رغم انتعاش التجارة.. نائب أميركي: احتمالات الحرب مع الصين "كبيرة للغاية"

النائب الجمهوري بمجلس النواب الأميركي مايك ماكول خلال لقاءه مبعوثة تايوان لدى الولايات المتحدة هسياو بي خيم، الكابيتول - 26 يناير 2023 - Twitter@RepMcCaul
النائب الجمهوري بمجلس النواب الأميركي مايك ماكول خلال لقاءه مبعوثة تايوان لدى الولايات المتحدة هسياو بي خيم، الكابيتول - 26 يناير 2023 - Twitter@RepMcCaul
واشنطن- رويترزأ ف ب

 قال العضو الجمهوري البارز في الكونجرس الأميركي مايك ماكول، الأحد، إن "احتمالات نشوب صراع" مع الصين بسبب تايوان "كبيرة للغاية"، بعد أن أثار جنرال أميركي حالة من الذعر بمذكرة حذر فيها من أن الولايات المتحدة ربما تكون مقدمة على حرب مع الصين في غضون عامين، في وقت أظهرت البيانات انتعاش التجارة بين البلدين واقترابها من تحقيق "رقم قياسي".

وفي مذكرة تحمل تاريخ الأول من فبراير 2023، لكنها صدرت الجمعة، كتب الجنرال مايك مينيهان، الذي يرأس قيادة النقل الجوي ويعمل تحت إمرته 110 آلاف من العسكريين والمدنيين: "حدسي يدلني على أننا سنخوض قتالاً في عام 2025".

وقال مايك ماكول، الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، لشبكة "فوكس نيوز"، الأحد: "آمل أن يكون مخطئاً.. أعتقد أنه على حق".

ولا تمثل آراء الجنرال وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، لكنها تظهر القلق في أعلى مستويات الجيش الأميركي من محاولة محتملة من بكين لفرض سيطرتها على تايوان، التي تعتبرها الصين تابعة لها.

وكتب مينيهان أن الولايات المتحدة وتايوان ستجريان انتخابات رئاسية في عام 2024، ما قد يوجد فرصة للصين للقيام بعمل عسكري.

"حرب أكثر احتمالاً"

وقال ماكول إنه "إذا فشلت الصين في السيطرة على تايوان بلا إراقة دماء، أعتقد أنهم سيفكرون في غزو عسكري، ويجب أن نكون مستعدين لذلك".

واتهم العضو الجمهوري الإدارة الديمقراطية للرئيس جو بايدن بالضعف بعد الانسحاب من أفغانستان، ما قد يجعل الحرب مع الصين "أكثر احتمالاً".

وقال ماكول إن "احتمالات أن نشهد صراعاً في الصين وتايوان والمحيط الهندي كبيرة للغاية".

وفي وقت سابق من يناير، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه يشك بشدة في أن تكون الأنشطة العسكرية الصينية المتصاعدة بالقرب من مضيق تايوان علامة على غزو وشيك للجزيرة من قبل بكين.

وقال مسؤول في البنتاجون، السبت، إن تصريحات الجنرال "لا تعبر عن وجهة نظر الوزارة إزاء الصين".

مراقبة المنافسة مع الصين

وسبق أن صوّت مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة، في وقت سابق من يناير الجاري، لصالح تشكيل لجنة لمراقبة المنافسة الاستراتيجية مع الصين، يرأسها النائب الجمهوري مايك جالاجر.

وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي إن اللجنة "ستعالج قضايا مثل إعادة الوظائف من الصين إلى الولايات المتحدة، وتأمين الملكية الفكرية وإعادة سلاسل التوريد إلى البلاد".

بالإضافة إلى القضايا أعلاه، ساد توتر في العلاقات بين البلدين على خلفية مسائل عدة، أهمها الضغوط الصينية على تايوان، وشفافية بكين بشأن تعاملها مع فيروس كورونا، الذي ظهر لأول مرة هناك.

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أشارت إلى التنافس بين الولايات المتحدة والصين على أنه "أشبه بالحرب الباردة"، باعتباره عداء بين قوتين عظميين، مضيفة في تقرير نشرته مطلع العام الجاري أنه "إذا كان موقف القوة أحادي القطب للولايات المتحدة هو السمة المميزة لحقبة ما بعد الحرب الباردة، فإن التحول إلى هيكل قوة ثنائي القطب بين الولايات المتحدة والصين سيشكل نظاماً عالمياً جديداً".

تجارة رغم التوتر

ورغم التوتر بين بكين وواشنطن، تشهد التجارة بين البلدين تحولات على خلفية وباء كوفيد والأزمات السياسية، لكن جهود تخفيف درجة الارتباط بين القوتين العظميين لم تؤد إلى انفصال سريع.

وفي ظل تصاعد المخاوف الأمنية وتراجع واردات الولايات المتحدة من الصين بعدما تبادلت واشنطن وبكين فرض الرسوم الجمركية، ارتفع حجم التجارة مجدداً بين البلدين. ويمكن أن ترتفع الأرقام أكثر عندما يتم نشر بيانات 2022 التجارية الشهر المقبل، في إشارة إلى مدى تشابك أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

لكن خبراء يشيرون إلى أن التوتر ترك آثاره بأشكال أخرى. وتقول ماري لافلي، من "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" إن "الواردات الأميركية من الصين أقل بكثير من الاتجاه الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب التجارية".

وتضيف: "هناك بالتأكيد ابتعاد عن الصين في الواردات الأميركية، خصوصاً أو بشكل أساسي السلع التي زادت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية عليها".

وبعد اندلاع الحرب التجارية، تراجعت قيمة السلع الأميركية المستوردة من الصين من 506 مليارات دولار في 2017 إلى نحو 450 مليار دولار في 2019.

ولا تعد العلاقات الثنائية العامل الوحيد المؤثر على التجارة، إذ إن وباء كورونا أثّر بشكل كبير أيضاً. ففي نوفمبر الماضي، شهدت الصين أكبر تراجع في الصادرات منذ بدء الوباء، إذ شكل اعتمادها سياسة "صفر كوفيد" المتشددة ضربة للنشاط الصناعي.

ويشير رايان سويت، من "أكسفورد إيكونومكس"، إلى أن "التحوّل الجاري في الولايات المتحدة للابتعاد عن الإنفاق على السلع" يؤثر أيضاً على الواردات.

وأنفق الأميركيون بشكل كبير على المنتجات المستوردة خلال فترة الوباء، لكن "الناس عادوا للخروج والإنفاق على الخدمات" مع تراجع حدة المخاوف المرتبطة بالفيروس، على حد قوله.

ويخفف ذلك الطلب على السلع الاستهلاكية، وهو ما يمكنه بالتالي تفسير سبب عدم ارتفاع الأرقام أكثر.

رقم قياسي

وتظهر بيانات الحكومة الأميركية الصادرة حتى نوفمبر أن إجمالي حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يقترب أو يسجّل رقماً قياسياً في 2022.

ويقول سويت: "مع مرور الوقت، سنشهد تنويعاً أكثر" مقارنة بتخل كامل عن الشحنات القادمة من الصين.

وواجه مصنّعو السيارات مثلاً مشاكل في سلاسل الإمداد خلال فترة الوباء. كما أن ازدياد الاضطرابات المرتبطة بعوامل مناخية "يزيد مخاطر (الاعتماد على) سلاسل إمداد مركّزة بشكل كبير في شركة أو منطقة جغرافية واحدة"، بحسب المحاضر في "الجامعة الأميركية" روبرت كوبمان، الذي كان كبير خبراء الاقتصاد لدى "منظمة التجارة العالمية".

وتحاول الولايات المتحدة الاعتماد على نفسها بشكل أكبر في قطاعات معيّنة مثل أشباه الموصلات.

ويقول كوبمان إن "قانوني خفض التضخم والرقائق الإلكترونية الأخيرين والعقوبات المرتبطة بهما، تعد مؤشرات واضحة على جهود إدارة بايدن لفك الارتباط بالصين" في هذه المجالات.

الابتعاد عن الصين

وتقول إميلي بينسون، من "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، إنه "بينما تعيد الشركات تقييم الخطر وتراجع الوضع الحالي لسلاسل الإمداد التي تعتمد عليها، يبرز الابتعاد عن الصين والتحول إلى بلدان أخرى.. كالنتيجة الوحيدة الثابتة". وقد تكون هذه البلدان في جنوب شرقي آسيا أو أقرب إلى الولايات المتحدة.

وتضيف بينسون لـ"فرانس برس": "بينما ينمو هذا الاتجاه بشكل متزايد، فهو يشبه في الوقت ذاته تسرّب الرمال من كيس أكثر مما يشبه تسونامي".

وتشير بينسون إلى أنه ما زال "من المبكر جداً" على الأرجح إعطاء رأي نهائي بشأن الصناعات، لكن ضوابط التصدير الأميركية "ستُجبر على نوع من فك الارتباط" مع مرور الوقت في التكنولوجيا أو في مجالات تعد أشباه الموصلات رئيسية فيها.

"استبدال"

وتلفت ماري لافلي، من "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" إلى أن بعض الأعمال التجارية انتقلت من الصين إلى بلدان مثل فيتنام أو المكسيك.

وتقول: "تم بالتأكيد استبدال بعض المورّدين"، مضيفة أن ذلك يغذيه جزئياً فتح مستثمرين صينيين معامل خارج بلدهم.

وتوضح: "في المكسيك، الوضع مختلف. كانت هناك بعض الاستثمارات الصينية، لكن الجزء الأكبر يعود إلى (شركات) متعددة الجنسيات تقترب أكثر من الولايات المتحدة".

لكن روبرت كوبمان يحذّر من أن بلدان مثل المكسيك ستحتاج إلى إصلاحات داخلية لتعزيز التنافسية، وخفض التكاليف التجارية غير الواضحة للاستفادة بشكل أكبر من التحوّل.

كما أن استيراد الولايات المتحدة للسلع من الاتحاد الأوروبي يزداد، إذ تفيد آخر الأرقام السنوية للعام 2022 أن الرقم وصل إلى 504.4 مليار دولار في نوفمبر، أي أعلى من قيمة المنتجات المستوردة من الصين في الفترة ذاتها والتي بلغت 499.5 مليار دولار.

لكن خبراء اقتصاد يشيرون في تفسيرهم إلى الاتجاه إلى ازدياد في النشاط التجاري حول العالم ما بعد كوفيد.

وتقول بينسون: "هذه الأرقام تعدّ لمحة صغيرة وتمثّل على الأرجح عودة الاقتصاد العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء أكثر من كونها مؤشرا على أي تحرّك محدد لفك الارتباط".

وفي وقت تتعافى الصين من تفشي الإصابات بعدما خففت قواعد كوفيد، تتوقع أيضاً ازدياداً ملحوظاً في الواردات، بحسب ما أفاد هذا الشهر نائب رئيس وزرائها ليو هي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات