وجه المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، الاثنين، اتهامات إلى 8 مسؤولين لبنانيين، وذلك بعد استئناف التحقيقات في القضية التي تم تعليقها لمدة 13 شهراً، جرّاء قضايا رفعها تباعاً عدد من المُدعى عليهم ضد المحقق (بيطار).
وقرر القاضي بيطار إخلاء سبيل 5 موقوفين منذ الانفجار الذي هز العاصمة في أغسطس 2020، وهم مدير عام الجمارك السابق شفيق مرعي، مدير العمليات السابق في المرفأ سامي حسين، متعهّد الأشغال في المرفأ سليم شبلي، مدير المشاريع في المرفأ ميشال نحول والعامل السوري أحمد الرجب، ومنعهم من السفر، كما رفض إخلاء سبيل 12 آخرين وأبقاهم قيد التوقيف.
وادعى المحقق العدلي على 8 أشخاص جدد، بينهم مسؤولان أمنيان رفيعان، هما: المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة طوني صليبا، بحسب ما أفاد مسؤول قضائي وكالة "فرانس برس".
ووصف متحدث باسم ضحايا انفجار مرفأ بيروت قرار استئناف التحقيق بـ"النبأ الأكثر إيجابية في القضية حتى الآن".
وكان بيطار ادعى قبل أكثر من عام على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين بينهم وزيرا الأشغال يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المال السابق علي حسن خليل، كما طلب استجواب كل من إبراهيم وصليبا، لكنه اصطدم بتدخلات سياسية حالت دون اتمام عمله، مع اعتراض قوى رئيسية، أبرزها "حزب الله"، على عمله واتهامه بـ"تسييس" الملف، وصولاً إلى المطالبة بتنحيه.
وعُلق التحقيق في الانفجار الذي أسفر عن أكثر من 215 ضحية و6 آلاف و500 جريح في ديسمبر 2021، بسبب رفع نحو 20 دعوى تباعاً من قبل المُدعى عليهم، بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون، للمطالبة بكف يد بيطار عن الملف.
لا قيمة لدعاوى الردّ
وتجاهل المحقق العدلي 40 دعوى تطالب بتنحيه، وأعدّ دراسة قانونية تتيح له استئناف مهامه، مبرراً خطوته المفاجئة بأسباب عدّة، منها أن "المادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، نصّت على أن "المجلس العدلي يؤلف من الرئيس الأول لمحكمة التمييز، و4 أعضاء من محاكم التمييز، يعينون بمرسوم من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل، وموافقة مجلس القضاء الأعلى".
ولفت إلى أن المادة نفسها تضمنت ما مفاده، أن "المرسوم نفسه يقضي بتعيين عضو رديف أو أكثر في المجلس العدلي، يحلّ محلّ القاضي الأصيل في حال إحالته على التقاعد أو الوفاة، أو في حال ردّه".
ولاحظ أن "القانون نصّ على ردّ أعضاء في المجلس العدلي، لكنه لا وجود لأي نص قانوني يتحدث عن ردّ المحقق العدلي، وبالتالي لا قيمة لدعاوى الردّ المقدمة ضده".
وشدّد بيطار على أن "شخص المحقق العدلي مرتبط بالقضية التي ينظر فيها، فإذا أُقيل المحقق العدلي تنتهي القضية".
وأضاف: "يمكن للمحقق أن يدّعي على جميع الأشخاص من دون طلب الإذن من أي إدارة أو وزارة"، معتبراً أن "المادة 356 من قانون المحاكمات الجزائية، أخذت معياراً واحداً، ويتعلق بطبيعة الفعل الجرمي لإحالة الدعوى على المجلس العدلي، من دون إعطاء أي اعتبار لهوية المرتكبين"، مشيراً إلى أن المادة أكدت أن المجلس هو المرجع الوحيد للبتّ بها".
وبرر المحقق العدلي إعطاء الحق لنفسه بالادعاء على قضاة وأمنيين وعسكريين من دون الحصول على إذن من الإدارات المعنية، وذكّر أن "المادة 362 من المحاكمات الجزائية، رفعت أي قيود عن مهام المحقق العدلي، وأعطته صلاحيات مماثلة للصلاحيات العائدة للنائب العام التمييزي في الادعاء".
وتوقّعت مصادر قضائية أن "تتجاهل النيابة العامة التمييزية قرارات بيطار وترفض تنفيذها"، إلّا أن مصادر مقربة من المحقق العدلي شددت على أن الأخير "لن يتأثر برفض النيابة العامة لقراراته وعندها سيلجأ إلى إبلاغ المدعى عليهم، وفي حال لم يحضروا سيصدر مذكرات توقيف غيابية بحقهم".
وفد فرنسي
ويأتي قرار بيطار استئناف التحقيقات، بعد نحو أسبوع على لقائه وفداً قضائياً فرنسياً، خلال زيارة هدفت للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي بشأن سقوط وإصابة فرنسيين في الانفجار.
وأوضح مسؤول قضائي أن بيطار فنّد خلال اللقاء "المراحل التي قطعها التحقيق، وما تبقّى منه، والعراقيل التي تواجهه منذ أكثر من عام"، لكنه "رفض إطلاع الوفد على مضمون التحقيق أو تزويده بأي مستند، باعتبار أن يده مرفوعة عن الملف بفعل دعاوى الرد المقامة ضدّه".
وسبق أن كلفت النيابة العامة في باريس قاضيي تحقيق في دائرة الحوادث الجماعية بالتحقيق بشأن انفجار المرفأ، نظراً لوجود فرنسيين في عداد الضحايا، وفُتح التحقيق القضائي بتهمتي "القتل غير المتعمد" والتسبب "بإصابات بشكل غير متعمد".