يصوّت الناخبون في الدنمارك، الثلاثاء، لاختيار مجلس تشريعي بعد أزمة سياسية طاحنة كان عنوانها معارضة قرار حكومي خاطئ للقضاء على "حيوان المنك" تحسباً لانتشار فيروس كورونا.
وتسعى رئيسة الوزراء الاشتراكية الديمقراطية، مته فريدريكسن، للتمسك بالسلطة في مواجهة تكتل يجمع اليمين واليمين المتطرف، إلا أن نتائج الانتخابات تبقى غير محسومة ويرجح أن تكون رهن حزب "المعتدلين" الخارج عن المتنافسين الرئيسيين.
بدأت مراسم الاقتراع عند الـ 8 صباحاً بالتوقيت المحلي ولمدة 12 ساعة (بين 07:00 و19:00 بتوقيت جيرنيتش)، ويتوقع أن تبدأ النتائج الأولية بالظهور بعد زهاء ساعتين من إقفال الصناديق في موعد انتخابي تعود جذوره إلى "أزمة (حيوانات) المنك" التي أبقت البلاد في حال ترقب لأكثر من عام.
وهدد أحد أحزاب الأقلية الداعمة للحكومة بإسقاطها ما لم تتم الدعوة لانتخابات تتيح إعادة كسب ثقة الناخبين بعد الأمر بالقضاء بشكل عاجل على حيوانات المنك المنتشرة في البلاد، على خلفية المخاوف حيال متحوّرة لفيروس كورونا، في خطوة ثبت لاحقاً أنها مخالفة للقانون.
استمالة الناخبين
وتفيد آخر استطلاعات الرأي بأن "التكتل الأحمر" اليساري بقيادة حزب فريدريكسن الاشتراكي الديمقراطي يحظى بنسبة تراوح بين 47.1% و49.1% من نوايا التصويت، مقارنة بـ40.9% إلى 43.6% لتكتل الأحزاب اليمينية "الأزرق".
ووفق الاستطلاعات، لن يتمكن أي من التكتلين من انتزاع الغالبية الكافية للحكم من دون "المعتدلين"، الحزب الذي أسسه هذا العام رئيس الوزراء الليبرالي السابق لارس لوكه راسموسن.
وتشير الاستطلاعات إلى أن هذا الحزب قادر على حصد ما يصل إلى 10% من الأصوات.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة آرهوس، رون ستوباجر، لوكالة "فرانس برس": "في حال عدم نيل (أي من التكتلين) الغالبية، ويبدو أن ذلك سيحصل، لن يكونا في غنى عن المعتدلين من أجل تشكيل حكومة".
ويسعى الطرفان إلى استمالة الناخبين، إضافة إلى حزب المعتدلين.
وكررت رئيسة الوزراء الحالية في الآونة الأخيرة التحدث عن إمكانية قيادتها حكومة بتحالف بين اليمين واليسار، وأبدت استعدادها لإصلاح النظام الصحي بشكل يلقى قبول "المعتدلين".
من جهته، دعا زعيم الليبراليين إلى عودة لوكه راسموسن إلى حزبه السابق. وقال ياكوب إيلمان ينسن في مناظرة تلفزيونية في الآونة الأخيرة "إذا أردتم الأمور التي تحلمون بها، والتي نمت في حديقتنا المشتركة السابقة، عودوا إلى المنزل".
تذبذب 40% من الناخبين
بعد حملة انتخابية هيمنت عليها قضايا المناخ والتضخم ونظام الرعاية الصحية، لم يحسم نحو ربع الناخبين أمرهم.
ويقول أستاذ العلوم السياسية ستوباجر: "ثمة تذبذب كبير لدى الناخبين الدنماركيين، فإن نحو 40% يغيّرون حزبهم".
يعكس بعض الناخبين عدم استقرار الرأي حتى بالنسبة لمن يدلون بأصواتهم للمرة الأولى، مثل أنتيسا ينسن التي تقول: "لا أعرف بعد لمن سأصوّت، ربما للخيار البديل أو الراديكاليين". وتشير هذه السيدة الأربعينية إلى أن "مسألة الهجرة منفّرة بالنسبة إليّ" في برامج المرشحين.
وهذه الأميركية نالت الجنسية الدنماركية مؤخراً بعد مسار مُضنٍ يعكس السياسة التقييدية للبلد الإسكندنافي حيال الترحيب بالمهاجرين.
وشكلت الدنمارك التي تتباهى بنموها وتماسك مجتمعها مثالاً على المعايير الصارمة للهجرة منذ أكثر من 20 عاماً، بصرف النظر عن التكتل السياسي الممسك بالسلطة.
وانطلاقاً من سياسة "صفر لاجئين" التي تنادي بها، تعمل الحكومة الاشتراكية الديمقراطية الحالية على اتباع النموذج البريطاني، واعتماد مركز لإدارة طلبات اللجوء في رواندا.
"المناخ" قضية انتخابية
إن تركيز الدنماركيين البالغ عددهم 5 ملايين و900 ألف نسمة يبدو منصباً على المناخ. ويهدف البلد الإسكندنافي إلى تقليص انبعاثاته بنسبة 70% بحلول عام 2030، بما يفوق نسبة الـ55% في الاتحاد الأوروبي، وبلوغ الحياد الكربوني في 2050 كمجمل دول القارة.
وشارك 50 ألف شخص بينهم رئيسة الوزراء في "مسيرة المناخ"، الأحد.
وقالت الطالبة إستر رون (23 عاماً)، على هامش مشاركتها في المسيرة، إن "هذه الانتخابات مهمة جداً لما سيحصل بالكرة الأرضية في المستقبل". وعبّرت عن اعتقادها بأنه "من المهم أن يكون المناخ على رأس أولويات السياسيين والناخبين".
ووعد اليسار بسنّ قوانين بشأن التنوع البيولوجي، ويعتزم الاشتراكيون الديمقراطيون إدراج "ضريبة كربونية" على الزراعة، وهو إجراء يلقى تأييد غالبية التشكيلات السياسية الأخرى.
وفي الأوساط اليمينية، يركز الحزب الليبرالي على تطوير حلول "خضراء"، في حين يبدي "اليمين الجديد" (المتطرف) انفتاحه على بناء محطات للطاقة النووية.
وقدم ما لا يقل عن 14 حزباً لوائح للتنافس على مقاعد مجلس النواب البالغة 179، بينها 4 مخصصة للأراضي الدنماركية ما وراء البحار، أي جرينلاند وجزر فارو.
وعادة ما تسجل الانتخابات في الدنمارك نسبة مشاركة مرتفعة، ففي عام 2019 أدلى 84.6% من الناخبين البالغ عددهم 4 ملايين و200 ناخب بأصواتهم.
اقرأ أيضاً: