أعادت حوادث التسريب التي تم رصدها الثلاثاء في خطي الأنابيب "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2" تسليط الضوء على هذا المشروع العملاق الذي بات محل جدل في أوروبا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
ما هو نورد ستريم؟
يتكوَّن مشروع "نورد ستريم" من خطي أنابيب لنقل الغاز، هما "نورد ستريم 1"، و"نورد ستريم 2". يمتدُّ خط أنابيب "نورد ستريم 1" على عمق 1200 كيلومتر تحت بحر البلطيق من الساحل الروسي بالقرب من سانت بطرسبرج إلى شمال شرقي ألمانيا.
وتمَّ افتتاح الخط في عام 2011 بسعة تمكنه من نقل 170 مليون متر مكعب من الغاز يومياً كحدٍّ أقصى من روسيا إلى ألمانيا.
أمَّا خط الأنابيب "نورد ستريم 2"، فقد تم إطلاقه في عام 2015، ويربط روسيا وألمانيا مباشرة عبر بحر البلطيق أيضاً، باتباع طريق مماثل لـ"نورد ستريم 1".
واستغرق بناء "نورد ستريم 2" عدة سنوات، مع تأخيرات بسبب معارك قانونية مطولة، وبسبب العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في عام 2019.
من يملك نورد ستريم؟
كلا خطي الأنابيب "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم2" من ملك وتشغيل شركة "نورد ستريم إيه جي"، التي تعد شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة أكبر مساهميها.
ويمتلك عملاق الطاقة الروسي 51% من الأسهم، فيما تملك شركة "وينترشال" الألمانية 15%، وتستحوذ كل من شركة "إنجي" الفرنسية و"جازوين" الهولندية 9% من الأسهم.
ووفقاً للشركة المشغلة، فقد بلغ إجمالي الاستثمار في نظام خطوط الأنابيب 7.4 مليار يورو، معظمها من هذه الشركات.
ما هي أبرز الانتقادات؟
تعرَّض خطا الأنابيب لكثير من الانتقادات في أوروبا والولايات المتحدة، سواءً على المستوى الجيوسياسي أو على المستوى البيئي.
جيوسياساً، يرى منتقدو خطَّي الأنابيب أنهما بمثابة واجهة لتصدير النفوذ الروسي إلى أوروبا، وجعل القارة العجوز رهينة للكرملين، خصوصاً في ظل استيراد دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 43% من احتياجاتها في الغاز من روسيا.
كما أثار "نورد ستريم 2" انتقادات بسبب تأثيره اقتصادياً على أوكرانيا، وحرمانها في حال تشغيله من رسوم المرور التي تأخذها مقابل عبور الغاز الروسي لأراضيها.
على مستوى البيئة، يشير النقاد إلى التأثير البيئي لبناء خط الأنابيب، فضلاً عن التناقض بين أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ، وبين الاستثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية لاستيراد الوقود الأحفوري.
ماذا يقول أنصار المشروع؟
في المقابل، يرى أنصار المشروع، بما في ذلك المستشار الألماني السابق جرهارد شرودر أن خطي الأنابيب يمثلان مصدراً آمناً وموثوقاً للطاقة بالنسبة لأوروبا لتشغيل اقتصادها وضمان بقاء أسعار الطاقة منخفضة للمستهلكين.
وتقول الشركة المشغلة لـ"نورد ستريم" إنها تراعي العوامل البيئية، وتدرس بانتظام تأثير خطي الأنابيب عليها، مشيرة إلى أنها استثمرت نحو 40 مليون يورو في الرصد البيئي والاجتماعي.
كيف أثَّرت حرب أوكرانيا؟
أدَّت الحرب في أوكرانيا إلى التأثير بشكل كبير على خطي الأنابيب، وذلك في ظل الخلافات الكبيرة بين روسيا والغرب.
بالنسبة لـ"نورد ستريم 2"، فعلى الرغم من اكتماله في سبتمبر 2021 بعد سنوات من التأخير وبعد تكلفة بلغت أكثر من 11 مليار دولار أميركي، إلا أنَّ تشغيله تعثَّر بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
أما "نورد ستريم 1"، فعلى الرغم من أنه استمرَّ في العمل، إلا أنَّه شهد حالات توقف وتقليص للإمدادات منذ بدء الحرب في أواخر فبراير، ففي يونيو خفضت "غازبروم" إمدادات الغاز عبر "نورد ستريم 1" بنسبة 75%، أي من 170 مليون متر مكعب من الغاز يومياً إلى نحو 40 مليون متر مكعب.
ثم في يوليو أغلقت الشركة الروسية "نورد ستريم 1" بالكامل لمدة 10 أيام، بحجة الحاجة إلى الصيانة. وبعد فترة وجيزة من إعادة فتح الخط، خفضت "غازبروم" الكمية التي تم توفيرها إلى النصف، أي إلى 20 مليون متر مكعب، وذلك بسبب ما وصفته بخلل في المعدات.
وفي 31 أغسطس توقفت التدفقات عبر هذا الخط تماماً لإجراء عمليات صيانة كان من المفترض أن تمتدَّ لثلاثة أيام فقط، لكن خط الأنابيب لم يستأنف عملياته، وألقت موسكو باللوم في تعطل الإمدادات على العقوبات الغربية ومشاكل فنية.