قال ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق باراك عيلام، والذي يرأس حالياً شركة "نايس" للبرمجيات القائمة على تكنولوجيا الحوسبة السحابية، إنه لم يكن يواجه أية مشاكل في الترويج لإسرائيل كوجهة استثمارية.
وأشار عيلام إلى أنه هذا الترويج قد يتغير عندما بدأ مستثمرون كبار كان يتشارك معهم على مدى سنوات في طرح أسئلة محددة بشأن إصلاح قضائي كبير في البلاد.
وقال ضابط المخابرات الإسرائيلي (47 عاماً): "في الوقت الحالي، لم يسحبوا أي استثمار لهم لكنهم يراقبون بعناية".
ومقترحات الحكومة اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو لتعزيز السيطرة السياسية على التعيينات القضائية، وإضعاف قدرة المحكمة العليا الإسرائيلية على إلغاء تشريع أو الحكم ضد أي إجراء حكومي، دفعت عشرات الآلاف للخروج إلى شوارع تل أبيب ومدن أخرى خشية تسييس النظام القضائي والتعدي على استقلاليته.
وقال يوآف تسرويا الشريك في صندوق رأس المال المخاطر "جيه في بي"، إن المستثمرين قلقون في الأساس بشأن الاستقرار والفساد ومدى الثقة في النظام القضائي.
"الاقتصاد في خطر"
وفي وقت سابق الأسبوع الجاري، جاء في رسالة مفتوحة من مجموعة تضم أكثر من 270 خبيراً في الأعمال والاقتصاد، بينهم مسؤولون سابقون بالبنك المركزي ومستشارون سابقون لنتنياهو، أن الإصلاحات القضائية تمثل "خطراً على الاقتصاد الإسرائيلي".
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع العشرات من كبار رجال الأعمال، إن الإصلاحات القضائية ستعزز النمو بينما سيظل النظام القانوني مستقلاً.
وأضاف في بيان: "لا يهدف الإصلاح لتجنب إلحاق الضرر بالاقتصاد فحسب، وإنما سيتيح له الانطلاق".
واستقلالية النظام القانوني أمر مهم لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية لحماية أصولها الرئيسية وحقوق الملكية الفكرية، ويقول بعض مدراء الشركات التنفيذيين إنهم قد يفكرون في الانتقال من إسرائيل بسبب خطط حكومة نتنياهو.
والخميس، اليوم التالي لرفض نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش المخاوف من أن تلحق المقترحات ضرراً بالاقتصاد، أعلنت إينات جويز، الرئيسة التنفيذي لشركة "بابايا جلوبال"، أن الشركة المتخصصة في الخدمات المتعلقة بكشوف المرتبات ستسحب أموالها من إسرائيل.
وقالت جويز: "الكل يعلم أن إسرائيل لا تقف على أرض صلبة أبداً بسبب القضايا الدبلوماسية المعقدة.. لكننا الآن نضيف (إلى ذلك) هذا الإصلاح الذي يبدو في نهاية الأمر كعامل يلحق الضرر بالديمقراطية، وهذه ضربة قاتلة".
قلق على الاستثمار
وقالت إدارة نتنياهو إن الإصلاح ضروري لكبح جماح القضاة النشطاء، ووصفتهم بأنهم تجاوزوا حدودهم ودخلوا في قلب عملية صنع القرار السياسي.
والأربعاء، قال نتنياهو: "لن يمس أحد حقوق الملكية الفكرية واحترام الاتفاقات، وهي قيم مقدسة بالنسبة لنا وتمثل اختباراً مهماً".
وفي بلد مليء بالانقسامات بشأن الصراع مع الفلسطينيين وقضايا الدين والدولة، ظل قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي بشكل عام بعيداً عن المناقشات السياسية الحساسة.
لكن مقترحات الإصلاح القضائي تثير قلقاً واضحاً لدى الكثيرين في صناعة تمثل 15% من إجمالي الناتج الاقتصادي للبلاد، و10% من القوة العاملة فيها، وأكثر من نصف صادراتها وربع دخلها الضريبي.
وقال آدم فيشر، الشريك في شركة الاستثمار "بيسيمر فنشر بارتنرز": "لقد اجتهدنا حقاً كي تصبح إسرائيل مكاناً رائعاً للاستثمار، ولم يحدث ذلك بسبب سياسة أي حكومة أو بسبب المعاملة الضريبية، بل كان ذلك بفضل رواد الأعمال أنفسهم". وأضاف: "يمكن أن يضيع ذلك بسرعة كبيرة".
"سنقيم الوضع.. ونقرر"
ومنذ عام 2015، جمعت شركات التكنولوجيا الإسرائيلية ذات التوجهات العالمية نحو 77 مليار دولار، معظمها من مستثمرين أجانب. وجاء 51 مليار دولار من هذا المبلغ بين عامي 2020 و2022، وتحقق رقم قياسي بلغ 26 مليار دولار في عام 2021.
وقال فيشر إنه يخشى من أن الحكومة التي تسيطر على القضاء قد تتحدى الرأي العام العالمي وتضر بسمعة إسرائيل في الخارج، وتجعل الحياة في الداخل أقل راحة بالنسبة لمن يختلفون معها.
وهناك أيضاً قلق أكبر بشأن تزايد الفجوات بين تل أبيب بطابعها الليبرالي ونمط حياتها السريع وعدد كبير من شركات التكنولوجيا الناشئة وبين النبرة القومية الحادة للحكومة الجديدة وأحزابها المؤيدة للمستوطنين والمتدينين.
وفي هذا الأسبوع، أرغمت المحكمة العليا نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد لكنه ينفيها، على إقالة أرييه درعي رئيس أحد الأحزاب المشاركة في ائتلافه الحاكم من منصب وزير الداخلية، بسبب إدانته في قضية تتعلق بالضرائب.
وربما تكون خطط الإصلاح القضائي قد قلبت الموازين بالنسبة للبعض ممن يديرون شركات التكنولوجيا في إسرائيل.
اقرأ أيضاً: