مؤتمر "بغداد 2".. مواقف داعمة للعراق ورسائل من تركيا وإيران

جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" بمركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات على ساحل البحر الميت-20 ديسمبر 2022 - @IraqiPMO
جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" بمركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات على ساحل البحر الميت-20 ديسمبر 2022 - @IraqiPMO
دبي- الشرق

افتتح ملك الأردن عبد الله الثاني بمركز الملك الحسين بن طلال على ساحل البحر الميت، الثلاثاء، الدورة الثانية لمؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة"، داعياً  لمواجهة التحديات المشتركة بالعمل الجماعي.

وقال الملك عبد الله الثاني خلال افتتاح القمة: "ندرك أن التحديات التي تواجهنا كثيرة وتزداد تعقيداً، لكننا نؤمن أيضاً أن هذا المؤتمر ينعقد من أجل خدمة مصالحنا المشتركة، لضمان أمن العراق وازدهاره واستقراره ركناً أساسياً في منطقتنا، ونتطلع لمواصلة العمل معكم لتعميق شراكاتنا خدمة لشعوبنا". 

واعتبر أن المؤتمر يمثل فرصة للبناء على مخرجات الدورة الأولى التي انعقدت، العام الماضي، ويعيد التأكيد على دعم المشاركين لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته.

وأشار إلى أن "بغداد 2" ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة الأزمات الأمنية والسياسية، وتحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، بالإضافة إلى الحاجة لتأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي.

وشدد الملك عبد الله الثاني على "إيمان الأردن بحاجة المنطقة للاستقرار والسلام العادل والشامل والتعاون الإقليمي، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة"، مبيناً أن مواجهة التحديات المشتركة تستدعي عملاً جماعياً تلمس شعوب المنطقة آثاره الإيجابية.

العراق: نتطلع للشراكات

من جانبه أفاد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمته بالمؤتمر، بأن حكومته منفتحة على بناء شراكات إقليمية لربط العراق بمحيطه. 

وأضاف السوداني أن بلاده وضعت مكافحة الفساد على رأس أولوياتها، مناشداً الدول الصديقة لمساعدة العراق على استعادة أمواله المنهوبة. 

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مخاطبته مؤتمر الدورة الثانية لمؤتمر
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مخاطبته مؤتمر الدورة الثانية لمؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" بالبحر الميت- 20 ديسمبر 2022 - الشرق

وأشار إلى أن العراق يواجه تهديداً وجودياً بسبب شح المياه، لافتاً إلى أن بلاده عازمة على العمل مع تركيا وإيران لضمان أمنها المائي.

 وأكد السوداني أن بلاده لا تقبل أن ينطلق أي تهديد من العراق ضد أي دولة من دول الجوار أو المنطقة، مؤكداً أن العراق يرفض التدخل بشؤونه الداخلية ومس سيادته أو الاعتداء على أراضيه.

ماكرون يدعو لـ"مسار بعيد عن الهيمنة"

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، العراق إلى اتباع مسار آخر بعيد "عن نموذج يملى من الخارج"، في إشارة إلى إيران التي تتمتع بنفوذ كبير في هذا البلد بحسب "فرانس برس".

وقال ماكرون: "أريد أن أؤكد لكم تمسك فرنسا عبر تاريخها وعملها الدبلوماسي (...) باستقرار المنطقة"، داعياً إلى اتباع "مسار بعيد عن أشكال الهيمنة والإمبريالية، وعن نموذج يُملى من الخارج".

وأضاف أن "العراق اليوم يعد مسرحاً لتأثيرات وتوغلات وزعزعة ترتبط بالمنطقة بأسرها" بدون ذكر إيران التي يحضر وزير خارجيتها المؤتمر.

مصر: كل سبل الدعم للعراق

وهنأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس الوزراء العراقي والشعب العراقي، على استكمال مراحل الاستحقاق الدستورية بما يفتح المجال للانطلاق نحو المستقبل.

وقال السيسي إن "انعقاد القمة يحمل دلالةً سياسية مهمة، على اعتزامنا مواصلة توفير كافة سبل الدعم للعراق ورغبةً صادقة في الانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة من خلال تعزيز العمل في أطر التعاون الثنائي، أو المتعدد، كآلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، أو غيرها"، مجدداً التأكيد على دعم مصر الكامل لجهود العراق الدؤوبة التي تسهم بشكل ملموس في ترسيخ مفهوم الوطن الآمن والمستقر.

واعتبر أن "تحقيق الاستقرار الكامل له متطلبات لا غنى عنها تبدأ بتعزيز دور الدولة الوطنية الجامعة وتمكين مؤسساتها من الاضطلاع بمهامها في حفظ الأمن، وإعلاء سيادة القانون، والتصدي للقوات الخارجة عنه، وصون مقدرات وثروات الشعوب، وهو ما سيوفر المناخ المناسب، لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية المستدامة، وترسيخ دعائم الحكم الرشيد". 

وأكد السيسي رفض مصر أي تدخلات خارجية في شؤون العراق وأهمية مواصلة الجهود المشتركة، لرفع قدرات مؤسسات الدولة في مختلف المجالات كون ذلك هو السبيل الأمثل، في الحفاظ على أمن وسيادة هذا البلد العريق، وهو ما ستنعكس آثاره على أمن سائر دول المنطقة. 

السعودية: نرفض أي اعتداء على العراق

وفي كلمته بالمؤتمر قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن المملكة تؤكد وقوفها جنباً إلى جنب مع العراق لصون استقراره وحفظ سيادته، وترفض أي اعتداء على أراضيه، مؤكداً رفض السعودية "التام لأي اعتداء على أي شبر من أراضي العراق".

كما أكد أن المملكة تعلن "وقوفها صفاً واحداً مع الأشقاء في العراق في محاربة الإرهاب والتطرف وكل من يسعى للدمار والخراب وإثارة الانقسامات".

ورحب بـ"استعادة العراق لدوره الإيجابي البناء لتعميق الثقة والشراكة والسلم إقليمياً ودولياً".

وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن مؤتمر "بغداد 2"، يؤكد الرغبة المشتركة والصادقة لدول المنطقة لاستمرار وتيرة التعاون والدعم للعراق، وترجمتها إلى شراكات فعلية تحقق نتائج ملموسة.

وأشار إلى أن السعودية تدعم الجهود التنموية للعراق لاستعادة مكانته التاريخية، والنهوض به إلى مرحلة جديدة تقدم المصلحة الوطنية فيها على أية اعتبارات أخرى.

وشدد الأمير فيصل بن فرحان على أن بلاده "لن تدخر أي جهد في سبيل دعم مسيرة العراق الاقتصادية والتنموية"، لافتاً إلى أن ذلك يأتي "انطلاقاً من إيمانها التام بأن نماءها ورخاءها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنماء ورخاء جيرانها والمنطقة أجمع".

وأكد على عزم الرياض "المضي قدماً في تفعيل وتسريع خطة العمل المشتركة تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي العراقي".

وأوضح أن العمل مع الحكومة العراقية يأتي لـ"فتح أفاق جديدة للتعاون وتعزيز الفرص الاستثمارية الواعدة ودعوتها لتوسيع نشاطاتها في البلدين في مجالات الطاقة المتجددة والنظيفة وتحلية المياه والزراعة وغيرها من المجالات".

وذكر وزير الخارجية السعودي أن مبادرتي المملكة "الشرق الأوسط الأخضر" و"السعودية الخضراء" ومشروع "الحزام الأخضر"، تشكل "مجالاً من مجالات التعاون المهمة والتي تهدف لتعزيز الشراكة بين الرياض وبغداد، كما يتعاون البلدان من خلال شراكتهما في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك من أجل الحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية ".

"حرب بالوكالة"

قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن العراق لا يجب أن يكون ساحة معركة بالوكالة، مشيراً إلى أنه واجه تحديات خطيرة وكبيرة.

وأضاف بوريل في كلمته خلال قمة "بغداد 2"، أن الاتحاد الأوروبي "صديق حقيقي للعراق، ونحن مستعدون لمواصلة دعم العراق لأن وجود عراق مزدهر وآمن وديمقراطي هو أمر مهم للمنطقة والعالم".

وشدد على ضرورة "احترام وحدة أراضي العراق من جميع الأطراف"، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي يُخطط "لعقد اجتماع على المستوى الوزاري لدعم العراق في النصف الأول من العام المقبل".

وأعرب عن دعم الاتحاد الأوروبي لجهود إنهاء أزمة مخيم "الهول" في سوريا، ودمج العائدين منه في المجتمع العراقي.

وأكد بوريل أن "الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي أثبتت أنها منصة مهمة للطرفين"، مضيفاً: "نتطلع قدماً للعمل بشكل وثيق مع المنطقة في مجالات المناخ والبيئة".

وتطرّق المسؤول الأوروبي إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الأزمة أثرت على الأمن العالمي وليس أوروبا فقط.

ومضى قائلاً، إن "عدوان روسيا على أوكرانيا تسبب بأخطر تهديد للأمن الغذائي العالمي منذ عقود".

 

وأكد بوريل أن الطاقة قضية مركزية في العلاقة مع أوروبا، لافتاً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي عازمة على الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية.

إيران: تسوية النزاعات ممكنة

وأعلن وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، أن بلاده تؤمن بأن تسوية النزاعات وإزالة سوء الفهم يمكن تحقيقها من خلال التعاون بين دول المنطقة.

وقال عبد اللهيان في كلمته إن "انعقاد القمة يأتي دعماً للعراق، وعملنا على تطوير العلاقات مع دول الجوار وبينها العراق"، مؤكداً دعم بلاده لحكومة السوداني، وأشاد بخطواته في إرساء السلام في المنطقة، مؤكداً أن بلاده "تدعم عراقاً موحداً ومستقراً ومتطوراً".

وأضاف أنه يمكن تطوير التعاون في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، مشيراً إلى المكانة المتميزة والقدرات الجيوسياسية والجيواقتصادية لدول المنطقة، ووجود ممرات للنقل البري والبحري يمكن استغلالها في ما يعود بالفائدة على المنطقة بأكملها.

رسالة تركية

قال السفير التركي لدى الأردن مراد قره غوز الثلاثاء، إن أنقرة لن تتسامح مع ما وصفها بالهجمات الإرهابية التي تشن عليها من مناطق مجاورة لها.

وأضاف قره غوز أمام مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة"، أن تركيا تنتهج سياسية خارجية ثابتة تجاه العراق، أساسها احترام سيادته ووحدته وسلامة أراضيه، مشيراً إلى دعم أنقرة لسعي بغداد لبناء علاقات متوازنة مع دول المنطقة.

وأردف: "نحن نحترم جميع جيراننا".

وأعرب عن استعداد بلاده للتعاون مع حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في عدة قضايا ذات اهتمام مشترك، مشيراً إلى أنهم يولون اهتماماً كبيراً لمعالجة القضايا العالقة.

أبرز المشاركين

ويعقد مؤتمر "بغداد 2" بعد دورة أولى أقيمت بالعاصمة العراقية في أغسطس 2021 بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعراق. 

ويشارك في المؤتمر عدد من قادة وممثلي الدول والمنظمات الإقليمية، وتشمل الدول المشاركة مصر والسعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، وسلطنة عُمان، وتركيا وإيران، بحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا".

وأعلنت وكالة أنباء الإمارات "وام"، الثلاثاء، أن الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة يرأس وفد الدولة إلى "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" وذلك نيابة عن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

كما ذكرت الأنباء الكويتية "كونا" أنه نيابة عن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، غادر رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح متوجهاً إلى الأردن لترؤس وفد بلاده في "مؤتمر بغداد2".

ومن المرتقب أيضاً أن يشارك في المؤتمر أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف، وممثلون عن الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

ويحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بصفة ضيف، سفراء الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن المعتمدين لدى الأردن، بحسب "بترا".

أهداف المؤتمر

ويأتي "مؤتمر بغداد2" بهدف "التأكيد على دعم العراق وسيادته وأمنه واستقراره، ولتطوير آليات التعاون معه بما يعزز الأمن والاستقرار ويسهم في عملية التنمية في المنطقة"، بحسب وكالة "بترا".

من جهته، قال المتحدث باسم الوزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن المؤتمر "سينعقد للتأكيد على دعم الدول المشاركة للعراق في عدة ملفات منها سيادة العراق وأمنه واستقراره، ودعم العملية السياسية، والمسيرة الاقتصادية والتنموية وإعادة الإعمار، وبما يلبي طموحات الشعب العراقي".

وأوضح الصحاف لوكالة الأنباء العراقية "واع" أن من أهداف القمة "تطوير آليات التعاون الإقليمية مع العراق في عدد من المجالات التي تشمل مكافحة الإرهاب والأمن الغذائي والأمن المائي والطاقة وغيرها، بالإضافة إلى بحث آليات التعاون الإقليمية التي تحقق التكامل والأمن والاستقرار في المنطقة".

وأشار إلى أن "المشاركين هم المشاركون في مؤتمر بغداد بدورته الأولى بالإضافة إلى كل من سلطنة عمان ومملكة البحرين والاتحاد الأوروبي".

وكانت الرئاسة الفرنسية أكدت أن "الهدف من اجتماع كهذا هو جمع جيران العراق وشركائه حول الطاولة في محاولة للمضي قدماً عبر تعزيز الحوار".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات