وسط مخاوف من "سيناريو جامح".. أزمة الطاقة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي

منشآت طاقة خاصة بخط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم 1" في مدينة لوبمين الألمانية. 8 مارس 2022 - REUTERS
منشآت طاقة خاصة بخط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم 1" في مدينة لوبمين الألمانية. 8 مارس 2022 - REUTERS
دبي - الشرق

حذر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، الدول الأوروبية من التدافع من أجل تأمين الطاقة خلال فصل الشتاء المقبل، معتبراً أن ذلك يهدّد بتحطيم وحدة الاتحاد الأوروبي وإثارة اضطرابات اجتماعية. لكنه رأى أن روسيا خسرت معركة الطاقة مع القارة، بعد غزو أوكرانيا.

ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن بيرول قوله إنه يخشى تحقق "سيناريو جامح للغرب"، إذا فرضت الدول الأوروبية قيوداً على قطاعها التجاري، أو توقفت عن التعاون مع بلدان مجاورة، في ظلّ تزايد المخاوف بشأن نقص الوقود.

وأضاف: "التداعيات على الطاقة والاقتصاد ستكون سيئة جداً، لكنها ستكون شديدة السوء بالنسبة إلى السياسة. ففي حال فشلت أوروبا في هذا الاختبار، يمكن للوضع أن يتجاوز التأثيرات المتصلة بالطاقة".

وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات بين الدول الأوروبية "باتت تشهد تصدّعات"، فيما تحاول الحفاظ على جبهة موحّدة في ظلّ ارتفاع أسعار الطاقة، الذي دفع القارة إلى حافة ركود اقتصادي. واستدركت أن "الأزمة المتصاعدة أثارت مخاوف من أن تبرم دولٌ صفقات جانبية للحصول على إمدادات من روسيا، أو أن تفرض قيوداً على صادراتها من الطاقة إلى جيرانها".

وأشار بيرول إلى سيناريوهين، وزاد: "إما أن يتضامن الاتحاد الأوروبي وأعضاؤه ويدعمون بعضهم بعضاً، وإما هناك سيناريو آخر، يتصرّف بموجبه الجميع وفقاً لاحتياجاته الخاصة". ورأى أن "التضامن يمثل إحدى القيم التأسيسية للاتحاد"، منبّهاً إلى أن السيناريو الثاني "سيؤثر سلباً في مكانة (الاتحاد) بالعالم".

تجنّب "مفاجآت سلبية"

وكانت النرويج تعرّضت لانتقادات من دول مجاورة في شمال أوروبا، الشهر الماضي، معتبرة أن سلوكها "أناني"، إذ كانت تدرس وقف صادرات الكهرباء بشكل مؤقت أثناء إعادة ملء خزاناتها من الطاقة الكهرومائية.

وزير الدولة للبترول والطاقة في النرويج، أندرياس بيلاند إريكسن، نفى ذلك، لكنه قال لـ"فاينانشيال تايمز" إن أوسلو "تعطي الأولوية لملء خزاناتها، للسبب ذاته الذي يدفع أوروبا إلى ملء خزانات الغاز الخاصة بها".

وحذر بيرول أيضاً من تراخٍ أوروبي، بعد نجاح القارة في ملء خزاناتها من الغاز الطبيعي، قبل أشهر الشتاء التي ستشهد ذروة الطلب على هذه المادة. وقال إن تجنّب القارة "مفاجآت سلبية" في إمدادات الغاز، مثل أن يكون الشتاء أكثر برودة من المتوقّع، لا يعني أنها لن تعاني من "كدمات" في الأشهر المقبلة، بما في ذلك ركود اقتصادي و"أضرار كبرى لميزانيات الأسر".

وأضاف أن الأزمة بالنسبة إلى أوروبا ستستمر أيضاً حتى عام 2023، نظراً إلى ركود الإمدادات العالمية واحتمال زيادة التنافس على الغاز الطبيعي المُسال، من الصين ومستوردين آخرين. وتابع: "عندما ننظر حولنا، فإننا لن نجد الكثير من (مشاريع) الغاز الجديدة المقبلة.. كما أن خطوط أنابيب النرويج والجزائر وأذربيجان تقترب من بلوغ طاقتها القصوى، ولذلك ستكون الفترة المقبلة مليئة بالتحديات".

"روسيا تخسر عميلاً جيداً"

بيرول اعتبر أن روسيا "خسرت بالفعل معركة الطاقة" مع أوروبا، لأن الأخيرة باتت تبحث عن مورّدين بديلين. وأشار إلى أن القارة كانت تستورد قبل الحرب غالبية صادرات موسكو من الغاز والنفط، مستدركاً أن ذلك انتهى الآن، إذ "فقدت روسيا عميلاً جيداً، وإلى الأبد. هذا العميل كان يدفع المال في الوقت المحدد ولم يُثر أي مشكلات سياسية".

وقلّل من أهمية الجهود الروسية لإبدال سوق الغاز الأوروبية، بالتصدير إلى آسيا، قائلاً: "الأمر لا يشبه بيع البصل في السوق. يجب تشييد خطوط أنابيب وتأمين بنية تحتية وخدمات لوجستية، وهذا سيستغرق 10 سنين على الأقلّ".

وأشار بيرول إلى أن روسيا ستكافح أيضاً من أجل الحفاظ على إنتاجها من الطاقة، إذ إن العقوبات تقيّد وصولها إلى التكنولوجيا الغربية ورأس المال اللازم لمواصلة إصلاح حقول النفط والغاز القديمة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات