كيسنجر يحذر من مغبة "تدمير روسيا".. ويجدد دعوته إلى الحوار

وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر يتحدث عبر الفيديو في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا. 17 يناير 2023 - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر يتحدث عبر الفيديو في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا. 17 يناير 2023 - REUTERS
دبي - الشرق

قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الثلاثاء، إنَّ الحرب الجارية في أوكرانيا أظهرت افتقار روسيا إلى القدرة على غزو أوروبا من خلال الوسائل التقليدية، محذراً، في الوقت نفسه، من تحويل الصراع إلى "حرب ضد روسيا نفسها"، ومن مغبة "تدمير روسيا".

وخلال مداخلة عبر الفيديو في "منتدى دافوس" الاقتصادي، قال كيسنجر إنَّ الحرب الجارية في أوكرانيا "أظهرت أنَّ روسيا على الأرجح ليس لديها القدرة على غزو أوروبا من خلال الوسائل التقليدية".

وأوضح كيسنجر خلال مداخلته في الجلسة التي حملت عنوان: "وجهات نظر تاريخية حول الحرب"، أنه كان يعارض قبل الحرب انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) "خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى بدء صراع من النوع الذي شهدناه في العام الماضي"، في إشارة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتابع: "لكن طالما بدأ الغزو بالفعل، فإنَّ عضوية أوكرانيا في الناتو ستكون نتيجة مناسبة للصراع"، لافتاً إلى أنَّ "فكرة أوكرانيا المحايدة في ظل هذه الظروف لم تعد مجدية".

وقال كيسنجر إنَّ الولايات المتحدة يجب أن تستمر في دعم أوكرانيا، "وإن لزم الأمر تكثيف دعمها العسكري لكييف حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار بناءً على خط محدد، أو القبول بذلك في بعض المناقشات الأولية مع موسكو".

خطر تدمير روسيا

وأشار كيسنجر الذي تولى وزارة الخارجية الأميركية في الفترة بين (1973 - 1977) إلى أنَّ محادثات السلام "يجب أن تبدأ بمجرد استعادة القوات الأوكرانية للأراضي التي احتلَّتها موسكو منذ الغزو"، معتبراً أنَّ هذا "سيمنع الحرب من أن تصبح حرباً ضد روسيا نفسها، وسيمنح روسيا فرصة لإعادة الانضمام إلى النظام الدولي".

ورغم إقراره بأنَّ هذه المقاربة قد تبدو "جوفاء جداً" للدول التي تعرضت لضغوط روسية في معظم فترة ما بعد الحرب الباردة، إلا أنه حذر من أنَّ استمرار الوضع الحالي "قد يدفع روسيا إلى إعادة تقييم وضعيتها التاريخية، والتي كانت خليطاً من الانجذاب نحو ثقافة أوروبا، والخوف في الوقت نفسه من الخضوع للهيمنة الأوروبية".

وأشار كيسنجر إلى أنه يفضل الحوار مع روسيا "حتى في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، "لأنَّ تدمير روسيا كدولة قادرة على اتباع سياساتها الخاصة، سيفتح هذه المنطقة الشاسعة، التي تتكون من 11 منطقة زمنية، أمام الصراعات الداخلية، والتدخل الخارجي، في وقت يوجد فيه أكثر من 15 ألف سلاح نووي على أراضيها".

ورغم تفضيله للحوار مع موسكو، إلا أن الدبلوماسي الأميركي السابق أوصى بإبقاء العقوبات والإجراءات الأخرى المفروضة على روسيا "حتى التوصل إلى تسوية نهائية"، مضيفاً: "أعتقد أن هذا هو السبيل لمنع تصعيد الحرب".

وقال كيسنجر إنه في نهاية عملية محادثات السلام "يجب أن تحصل أوكرانيا على ضمانات من الناتو".

وأعرب كيسنجر عن إعجابه برئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي و"السلوك البطولي" للشعب الأوكراني. 

مفاوضات تايوان

وفيما يتعلق بتايوان، كشف كيسنجر أنه عندما بدأ الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون والرئيس الصني ماو تسي تونج، في التحرك لإحراز تقدم في العلاقات بين واشنطن وبكين، "كانت هناك 152 جلسة مفاوضات حول تايوان، وفي كل مرة أغلقت تلك المفاوضات بسرعة، إذْ كان موقف كل جانب غير مقبول للآخر".

وأشار إلى أنه "تم وضع قضية تايوان في إطار الترتيبات التي يمكن أن تتطور فيها تايوان اقتصادياً دون تأكيد الولايات المتحدة على الصين المنفصلة".

وأوضح أنَّ هذه العملية تعرضت لضغوط في الآونة الأخيرة، "لكن رئيسي الصين والولايات المتحدة التقيا مؤخراً لوقف التحرك نحو الصراع، وخلق أساس للحوار"، وذلك في إشارة إلى القمة التي جمعت جو بايدن وشي جين بينج على هامش قمة العشرين في إندونيسيا، في نوفمبر الماضي.

وأكد كيسنجر أنه يجب أن تكون هناك "قناعة عميقة من كلا الجانبين بحل قضية وضع تايوان"، مشيراً إلى المخاطر المحتملة لصراع بين دولتين لديهما خبرة في الذكاء الاصطناعي، وقدرات الأسلحة النووية.

انتقادات

وأثار كيسنجر انتقادات، العام الماضي، بعدما نصح أوكرانيا بالتنازل عن أراضٍ، من أجل تحقيق السلام مع روسيا.

وخلال مداخلة افتراضية أمام منتدى دافوس في مايو 2022، حذر كيسنجر من أن الفشل في استئناف المفاوضات مع روسيا وفرض مزيد من العزلة على الكرملين، ستكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد بشأن الاستقرار في أوروبا.

وقال: "يجب أن تبدأ المفاوضات، قبل أن يؤدي الصراع إلى اضطرابات وتوترات لن يتم التغلّب عليها بسهولة. من الناحية المثالية، يجب أن يتمثل الخط الفاصل في العودة إلى الوضع السابق"، مشيراً فيما بدا حينها إلى استعادة أوكرانيا حدودها كما كانت عليه قبل بدء الغزو الروسي، في 24 فبراير الماضي. واستدرك: "مواصلة الحرب بعد تلك النقطة لن يكون حول حرية أوكرانيا، بل حرب جديدة ضد روسيا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات