بعد انتصار فلوريدا.. هل ينجح ديسانتيس في انتزاع "شعلة الجمهوريين" من ترمب؟

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس يتحدث خلال الاجتماع السنوي لقيادة الائتلاف اليهودي الجمهوري في لاس فيجاس بولاية نيفادا. 19 نوفمبر 2022 - AFP
حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس يتحدث خلال الاجتماع السنوي لقيادة الائتلاف اليهودي الجمهوري في لاس فيجاس بولاية نيفادا. 19 نوفمبر 2022 - AFP
دبي -الشرق

اُستقبل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي ينظر إليه كثير من الجمهوريين على أنه "مستقبل الحزب"، بحفاوة بالغة خلال فعالية للحزب في لاس فيجاس نهاية الأسبوع، اكتملت صورتها باندفاع حشود معجبين إلى خشبة المسرح.

وساهم ظهور ديسانتيس أمام الاجتماع السنوي للائتلاف اليهودي الجمهوري، بعد أقل من أسبوعين من إعادة انتخابه في انتصار كبير، حاكماً لولاية فلوريدا في تكثيف دعوات متزايدة بين مخلصين للحزب تطالبه بتولي زمام الأمور كزعيم للحزب من الرئيس السابق دونالد ترمب، وفق تقرير نشرته "بلومبرغ".

ولكن، حتى في الوقت الذي ينظر فيه الجمهوريون إلى ديسانتيس باعتباره أملهم الأكبر في انتخابات 2024، لا تزال تردد بعض الأحاديث في دوائر الحزب بشأن ما إذا كان لديه ما يكفي من "الكاريزما والحنكة السياسية"، للظهور على الصعيد الوطني، وخطف "الشعلة الجمهورية" من ترمب، والفوز بالسباق إلى البيت الأبيض.

في تصريحاته التي أدلى بها في لاس فيجاس، في 19 نوفمبر، بعد ساعات من خطاب ألقاه ترمب عن بعد عبر الأقمار الصناعية، أشار حاكم فلوريدا إلى طموحه السياسي، ورسم صورة لقيادته لفلوريدا "كنموذج للحكم الجمهوري" للولايات المتحدة. 

وبحسب "بلومبرغ"، في حال انضم ديسانتيس رسمياً إلى السباق، فسيسعى إلى أن يصبح أول حاكم يفوز بترشيح الحزب الجمهوري منذ أن حصل عليه جورج دبليو بوش عندما كان حاكماً لتكساس قبل عقدين.
 
ورغم فوز ديسانتيس بإعادة انتخابه "بأكثر من 1.5 مليون صوت"، ما يعد أحد أكبر انتصارات الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي، في أعقاب محاربته تدابير إغلاق كورونا والحروب الثقافية، ليس من الواضح ما إذا كان سيجري الاحتفاء بأجندته في ولايات أيدت مرشحين أكثر اعتدالاً.

الحاكم الجمهوري لفلوريدا رون ديسانتيس مع الرئيس الأميركي السابق  دونالد ترمب، فلوريدا. 31 أكتوبر 2018 - REUTERS
الحاكم الجمهوري لفلوريدا رون ديسانتيس مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في فلوريدا. 31 أكتوبر 2018 - REUTERS

الخيار الثاني

ورسمت استطلاعات الرأي صورة مختلطة لشعبية ديسانتيس خارج فلوريدا، إذ أظهرته معظمها كخيار ثانٍ واضح لترمب في منافسات افتراضية.

مع ذلك، أشار الحاكم الجمهوري السابق لنيوجيرسي، كريس كريستي، وهو مرشح رئاسي محتمل آخر لانتخابات 2024، إلى عقبات يواجهها ديسانتيس. 

وقال كريستي في مقابلة، الاثنين، خلال حملة جمع تبرعات لمركز لينكولن، إنه "عندما يكون كل ما أنجزته هو الفوز بمقعد حاكم الولاية في ولاية حمراء كفلوريدا، فإن هذا يمثل عدداً من التحديات، ولكن ليس تقريباً نفس عدد التحديات التي ستواجهها للفوز في انتخابات تمهيدية تنافسية على مقعد رئيس الولايات المتحدة".

وأضاف: "لذلك، سنرى، فقد ينتهي الأمر بديسانتوس بأن يصبح المرشح الهارب، أو قد ينتهي به المطاف على غرار سكوت ووكر، الذي انسحب من السباق في سبتمبر، قبيل بدء الانتخابات التمهيدية". 

وكان ووكر، الحاكم السابق لولاية ويسكونسن، انضم إلى السباق الرئاسي الجمهوري في 2016 بضجة كبيرة بعد أن رسم لنفسه صورة وطنية كمقاتل ضد اتحادات القطاع العام، ولكنه أسدل ستار النهاية على حملته بُعيد شهرين فقط تحت وهج التغطية الإعلامية الوطنية.

ويقول أشخاص يعرفون ديسانتيس إنه "يمكن أن يكون متحمساً قليل الصبر على تجاذب أطراف الحديث والتودد للناخبين التي تميز الحياة السياسية"، وفق ما أوردته "بلومبرغ".

وفي المناسبات، يفضل ديسانتيس عادة "الجداول الزمنية المضغوطة، إذ أنه لا يملك استعداداً كبيراً للتعامل مع الجماهير بعد الانتهاء من أعماله"، وفقاً لما قاله 4 مساعدين سابقين تحدثوا إلى "بلومبرغ" بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

وأضاف المساعدون السابقون أن ديسانتيس "ربما لا يشعر بالراحة أثناء ممارسته الأعمال السياسية، ولكنه يمتلك سجلاً حافلاً من المحادثات غير المصطنعة" مع سكان فلوريدا في أماكن أصغر حجماً، مثل المتاجر، والمطاعم، والمصانع، والمنازل. وتزخر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بصور "لهذا النوع من المشاهد أثناء سيره على الطرقات".

"نقاط قوة"

من جانبه، اعتبر كريستوفر روفو، الناشط المحافظ، والزميل البارز في معهد مانهاتن، ومستشار ديسانتيس بشأن رسائل الحرب الثقافية، أن عدم اكتراث حاكم فلوريدا بممارسات السياسة العامة، هو ما يجعله "محبباً للناخبين".

وقال لـ "بلومبرغ": "لقد سمعت نوعاً من الانتقادات الهادئة بأنه لا يُسعد المتبرعين، وهو بالفعل كذلك، وبأنه ليس متملقاً ومحباً للثرثرة، وبأنه لا يشارك في الحوارات الصغيرة. ولكني أعتقد أن هذه أيضاً تعد نقاط قوته، لأنه يركز على الجوهر".
 
ويُعرف ديسانتيس، وهو محام درس القانون في جامعة هارفارد، ومحامٍ سابق في البحرية، بـ"أخلاقياته المهنية القوية، ونهمه الشديد للحصول على التفاصيل والبيانات لدعم أي شيء يقترحه"، على النقيض من ترمب الذي يميل إلى "الاعتماد أكثر على الحدس أكثر من الحقائق"، وفقاً لـ "بلومبرغ".

وتمكن حاكم فلوريدا من جذب المحافظين إلى خطابه عبر الحديث عن ذلك النوع من "المسائل الساخنة" التي وضعها الرئيس السابق في الواجهة، مثل مهاجمة الهجرة غير الشرعية، ورفض ارتداء الكمامات وفرض اللقاحات على المستوى المحلي، والتشكيك في الانتخابات. كما خاض معركة شرسة حظيت بشعبية كبيرة ضد شركة "والت ديزني" لدعمها حقوق المتحوّلين.

وهذه الأمور سمحت لديسانتيس بجمع أموال طائلة لإعادة انتخابه، والبدء في إنشاء شبكة مانحين على المستوى الوطني لخوض الانتخابات الرئاسية. مع ذلك، جاء أكثر من نصف ما جمعه من أجل إعادة انتخابه (180 مليون دولار) خارج فلوريدا.

في هذا السياق، قال مؤسس شركة "سيتاديل"، الملياردير كين جريفين، إنه يأمل في أن يفسح ترمب "الخاسر ثلاث مرات" الطريق أمام ديسانتيس، الذي يدعمه مالياً.

ولكن ترمب الرئيس السابق، الذي أعلن مؤخراً ترشحه لخوض جولة سباق ثالثة إلى البيت الأبيض، وضع مبكراً خليفته المحتمل في مرمى نيرانه. وصعد ترمب هجومه على ديسانتيس أثناء إعلان تدشين حملته الرئاسية في 15 نوفمبر، مشيراً إلى استطلاعات رأي أظهرت فوزه على ديسانتيس في منافسة افتراضية، كما وصفه بأنه رون "ديسانكتيمونيوس" (المنافق).

ورغم حرص ديسانتيس حتى الآن على عدم الدخول في معارك مباشرة ضد الرئيس السابق، قال حاكم فلوريدا، في رده على أسئلة صحافيين بشأن انتقادات وجهها إليه ترمب، إنه على الأميركيين أن "يراجعوا لوحة النتائج" الخاصة بانتخابات التجديد النصفي، في نقدٍ لاذع للأداء السيء للمرشحين الذين اختارهم ترمب بعناية فائقة، في مقابل انتصاره الساحق في إعادة انتخابه كحاكم لولاية فلوريدا.

"ليس محنكاً" كترمب

في المقابل، وصفت جلوريا برينبوم، وهي امرأة متقاعدة، من مدينة ديلراي بيتش، بولاية فلوريدا، تبلغ من العمر 78 عاماً، ديسانتيس بأنه "جيد"، ولكنه "ليس محنكاً مثل ترمب، وليس مستقلاً مثل ترمب".

ورفض متحدث باسم ديسانتيس طلب "بلومبرغ" للتعليق، مكتفياً بالقول إن "ديسانتيس يركز الآن على كونه حاكماً لولاية فوريدا".
   
وقال ديسانتيس في خطابه في لاس فيجاس إن "عمل القائد لا يعني أن تترك إصبعك في مهب الريح وتحاول أن تولي وجهتك إلى حيث يقودك الرأي العام في لحظة معينة"، ما أثار عاصفة من التصفيق.

وألمح مؤيدون آخرون إلى انتصارات حققها ديسانتيس في مقاطعة ميامي ديد، المعقل التاريخي للديمقراطيين.

وخلصت استطلاعات رأي أجريت بعد إعلان نتائج انتخابات التجديد النصفي إلى أن ديسانتيس "إما اكتسب شعبية، أو تفوق على ترمب باعتباره خيار أول في أوساط الناخبين الجمهوريين".
 
غير أنّ استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك، في يوليو الماضي، أظهر أنّ 35% من الأميركيين ليس لديهم رأي بشأن حاكم فلوريدا لأنهم "لا يعرفون عنه الكثير".

وبينما كان ديسانتيس يختتم تصريحاته وسط حفاوة بالغة في الاجتماع السنوي للائتلاف اليهودي الجمهوري، انطلقت عبر مكبرات الصوت أغنية Sweet Florida (فلوريدا الجميلة)، وهي القصيدة التي كتبها جوني فان زانت، المغني الرئيسي في فرقة لينيرد سكينيرد، التي تتهكم على الرئيس الأميركي جو بايدن، وكبير مستشاريه الصحيين أنتوني فاوتشي.

وانحنى ديسانتيس ليصافح الجماهير، ويوقع لهم على قبعات بيسبول قبل نزوله من الجانب الأيسر لخشبة المسرح، وهو يبدو "تماماً مثل مرشح رئاسي في تجمع انتخابي حاشد"، كما وصفته "بلومبرغ" في ختام تقريرها.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات