مشاهير إيران يساندون المحتجين ويغضبون النظام

طالبات في جامعة الزهراء بطهران يخلعن حجابهنّ خلال احتجاج مناهض للنظام، 4 أكتوبر 2022. - Twitter/@EyE15920006
طالبات في جامعة الزهراء بطهران يخلعن حجابهنّ خلال احتجاج مناهض للنظام، 4 أكتوبر 2022. - Twitter/@EyE15920006
دبي/ طهران- الشرقأ ف ب

عندما أدّى المغني الإيراني شروين حاجي بور أغنية تعبّر عن رغبة الشباب الإيراني في "حياة طبيعية" و"الحرية"، لم يكن يدرك أن كلماته ستصبح وقوداً للمتظاهرين المناهضين للنظام، كما أوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

ولكن سرعان ما انتشر استخدام حاجي بور (25 عاماً) لمواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تسليط الضوء على الاحتجاجات التي تشهدها إيران، بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً) خلال احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، التي اتهمتها بانتهاك قواعد ارتداء الحجاب.

شوهد التسجيل المصوّر لأغنية حاجي بور أكثر من 40 مليون مرة خلال يومين على تطبيق "إنستجرام"، وأدّى إلى احتجازه لأسبوع، قبل الإفراج عنه بكفالة.

ورأى الإيرانيون بشكل واسع أن حاجي بور يعبّر عن اهتمامات جيل الشباب الذين يريدون أسلوب حياة عصري ولا يتعاطفون مع النظام، بحسب "فايننشال تايمز".

وقال عالم الاجتماع حميد رضا جلائي بور: "في غياب أحزاب سياسية راسخة، أعلن هذا الشاب ما يريده المتظاهرون الشباب". وأضاف أن المجتمع الإيراني كان يشهد تغييراً، ولو بطيئاً، في العقود الثلاثة الماضية، متحدثاً الآن عن "ثورة اجتماعية في طور التكوين".

بازار طهران

واتسعت الاحتجاجات على وفاة أميني، لتشمل دعوات إلى تشكيل حكومة ديمقراطية، علماً أن الاضطرابات حضرت بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي بعض الحالات، من خلال مشاهير يتابعهم عدد ضخم من مستخدمي الإنترنت.

واستمرت الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وشهدت السبت دخول متظاهرين البازار التاريخي الكبير في طهران للمرّة الأولى، حيث حضّوا أصحاب المتاجر على إغلاقها.

في غضون ذلك، اخترق ناشطون مناهضون للنظام بثاً مباشراً للتلفزيون الرسمي، وربطوا المرشد علي خامنئي بوفاة أميني.

دفاع حكومي

ويحمّل قادة إيرانيون حكومات أجنبية مسؤولية تأجيج الاحتجاجات. وقال رئيس القضاء الإيراني غلام حسين محسني إيجي إن مشاهير شجّعوا الاحتجاجات في الشوارع، معتبراً أن "أولئك الذين اشتهروا بدعم هذا النظام، يردّدون الآن صوت العدو".

وفرض هؤلاء القادة قيوداً على استخدام "إنستجرام" و"واتس آب"، مع انتشار تسجيلات مصوّرة لشبان ينخرطون في مواجهات مع شرطة مكافحة الشغب.

وكتبت الممثلة البارزة هدية طهراني على "إنستجرام" إنها تلقت "تحذيراً" من مسؤولي الأمن، مشيرين إلى وجوب أن تتوخّى الحذر بشأن ما تنشره لمتابعيها، وعددهم 967 ألفاً.

واعتبرت أن الإيرانيين الذين سئموا من الوضع، لا يحتاجون إليها كي "تدعوهم" إلى الاحتجاج. وأضافت مخاطبة قوات الأمن: "أنتم مضيفو هذا العيد الدموي... طريقي الوحيد للتواصل مع الناس هو الشوارع" حيث تُنفذ الاحتجاجات.

أما مهدي مهديفيكيا، وهو نجم سابق لكرة القدم استقال هذا الشهر من منصبه مدرباً لمنتخب إيران لكرة القدم تحت 23 عاماً، ولفت إلى أن مسؤولين يرسلون أبناءهم إلى الخارج حيث يتمتعون بـ"رفاهية مطلقة"، مستدركاً أنهم يتوقعون من الناس "أكل خبز عفن" فيما يسيئون معاملة النساء، مثل أميني.

وانتقد مهديفيكيا قوات الأمن، بعد مهاجمتها طلاباً في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران واعتقالهم.

وأشار إلى أن السلطات جعلت منذ عقود "النخبة الفكرية ورؤوس الأموال البشرية الوطنية يفرّون من البلاد، من خلال قمع الطلاب وضربهم"، وتابع: "المناصب المهمة يشغلها أمّيون، وهذا هو السبب في أن البلاد (تعاني) مثل هذه الفوضى".

نيكا شاكرمي

كذلك ثمّة غضب نتيجة الاختفاء الغامض للمتظاهرة نيكا شاكرمي (17 عاماً) ووفاتها، علماً أن السلطات تؤكد سقوطها من مبنى. لكن والدتها فنّدت الرواية الرسمية، مشيرة إلى وفاة ابنتها نتيجة ضربات على رأسها.

وشاركت مهتاب کرامتي، وهي ممثلة وسفيرة لـ"يونيسف" للنيات الحسنة في إيران، صوراً لتسعة مراهقين لقوا حتفهم أو أُصيبوا أو اعتُقلوا خلال الاحتجاجات، بما في ذلك شاكرمي. لكنها حذفت منشورها الجمعة، ممّا أثار شكوكاً بأنها فعلت ذلك نتيجة ضغوط من قوات الأمن، بحسب "فايننشال تايمز".

وشجّع علي كريمي، وهو نجم سابق لكرة القدم يتابعه 13.3 مليون شخص على "إنستجرام"، وغادر إيران أخيراً، مواطنيه على المطالبة بحقوقهم. ووَرَدَ في منشور كتبه الخميس: "عزيزتي نيكا! جميع الإيرانيين يخجلون من طريقة رحيلك. ارقدي بسلام يا ابنتي".

وأوقف مهران مديري، وهو مقدّم برامج حوارية يتميّز بسخريته، بثّ برامجه الحوارية بعد وفاة أميني.

مصادرة جواز علي دائي

وحجزت السلطات الإيرانية جواز سفر اللاعب السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الوطني، بعد انتقاده تعاملها مع الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني، قبل أن تعيده ثانية وفق ما أفاد اللاعب السابق وكالة فرانس برس الاثنين.

وكتبت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية الاثنين إن "مصادرة جواز سفر علي دائي تعود إلى ما كتبه على إنستجرام تعليقاً على وفاة مهسا أميني".

المهاجم السابق حضّ السلطات في 27 سبتمبر، على "حل مشاكل الشعب الإيراني بدلاً من استخدام القمع والعنف والاعتقالات"، وذلك وفق ما جاء في منشور عبر حسابه على إنستجرام.

وكان دائي (52 عاماً) أفضل هدّاف في تاريخ المنتخبات الوطنية لأعوام طويلة مع 109 أهداف، إلى أن تجاوزه البرتغالي كريستيانو رونالدو في سبتمبر 2021.

من جهته، نقل موقع "ورزش 3" الرياضي الإيراني عن شقيق دائي محمد، قوله إن "علي قدّم كل حياته لرفع العلم الإيراني، هو يحبّ بلده وشعبه ودائما ما يقول الحقيقة" وأضاف "ما حصل مع علي مؤسف".

وأبدى لاعبون حاليون وسابقون، ومشاهير في مجالات ثقافية، دعمهم للتحركات التي تشهدها إيران منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، داعين للاستماع لمطالب المحتجين.

وأفادت وكالة "إيلنا" الأحد أن السلطات حجزت أيضا جواز سفر المغني الإيراني المعروف همايون شجريان وزوجته الممثلة سحر دولتي، إضافة الى السينمائي مهران مديري.

"ليست مهمة"

مواقف المشاهير أثارت انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الرسمية. وأوردت صحيفة "جوان" التابعة لـ"الحرس الثوري" أن المشاهير، من لاعبي كرة القدم إلى نجوم السينما، ليسوا مستعدين لـ"دفع ثمن صمتهم" خشية أن يخسروا شعبيتهم "ولا لمرافقة" المتظاهرين، خوفاً من فقدان وظائفهم.

لكن المرشد الإيراني علي خامنئي اعتبر أن كلمات "بعض الشخصيات الرياضية والفنية" التي ساندت المتظاهرين، "لا تستحق" أي اهتمام و"ليست مهمة".

يعتبر كثيرون أن الاحتجاجات تؤكد هوّة بين المواطنين الإيرانيين والنظام. وحذر الرئيس السابق للبرلمان، غلام علي حداد عادل، المحسوب على المتشددين، خلال لقائه زملاء من أساتذة جامعة طهران، من أن المجتمع "يتجه بسرعة نحو استقطاب" بين القوات الموالية للنظام والقوى المناهضة له.

أما وزير الاقتصاد السابق علي طيب نيا، فنبّه إلى أن الشباب "لا يرون مستقبلاً مشرقاً وليس لديهم ما يخسرونه".

كذلك لفتت فاطمة ركعي، وهي سياسية إصلاحية، في حديث لصحيفة "اعتماد"، إلى أن الشباب يريدون "قيادة سيارات جيدة، و(ارتداء) ملابس جيدة، والحصول على وظائف جيدة ورعاية اجتماعية". وأضافت: "هذه المطالب لن تتحقق مع العقوبات (الأميركية) وسوء الإدارة والاحتيال".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات