إسرائيل.. اتفاق لبنان يحظى بدعم الجيش والموساد وضوء أخضر للتنقيب

جانب من حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، 20 سبتمبر 2022 - AFP
جانب من حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، 20 سبتمبر 2022 - AFP
دبي- الشرق

قال مسؤولون إسرائيليون، إن ثمة احتمالاً بنسبة 55% لنجاح المفاوضات الجارية مع لبنان بشأن الاتفاق الخاص بترسيم الحدود البحرية، فيما ذكرت القناة 12، أنَّ المؤسسة الأمنية في إسرائيل منحت الضوء الأخضر لبدء تجارب التنقيب عن الغاز في حقل "كاريش" المتنازع عليه، رغم الخلاف القائم مع بيروت.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن مسؤولين كبار قالت إنهم معنيون بالمفاوضات، مساء السبت، قولهم إن "هناك فرصة جيدة بنسبة 55٪ بأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق".

وأضاف المسؤولون: "اللبنانيون يريدون اتفاقاً، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، والتفاصيل معقدة للغاية".

ونفى مسؤول إسرائيلي كبير أن تكون الانتخابات العامة في إسرائيل، والمقررة مطلع نوفمبر، عائقاً أمام توقيع الاتفاق مع لبنان.

وقال: "سيتم توقيع الاتفاق بعد حصوله على كل عمليات الموافقة الضرورية، وليس هناك موعد نهائي مرتبط بالانتخابات، والأمر يعتمد فقط على ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق جيد لإسرائيل والموافقة على ما هو مطلوب".

تأييد أم معارضة؟

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤول كبير آخر قوله: "لن نوقع الاتفاق بأي ثمن، فالاتفاق الأصلي إنجاز هائل لإسرائيل. وحتى في اجتماع مجلس الوزراء، كان الجميع متشككين ولم يعمدوا إلى إفساد الاتفاق بسبب الانتخابات، لكنهم بعد معرفة تفاصيل الاتفاق، وافقوا عليه وقالوا جميعاً إنهم سيوقعون عليه".

وذكرت الصحيفة أن اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي بهذا الشأن شهد دعماً واسعا للاتفاق، لا سيما من جانب وزارة الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الموساد ووزارة الطاقة. وكانت الإشكالية الوحيدة تتعلق بإجراءات الموافقة على الاتفاقية، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت الذي لم يقرر بعد ما إذا كان سيستخدم حق النقض ضد الاتفاق، في الاجتماع، إنه كان من الصواب اتخاذ قرار مثل هذا فقط بعد الانتخابات - وفقط إذا كان الاتفاق عملياً.

وفي ذروة الاتصالات السياسية المحمومة، يواصل كبار مسؤولي حزب الليكود (المعارض) برئاسة بنيامين نتنياهو، الادعاء بأن الاتفاق مع لبنان يشبه خوض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك لمحادثات طابا قبل الانتخابات عام 2001 (وهي محادثات جرت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مصر).

ويتهم قادة الليكود رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد بالبحث عن إنجاز سياسي ينقذه في الانتخابات"، وبالتالي يذهب إلى اتفاق مع لبنان "لا يعطي إسرائيل شيئاً" على حد تعبيرهم.

ورد مسؤولون كبار في حزب "هناك مستقبل" الذي يتزعمه لبيد، بأن "ما يفعله الليكود هو ببساطة الخروج عن القانون بشكل كامل. إنهم يرددون دعاية حزب الله دون أن تكون لديهم أي فكرة عما هو موجود في الاتفاق".

دعوة نتنياهو

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، مساء السبت، أنه دعا رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو إلى جلسة إحاطة أمنية حول الاتفاق الناشئ مع لبنان، إلى جانب المسؤولين الأمنيين المعنيين.

ورد مكتب نتنياهو بالقول إنه لا ينوي الاستجابة للدعوة، لأنه "وفقاً للقانون، ينبغي أن يقدم الإحاطة رئيس الوزراء وليس وزير الدفاع".

من ناحية أخرى ينتقد البعض رفض لبيد الكشف عن النقاط الرئيسية للاتفاق أمام الرأي العام، حتى يرى الجميع ما إذا كان هذا بالفعل إنجاز هائل لإسرائيل أم لا.

ويقول المحيطون برئيس الوزراء الإسرائيلي إنه لا يرغب في الكشف عن الاتفاق قبل إتمام كل شيء وتوقيعه مع اللبنانيين، لكن أعضاء مجلس الوزراء رأوا النقاط الرئيسية للاتفاق، وكلهم قالوا في صوت واحد إنهم سيوقعون عليه.

تجارب وتهديدات

من ناحية أخرى، ذكرت القناة 12 التليفزيونية الإسرائيلية أنَّ المؤسسة الأمنية منحت شركة "إنرجيان" الضوء الأخضر لبدء اختبار منصة استخراج الغاز في الحقل، فيما أشارت قناة "كان" الإخبارية إلى أنَّ هذه الاختبارات قد تبدأ الأحد مع إمكانية انطلاق العمليات الكاملة في غضون أسابيع، بمجرد اكتمال الاختبارات، بحسب ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

ويعد حقل غاز كاريش في قلب الخلاف اللبناني الإسرائيلي بشأن حقوق التنقيب عن الغاز وترسيم الحدود البحرية، حيث حذر "حزب الله" اللبناني مراراً من أنه قد يهاجم إذا بدأت تل أبيب استخراج الغاز دون التوصل لاتفاق.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي أنَّ بلاده ستمضي قدماً في خطط الاستخراج حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق، محذراً حزب الله من أنَّ أي هجوم سيواجه رداً "حازماً"، بحسب ما ذكرته القناة الإسرائيلية.

وفي تصريحات للقناة، صعَّد بيني جانتس من خطاب التهديد قائلاً: "إذا ارتكب حزب الله هذا الخطأ، وهاجم إسرائيل بأي شكل من الأشكال، عن طريق الجو أو البحر أو البر، فإنَّ إسرائيل ستدافع عن نفسها بحزم، وستهاجم بعزم، ومتى تطورت الأمور إلى صراع أوسع، فسنقوم بتفكيك لبنان، وهذا سيكون أمراً مؤسفاً للغاية".

ورغم التصعيد الخطابي، أشار جانتس إلى أنه يأمل التوقيع على اتفاق قريباً، مقراً في الوقت نفسه بأنَّ لبنان أصدر "تحفظات جديدة لا نوافق عليها".

وفي مقابلة منفصلة مع قناة "كان"، قال جانتس: "إذا توصلنا إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية فسيكون ذلك في صالح الطرفين. سيكون مفيداً للاستقرار، ويخدم جميع اللاعبين"، مضيفاً: "نواصل توضيح أنَّ إسرائيل مستعدة لاتفاق، لكنها مصممة على الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والأمنية".

ترسيم الحدود

وانطلقت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل عام 2020، ثم توقفت في مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعة تُعرف حدودها بالخط 23، بناءً على خريطة أرسلها لبنان في عام 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن بيروت اعتبرت لاحقاً أن الخريطة استندت إلى "تقديرات خاطئة"، وطالبت بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش" وتُعرف بالخط 29.

وتسارعت التطورات المرتبطة بالملف في مطلع يوليو الماضي، بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه، إذ تعتبر بيروت أن الحقل المذكور يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.

وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان المبعوث الأميركي آموس هوكستين لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش، بل يشمل ما يُعرف بحقل "قانا" الواقع في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.

وبعدما تقدم لبنان بملحوظاته على المقترح، رفضت إسرائيل هذه الملاحظات في خطوة قد تؤخر التوصل إلى اتفاق.

ويضع الاتفاق المذكور، في حال وصوله إلى خواتيم إيجابية، الأساس القانوني الذي يمكن للجانبين من خلاله الشروع في الاستفادة من الاحتياطيات الكبيرة من الغاز الطبيعي والنفط في شرق المتوسط، خاصة بالنسبة لحقل "كاريش" (من حصة إسرائيل)، الذي يقدر أن يحتوي على 1.75 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ونحو 61 مليون برميل نفط.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات