منذ الإعلان عن تأسيسه عام 2014 تناوب على قيادة تنظيم "داعش" 4 شخصيات أولهم أبو بكر البغدادي، وخلفه أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، وكلاهما قتل في سوريا، ثم أبو الحسن الهاشمي القرشي، الذي أعلن التنظيم، الأربعاء، مقتله، واختيار أبو الحسين الحسيني القرشي لخلافته، فمن هم هؤلاء.
في وقت سابق، الأربعاء، أعلن المتحدث باسم تنظيم "داعش" أبو عمر المهاجر، في تسجيل صوتي على "تليجرام"، موت زعيم التنظيم، وهو ما رحبت به الولايات المتحدة، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي: "نرحب بإعلان أن زعيماً آخر لتنظيم (داعش) لم يعد يمشي على وجه الأرض".
وقال الجيش الأميركي، في بيان، إن العملية التي قادت إلى سقوط القرشي نفذها "الجيش السوري الحر" (فصيل مسلح معارض للحكومة السورية) بمحافظة درعا في سوريا، منتصف أكتوبر.
أبو بكر البغدادي.. من السجن إلى الخلافة
بعد إعلان قيام "داعش" في يونيو 2014، تم تنصيب أبو بكر البغدادي قائداً للتنظيم و"خليفة للمسلمين"، وكان شخصية قيادية لمع نجمها سابقاً في صفوف تنظيم "القاعدة" قبل حل الأخير في العراق.
واستمر البغدادي على رأس "داعش" لأكثر من 5 سنوات، وهي أطول مدة لزعيم منذ تأسيس التنظيم، الذي شهد خلال تلك السنوات امتداداً كبيراً لمناطق سيطرته، والتي بلغت مساحتها 88 ألف كيلومتر مربع.
وظل البغدادي لوقت طويل في قائمة أغلى المطلوبين للولايات المتحدة، التي رصدت 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود للقبض عليه.
وُلد البغدادي عام 1971 في مدينة سامراء، شمالي العاصمة العراقية بغداد، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، وينحدر من عائلة متدينة متوسطة الحال تنتمي إلى عشيرة البدري.
وحصل على الدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية بين 1999-2007، ويعتقد أنه بدأ يقترب من الجماعات السلفية المتشددة التي تميل إلى استخدام العنف عام 2000.
وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ساهم البغدادي في تأسيس جماعة "جيش أهل السنة والجماعة" المسلحة، واعتقلته القوات الأميركية في فبراير 2004، بمدينة الفلوجة، وبقي في سجن "بوكا" نحو 10 أشهر، قبل أن يُطلق سراحه لاعتباره "مصدر تهديد منخفض".
وفي 2006 تم حل تنظيم القاعدة في العراق، وتأسيس تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، الذي بات يعرف اختصاراً باسم "داعش".
وفي 2010، اختار مجلس الشورى أبو بكر البغدادي أميراً جديداً للتنظيم بعد مقتل مؤسسه أبو عمر البغدادي.
وفي يونيو 2014، أعلن البغدادي تغيير اسم التنظيم بأن حذف كلمتي العراق الشام، ومع توسع رقعة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، أعلن البغدادي مدينة الرقة عاصمة، ودعا أنصاره إلى الهجرة إليها ومبايعته.
وفي 26 أكتوبر 2019 شنت القوات الأميركية غارة شمال غربي سوريا أسفرت عن سقوط البغدادي، وفي اليوم التالي، أعلن الرئيس السابق دونالد ترمب الخبر في بيان غير اعتيادي من البيت الأبيض.
وفي 31 أكتوبر أعلن التنظيم تعيين أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيماً خلفاً للبغدادي.
أبو إبراهيم.. القائد غير العربي
في 3 فبراير 2022، أعلنت الولايات المتحدة القضاء على زعيم "داعش" أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في عملية عسكرية شمال غربي سوريا، بعد أقل من 3 سنوات على توليه قيادة التنظيم.
استهدفت الغارة القرشي في منطقة أطمة بريف إدلب الشمالي، على بعد نحو 15 ميلاً من قرية باريشا، حيث تم القضاء على البغدادي.
وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، ولد القرشي عام 1976 في العراق، واسمه الحقيقي محمد عبد الرحمن المولى، ويحمل أسماء مستعارة عدة، ويُعد أحد مؤسسي التنظيم، ومن كبار منظريه الأيديولوجيين.
ونصبت قيادة "داعش" القرشي خلفاً لأبو بكر البغدادي في نهاية أكتوبر 2019، لكن لم تؤكد الاستخبارات العراقية والأميركية رسمياً من هو إلا بعد أشهر عدة.
وكان القرشي ينشط ضمن "القاعدة" في العراق، قبل أن ينضم إلى "داعش"، ثم يترقى في صفوف التنظيم ليصبح نائباً لأبو بكر البغدادي، ثم خلفاً له.
وساعد القرشي في قيادة اختطاف وقتل الإيزيديين وسبي نساء هذه الأقلية في العراق، وحتى قبل موت البغدادي كان يدير عدداً من فروع التنظيم خارج العراق وسوريا.
وفي تحقيق عام 2020، ذكرت صحيفة "جارديان" البريطانية أن القرشي ينحدر من الأقليّة التركمانية في العراق، ما يجعله واحداً من القادة غير العرب القلائل في التنظيم.
وبحسب الصحيفة، فإن ترقية القرشي لقيادة "داعش" كان مفاجئاً، إذ كان يُنتظر أن يكون خليفة البغدادي عربياً من أجل الحصول على الدعم الكامل من باقي فروع التنظيم.
ولد القرشي لعائلة تركمانية سكنت بلدة تلعفر التي تقع في شمال غرب العراق، وتتبع محافظة نينوى، وتعود أصول تركمان العراق إلى قبائل تركية، ولا يزالوا يشتركون معهم بالكثير من الروابط الثقافية واللغوية.
وأشار التحقيق إلى أن القرشي كان معتقلاً سابقاً في سجن بوكا بمحافظة البصرة جنوبي العراق عام 2008، والذي كانت تديره القوات الأميركية، غير أنه لم يلتق البغدادي في السجن، إذ كان البغدادي قد أُطلق سراحه بعد فترة اعتقال قصيرة انتهت عام 2004.
وتخرج القرشي في كلية العلوم الإسلامية في الموصل، وعمل ضابطاً في الجيش العراقي خلال فترة حكم صدام حسين، وانضم إلى صفوف القاعدة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس" عن "مركز أبحاث مكافحة التطرف".
وتدرج القرشي بسرعة في تنظيم "القاعدة"، خصوصاً بعد القضاء على أبو مصعب الزرقاوي، وفي عام 2008، اعتقل إثر مداهمة القوات الأميركية مواقع للقاعدة في الموصل، وأودع في سجن بوكا بالبصرة، ثم أفرجت عنه عام 2009.
وبحسب مجلة "نيوز لاين" الأميركية، أوضحت نصوص التحقيق مع القرشي أنه تعاون بشكل كبير مع المحققين في الإدلاء بالكثير من المعلومات عن قيادة وعناصر "القاعدة".
وفي مطلع فبراير 2022، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن أبو إبراهيم فجّر نفسه وعائلته بقنبلة، في "عمل جبان يائس"، خلال عملية عسكرية أميركية شمال غربي سوريا.
أبو الحسن الهاشمي.. شقيق البغدادي
في مارس 2022، أعلن تنظيم داعش تعيين أبو الحسن الهاشمي القرشي زعيماً له، خلفاً لأبي إبراهيم الهاشمي القرشي.
وأبو الحسن هو ثالث زعماء التنظيم واسمه الحقيقي جمعة عواد البدري بحسب مصادر أمنية عراقية، قالت أيضاً إنه الأخ الشقيق للزعيم الأسبق للتنظيم أبو بكر البغدادي.
وانضم البدري إلى الجماعات المتشددة في 2003، وكان معروفاً أنه مرافق شخصي دائم للبغدادي ومستشاره للمسائل الشرعية.
وظل أبو الحسن القرشي لفترة طويلة رئيساً لمجلس شورى التنظيم، وهي جماعة قيادية تتولى مسائل التوجيه الاستراتيجي، وتقرر من يتولى "الخلافة" عند وفاة "الخليفة" أو أسره.
وجاء في بحث أجراه الخبير العراقي الراحل في شؤون تنظيم "داعش" هشام الهاشمي، والذي نُشر في 2020، أن البدري كان رئيساً لمجلس الشورى المكون من 5 أعضاء.
أبو الحسين الحسيني القرشي
أبو الحسين الحسيني القرشي هو الزعيم الرابع لتنظيم "داعش"، ابتداء من 30 نوفمبر 2022، إذ أعلن المتحدث باسم التنظيم أبو عمر المهاجر تنصيبه خلفاً لأبي الحسن الهاشمي القرشي، لكن لا توجد عنه معلومات مؤكدة في الوقت الحالي.
اقرأ أيضاً: