تجدد احتجاجات إيران.. والسلطات تحشد المؤيدين وتتوعد المتظاهرين

متظاهرون إيرانيون يشعلون النار في مكب نفايات بأحد شوارع العاصمة طهران - AFP
متظاهرون إيرانيون يشعلون النار في مكب نفايات بأحد شوارع العاصمة طهران - AFP
دبي-وكالات

تجددت الاحتجاجات المناهضة لحكومة طهران، الاثنين، بينما احتفت وسائل الإعلام الرسمية في إيران، بمظاهرات مؤيدة للسلطة الأحد، وسط دعوة رئيس السلطة القضائية إلى "عدم التساهل" مع المتظاهرين.

ودخلت المظاهرات التي انتظمت عدة مدن إيرانية احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء توقيفها لدى شرطة الأخلاق، الاثنين، يومها العاشر. 

وشدد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب"، حسبما ذكرت وكالة أنباء السلطة "ميزان أون لاين".

واندلعت الاحتجاجات في 16 سبتمبر عقب وفاة الشابة مهسا أميني بعد 3 أيام من توقيفها بواسطة شرطة الأخلاق في طهران بتهمة "ارتداء ملابس غير لائقة" وخرقها قواعد لباس المرأة الصارمة بالبلاد.

وتنفي السلطات أي ضلوع لها في وفاة أميني (22 عاماً) المتحدرة من محافظة كردستان (شمال غرب)، مرجعة سبب وفاتها إلى "قصور في القلب".

وترفع الاحتجاجات شعارات مؤيدة لحرية المرأة، كما أظهرت مقاطع فيديو على نطاق واسع مشاهد لفتيات يحرقن أغطية الرأس، وأقدمت شقيقة جواد حيدري أحد ضحايا الاحتجاجات الجارية على قص شعرها أمام قبره.

ودعا حزب "اتحاد شعب إيران الإسلامي" الإصلاحي الدولة، السبت، إلى إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب وإطلاق سراح الموقوفين.

"نزع الحجاب"

وفي وقت سابق الأحد، نظمت تظاهرات عدة مؤيدة للحكومة في كثير من المدن الإيرانية، وكانت التظاهرة الأكبر في العاصمة تلبية لدعوة السلطات.

ونشرت وكالة الإعلام الإيرانية الرسمية "إرنا" مشاهد مصورة بالطائرة أظهرت حشوداً من المتظاهرين المؤيدين للنظام، قائلة إن "مئات الآلاف من مواطني طهران، تظاهروا، الأحد، منددين بأعمال الشغب ضد الممتلكات العامة، ورافضين خطط الحكومات الغربية التي تستهدف نزع الحجاب في إيران".

ووصفت الوكالة الإيرانية المظاهرات بأنها "داعمة لقوات إنفاذ القانون والشرطة في جميع أنحاء إيران بالإضافة إلى طهران".

وأضافت أن المتظاهرين رددوا هتافات تؤيد "الحسم" من قوات الأمن والشرطة، وطلبوا من النظام القضائي في البلاد "التعامل بشراسة" مع مثيري الشغب.

وقالت نفيسة (28 عاماً) التي شاركت في تظاهرة طهران، الأحد، لوكالة "فرانس برس": "يجب وضع حد لأعمال الشغب هذه لأنها تضر بالبلاد"، في حين رأى الطالب الجامعي عطية (21 عاماً) أن "نزع الحجاب يعني انتهاك دستور الجمهورية الإسلامية".

تمزيق صورة الخميني

وبحسب حصيلة رسمية غير مفصّلة تشمل متظاهرين وعناصر أمن، لقي 41 شخصاً حتفهم جراء الاحتجاجات. لكن الحصيلة قد تكون أكبر، إذ أعلنت منظمة "إيران هيومن رايتس" غير الحكومية ومقرها أوسلو سقوط ما لا يقل عن 57 متظاهراً.

ومنذ بدء التظاهرات، أوقف أكثر من 700 شخص في محافظة واحدة في الشمال، علما بأن العدد قد يكون أكبر في مجمل أنحاء البلاد.

وأفادت لجنة حماية الصحافيين التي مقرّها في الولايات المتحدة، بأن 17 صحافياً أوقفوا في إيران منذ بدء الاحتجاجات.

ونشرت جماعة "هنجاو" الإيرانية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان مقطعاً مصوراً على تويتر يُظهر ما يبدو أنها احتجاجات في وقت متأخر من مساء الأحد في مدينة سنندج، عاصمة إقليم كردستان، مع هتافات "الموت لخامنئي".

وبث حساب (1500تصوير) على تويتر مقاطع مصورة قال إنها تظهر احتجاجات في أحياء طهران الغربية والشرقية.

وفي إحداها، سُمع أحد المتظاهرين وهو يقول "إنهم (قوات الأمن) لن يتغلبوا علينا. أيها الناس، أرجوكم انضموا إلينا". ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من اللقطات.

وأظهرت لقطات، نشرت السبت، محتجين يمزقون صورة الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية أمام جامعة نوشيرفاني للتكنولوجيا في بابُل بمحافظة مازندران (شمال).

واستمر تداول مقاطع الفيديو، بالرغم من انقطاع الاتصالات عبر الإنترنت ووقف خدمتي "واتساب" و"إنستجرام".

وأشار موقع "نتبلوكس" الذي مقره في لندن ويرصد انقطاع الإنترنت في مختلف أنحاء العالم إلى أن الحجب طال أيضاً خدمة "سكايب".

دعم الجاليات

ونُظمت تظاهرات من الجاليات الإيرانية في عدة دول دعماً لاحتجاجات إيران، السبت، بينها كندا والولايات المتحدة وتشيلي وفرنسا وبلجيكا وهولندا والعراق.

وفي لندن، أصيب 5 شرطيين على الأقل "بجروح خطرة"، الأحد، واعتقل 12 شخصاً في حوادث على هامش احتجاج خارج السفارة الإيرانية.

وفي باريس، استخدمت الشرطة الفرنسية، الأحد، الغاز المسيّل للدموع وأساليب مكافحة الشغب لتفريق متظاهرين كانوا يتّجهون إلى سفارة طهران احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة "فرانس برس" وشهود عيان.

وبدأت التظاهرات سلميّة في ساحة "تروكاديرو"، وهتف بعض المتظاهرين "الموت للجمهورية الإسلامية" وشعارات مناهضة للمرشد الأعلى علي خامنئي.

لكن شرطة مكافحة الشغب، معززة بشاحنات، قطعت طريق المتظاهرين أثناء سعيهم للاقتراب من السفارة الإيرانية، وأطلقت الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم.

انتقاد واشنطن

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأحد، إن الاحتجاج السلمي "حق لكل أمة"، غير أنه ندد بدعم الولايات المتحدة الأميركية "لمثيري الشغب، في تنفيذ مشروعهم لزعزعة الاستقرار"، وهو ما اعتبر أنه "يتعارض بشكل واضح مع رسائل واشنطن الدبلوماسية لإيران بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي وإرساء الاستقرار في المنطقة".

من جهته، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" الأحد، أن المحادثات النووية لن تكون سبباً في تراجع واشنطن عن دفاعها ودعمها لحقوق نساء ومواطني إيران.

واعتبر سوليفان أن الاحتجاجات في إيران "تعكس إيماناً عميقاً وواسعاً بين مواطنيها بأنهم يستحقون كرامتهم وحقوقهم".

والمظاهرات هي الأوسع منذ تظاهرات نوفمبر عام 2019 التي نجمت من ارتفاع أسعار البنزين في خضم الأزمة الاقتصادية، وشملت حينها حوالى 100 مدينة إيرانية وتعرضت لقمع شديد إذ أودت بحياة 230 بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 300 حسب منظمات دولية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات