ليبيا.. حكومة باشاغا تهدد بمنع وصول إيرادات النفط إلى الدبيبة

رئيس الوزراء الليبي المكلف من البرلمان فتحي باشاغا يزور مواقع خدمية في مدينة الكفرة. 27 ديسمبر 2022 - Facebook/@GovernmentLY
رئيس الوزراء الليبي المكلف من البرلمان فتحي باشاغا يزور مواقع خدمية في مدينة الكفرة. 27 ديسمبر 2022 - Facebook/@GovernmentLY
دبي-الشرق

قالت الحكومة المكلفة من البرلمان في ليبيا برئاسة فتحي باشاغا، السبت، إنها ستتخذ إجراءات لوقف تدفق إيرادات النفط والغاز إلى الحسابات المصرفية للمؤسسة الوطنية للنفط، لضمان عدم وصولها إلى حكومة "الوحدة" المقالة من البرلمان برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بسبب ارتكاب الأخيرة "مخالفات مالية جسيمة".

وأرجعت وزارة التخطيط والمالية في حكومة باشاغا، السبب، إلى "جرائم ومخالفات مالية جسيمة"، بحسب خطاب وجهته الوزارة إلى النيابة العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، ونشرته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل نحو عامين يرأسها عبد الحميد الدبيبة (مقالة من البرلمان) الرافض لتسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة. والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيَّنها البرلمان فبراير الماضي، وتتخذ من سرت (وسط) مقراً مؤقتاً لها، بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.

وأضافت وزارة التخطيط والمالية: "سنلجأ لاتخاذ جملة من الإجراءات التصعيدية بقصد إيقاف تدفق الإيرادات الناتجة عن مبيعات النفط والغاز إلى الحسابات المصرفية للمؤسسة الوطنية للنفط، وذلك من باب حفظ هذه الأموال من الهدر والتبذير".

"تضليل وافتراء"

وذكرت وزارة التخطيط والمالية، أن "رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، بتاريخ 28 ديسمبر 2022، قام بتعلية (ترحيل) مبلغ يزيد عن  16 ملياراً و500 مليون دينار من مخصصات الباب الثالث بما يسمى (الترتيبات المالية) التي قدرها لهذه السنة، من دون سند قانوني".

واعتبرت أن هذا التصرف "مقصده التهرب من ترجيعه لحساب الاحتياطي العام في نهاية السنة المالية كما تقضي بذلك التشريعات النافذة"، مشيرة إلى أن "الإقدام على تعلية مبلغ بهذه الضخامة، والادعاء بأنه يخص تنفيذ مشروعات تنموية لم يتم استكمال إنجازها خلال السنة المالية، ما هو إلا تضليل وافتراء".

ورأت أن "المؤسسة الوطنية للنفط لعبت دوراً محورياً مخالفاً للقانون، وذلك بتغذية حسابات وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بالتغطية المالية من الإيرادات النفطية المودعة بحساب المؤسسة لدى المصرف الليبي الخارجي".

من يدير النفط؟

تتولى "المؤسسة الوطنية للنفط" تسويق النفط، فيما تتدفق عائدات النفط عبر مصرف ليبيا المركزي، الذي يوجد مقره في طرابلس التي تسيطر عليها قوات الحكومة المقالة من البرلمان. ويستغل المصرف المركزي عائدات النفط من أجل توزيع أجور موظفي الدولة، والتي تشكل أكثر من نصف الإنفاق العام، في أنحاء البلاد.

وحاولت المؤسسات المتواجدة في شرق ليبيا، خلال السنوات الأخيرة، بيع النفط على نحو مستقل عن طرابلس، غير أن مجلس الأمن الدولي حظر الأمر في 2021، وأكد أن "المؤسسة الوطنية للنفط" هي الوحيدة التي تملك حق تصدير النفط.

وفي فبراير 2021، أسفرت محادثات برعاية الأمم المتحدة عن تشكيل حكومة "الوحدة الوطنية"، وأعقب ذلك توافقاً في أغسطس 2021 على استئناف إنتاج النفط، على أن يتم "إيداع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي، وألا يتم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة"، وفق مخرجات مؤتمر برلين.

على الرغم من ذلك، استمر انعدام الرقابة وغموض إنفاق إيرادات النفط حتى مطلع 2022، بحسب ما أكدت وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو لمجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا في مارس الماضي.

إغلاقات متكررة

وتتكرر عمليات الإغلاق للحقول والموانئ النفطية منذ احتجاجات 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، بسبب تهديدات أمنية أو احتجاجات أو خلافات سياسية، والتي تسببت بخسائر تجاوزت 100 مليار دولار، بحسب البنك المركزي الليبي.

وكانت أبرز عمليات الإغلاق في 2020، على خلفية هجوم شنه الجيش الليبي على العاصمة طرابلس، إذ فرض الجيش حصاراً نفطياً بين يناير 2020 حتى وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، ما سبب بخسائر في الإيرادات تفوق 10 مليارات دولار، بحسب الأمم المتحدة.

وفي يناير 2021، عطَّل "حرس المنشآت البترولية" ميناء الحريقة بشرق ليبيا، للضغط على "المؤسسة الوطنية للنفط" من أجل صرف أجورهم.

وفي أبريل 2021، أعلنت المؤسسة "حالة القوة القاهرة"، وتوقف عمليات إنتاج وتصدير شحنات النفط الخام عبر ميناء الحريقة النفطي، بسبب رفض مصرف ليبيا المركزي تسييل ميزانية قطاع النفط لشهور طويلة.

وفي ديسمبر 2021، أغلق "حرس المنشآت البترولية"، حقل الشرارة، وحقول أخرى أصغر حجماً في غرب البلاد، بسبب نزاع مع مؤسسة النفط، بشأن مدفوعات الرواتب المتأخرة.

وفي الشهر ذاته، عطَّل متظاهرون تحميل ناقلة نفط، واستولوا على غرفة التحكم في مرفأ السدر النفطي، للمطالبة بإقالة مصطفى صنع الله، رئيس "المؤسسة الوطنية للنفط"، الذي كان يخوض صراعاً على السلطة مع وزير النفط محمد عون.

كما تصاعد التوتر بين عون وصنع الله أواخر 2021، بعد أن طلب وزير النفط من الحكومة إقالة رئيس "المؤسسة الوطنية للنفط" وإعادة تشكيل مجلس إدارتها. ونتيجة لتلك الخلافات هددت جماعة تطلق على نفسها "سكان منطقة الهلال النفطي" بوقف صادرات نفط البلاد للخارج، عبر السيطرة على موانئ التصدير حتى تتم إقالة صنع الله.

وفي مارس 2022، أفادت "بلومبرغ" بأن حقلي "الشرارة" و"الفيل" تعرضا للإغلاق بعد أن أقدمت جماعات مجهولة على إغلاق الصمامات الرئيسية. كما أُغلقت ستة موانئ لشحن النفط الليبي إلى الأسواق الدولية.

وفي يوليو 2022، أقالت حكومة الدبيبة مصطفى صنع الله، وعيّنت محله فرحات بن قدارة، وسط جدل سياسي وخلافات حول الصلاحيات بين وزارة النفط الليبية ومجلس الإدارة المقال، ثم ما لبست إدارة مؤسسة النفط الجديدة أن أعلنت "رفع حالة القوة القاهرة، والإنهاء الشامل للإغلاقات في الحقول والموانئ النفطية الليبية كافة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات