاً لشروط زيارتها للصين.
وتنفي الصين الاتهامات المتعلقة بمعاملتها للأقليات في شينجيانج بقوة، وتصر على أنَّ هذه المراكز ليست للاحتجاز وإنما هي للتعليم والتأهيل المهني.
ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، ضغطت الصين، التي تلقت نسخة من التقرير قبل أيام من صدوره، على المفوضة السامية لحقوق الإنسان، كي لا تنشره.
وقال تشاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في إيجاز صحافي، الأربعاء، إنَّ التقرير كان "مهزلة من تنسيق الولايات المتحدة وعدد صغير من القوى الغربية".