قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، إن الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من العقوبات الغربية، وإن بلاده لن تورد النفط بموجب عقود تحدد حدود الأسعار التي تقدمها الدول الغربية.
وانتقد سيلوانوف في مقابلة خاصة لـ"الشرق"، العقوبات المفروضة على النفط الروسي، معتبراً إياها "مقياساً غير سوقي على الإطلاق".
واعتبر أن العقوبات الغربية أثرت على أوروبا بالقدر ذاته الذي أثرت به على روسيا. وتابع: "ما أراده الأميركيون حدث، زادت إمداداتهم من النفط والغاز إلى السوق الأوروبية.. أميركا مستفيدة وأوروبا تخسر".
وكشف وزير المالية الروسي أن بلاده ستبحث عن أسواق جديدة للنفط الروسي، بعيداً عن الغرب، كما تبحث عن لوجيستيات بديلة حتى إذا كانت أكثر تكلفة، لكنها لن تخضع لسقف السعر الذي حددته الدول الأوروبية.
وأوضح أن بلاده قد تضطر إلى الحد من حجم الإنتاج في مكان ما. وأضاف: "نرى الآن أن شركاتنا وشركات النفط تعيد توجيه خطوط إمدادها من الغرب إلى الشرق وإلى بلدان أخرى.. نحن نبحث عن مستهلكين جدد للنفط، حيث سيزداد الطلب على النفط حسب توقعات الوكالات.. سنبحث عن أسواق جديدة، وسنبحث عن لوجستيات جديدة، وربما تكون أكثر تكلفة".
وتواجه روسيا حزمة متزايدة من العقوبات الغربية منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا في فبراير الماضي، وكان آخر تلك العقوبات ما أقره مسؤولو الاتحاد الأوروبي في 3 ديسمبر بتحديد سقف لسعر الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.
وهو القرار الذي بموجبه سيتوجب على أي شخص يريد الحصول على الخدمات الأساسية التي تقدمها الكتلة الأوروبية، وخاصة التأمين، دفع هذا السعر أو أقل.
"تشوهات الأسعار"
وبحسب وزير المالية الروسي فإن السقف السعري "سيؤدي بالتأكيد إلى تشوهات الأسعار وتشوهات السوق".
وأضاف: "ستقدم الدول الغربية غداً على وضع سقوف أسعار لمنتجين آخرين، وهو ما لا يمكننا الموافقة عليه.. ولن نوفر مصدر الطاقة الرئيسي لدينا ببعض الأسعار التي ستحددها الدول الغربية، لن نسمح بذلك".
وقدّر الوزير أسعار النفط بالميزانية عند 70 دولاراً للبرميل، و65 دولاراً بحلول العام 2025.
وتشكل إيرادات النفط والغاز في الموازنة الاتحادية لروسيا نحو ثلث إجمالي الإيرادات، وفقاً للوزير، الذي قال إن موسكو متحفظة للغاية بشأن مؤشرات أسعار موارد الطاقة عند التخطيط للميزانية التي تسعى لخفض العجز بها إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، وأقل من 1% بحلول العام 2025، في حين تبلغ الديون حالياً حوالي 18٪ من الناتج المحلي.
الاتجاه إلى الصين والهند
توقع الوزير أن يحدث، هذا العام، انخفاضٌ في ديناميكيات الاقتصاد بنسبة أقل من 3%، وتجاوز التضخم قليلاً حاجز الـ12%. وذكر أنه تم تحديث قاعدة الميزانية التي تحد من استخدام عائدات ميزانية النفط والغاز للإنفاق، ما سمح بتكديس الاحتياطيات في صندوق الثروة الوطني، الذي ساعد روسيا في التغلب على جميع الصعوبات التي تواجهها في ظروف القيود.
سيلوانوف تطرق خلال المقابلة إلى اتجاه موسكو لتعزيز الانتقال إلى تسوية المعاملات التجارية بالعملات الوطنية، وقال إن "عملة الدول الغربية أظهرت خطورتها"، بعدما تخلفت أوروبا عن الوفاء بالتزاماتها، وجمدت احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية، والتي كانت مخزنة بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني، بحسب الوزير.
وأفاد الوزير قائلاً: "نتحرك أكثر فأكثر مع شركائنا التجاريين إلى الحسابات بعملاتنا الوطنية.. هذا يخلق بعض الأمن والاستقرار، وبالنظر إلى أننا نعيد هيكلة العلاقات التجارية من الغرب إلى الشرق، فإن هذه العملة ستكون مطلوبة في الوقت الحالي".
وحدد سيلوانوف الاقتصادين الصيني والهندي كأبرز الاقتصادات التي تسعى روسيا لاستبدالها بالأسواق الأوروبية، وذكر أن "الغرب يبتعد عن روسيا.. سوف نبحث عن شركاء تجاريين جدد، وقد وجدناهم بالفعل".
ولا يحمل المستقبل أي آفاق بشأن إمكانية استعادة الأصول الروسية التي تمت مصادرتها من جانب الغرب، إذ قال وزير المالية إن العملية "طويلة وليست سريعة"، كما أن روسيا قامت بتجميد جزءٍ من التزاماتها تجاه الدول الغربية، وهو يأمل أن يتم الجلوس على طاولة المفاوضات لبدء إجراء مناقشة حول إلغاء التجميد من جانب الطرفين.
وفقاً لبيانات سابقة حظر الاتحاد الأوروبي نحو 300 مليار يورو (311 مليار دولار) من احتياطيات البنك المركزي الروسي، وجمّد نحو 19 مليار يورو من الأصول التي يحتفظ بها رجال الأعمال الروس الخاضعون للعقوبات، وهي أرقام تقديرية غير نهائية.
وتعمل روسيا على توجيه مواردها لضمان توافر سلامة التكنولوجيا الصناعية، والاستثمار في القطاعات التي تركتها الشركات الأجنبية في روسيا، ومنها الأمن التكنولوجي، وفقاً لتصريحات الوزير.
اقرأ أيضاً: